كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن
«سبحان الله وبحمده»... أصل من أصول التوحيد وتنزيه لله عن كل ما لا ينبغي أن يوصف به
1 يناير 1970
06:07 ص
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم».
وفي هذا البحث المختصر نبحر مع المعاني العظيمة لهاتين الكلمتين ومالهما من فضائل على قائلها.
أولا: معنى (سبحان الله)
كلمة التسبيح «سبحان الله» تتضمن اصلا عظيما من اصول التوحيد وركنا اساسيا من أركان الايمان بالله عز وجل وذكرا عظيما لله تعالى لا يصلح لغيره، وهو تنزيهه سبحانه تعالى: عن العيب والنقص والاوهام الفاسدة والظنون الكاذبة.
والتسبيح: تبرئة الله من السوء، وتنزيهه عن كل ما لا ينبغي ان يوصف به واصلها اللغوي يدل على هذا المعنى فهي مأخوذة من «السبح» وهو البعد.
يقول العلامة ابن فارس: «العرب تقول: سبحان من كذا اي ما ابعده، فتسبيح الله عز وجل: ابعاد القلوب والافكار عن ان تظن به نقصا او تنسب اليه شرا وتنزيهه عن كل عيب نسبه اليه المشركون والملحدون».
وبهذا المعنى جاء السياق القرآني: قال تعالى «ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله اذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون) (المؤمنون 91).
قال تعالى: «وجعلوا بينه وبين الجنّة نسبا ولقد علمت الجنّة انهم لمحضرون سبحان الله عما يصفون» (الصافات 158) 159.
قال تعالى: (هو الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون) (الحشر 23).
ومنه ايضا ما رواه الامام احمد في «المسند» (384/5) عن حذيفة رضي الله عنه - في وصف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل، قال: «واذا مر بآية فيها تنزيه لله عز وجل سبح) صححه الالباني في صحيح الجامع (4782).
وقد روى الامام الطبراني في كتابه «الدعاء» مجموعة من الاثار في تفسير هذه الكلمة جمعها في باب «تفسير التسبيح» (ص 498 - 500)، ومما جاء فيه: عن ابن عباس رضي الله عنهما: «سبحان الله» تنزيه الله عز وجل عن كل سوء.
وعن يزيد بن الاصم قال: جاء رجل الى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: «لا إله إلا الله» نعرفها: لا إله غيره و«الحمدلله» نعرفها ان النعم كلها منه وهو المحمود عليها و«الله اكبر» نعرفها: لا شيء اكبر منه، فما «سبحان الله؟» قال: كلمة رضيها الله عز وجل لنفسه وامر بها ملائكته وفزع لها الاخيار من خلقه.
وعن عبدالله بن بريدة يحدث ان رجلا سأل عليا رضي الله عنه عن «سبحان الله» فقال: تعظيم جلال الله.
وعن مجاهد قال: التسبيح انكفاف الله من كل سوء.
وعن ميمون بن مهران قال: «سبحان الله»: تعظيم الله اسم يعظم الله به.
وعن الحسن قال: «سبحان الله»: اسم ممنوع لم يستطع احد من الخلق ان ينتحله.
وعن ابي عبيدة معمر بن المثنى: «سبحان الله» تنزيه الله وتبرئته.
وقال الطبراني: حدثنا الفضل بن الحباب قال: سمعت ابن عائشة يقول: العرب اذا انكرت الشيء واعظمته قالت «سبحان» فكأنه تنزيه الله عز وجل عن كل سوء لا ينبغي ان يوصف بغير صفته ونصبته على معنى تسبيحا لله.
وقال ابن رجب في معنى التسبيح «سبحه بما حمد به نفسه».
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: «والامر بتسبيحه يقتضي ايضا تنزيهه عن كل عيب وسوء واثبات صفات الكمال له فإن التسبيح يقتضي التنزيه والتعظيم والتعظيم يستلزم اثبات المحامد التي يحمد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهه وتحميده وتكبيره وتوحيده»، مجموع الفتاوى (16/125).
ثانيا: معنى (وبحمده)
اما معنى وبحمده فهي - باختصار تعني: الجمع بين التسبيح والحمد، اما على وجه الحال واما على وجه العطف والتقدير: اسبح الله تعالى حال كوني حامدا له او اسبح الله تعالى واحمده.
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: وبحمده قيل: الواو للحال والتقدير: اسبح الله متلبسا بحمدي له (اي: محافظا ومستمسكا) من اجل توفيقه.
وقيل: العطف والتقدير: اسبح الله واتلبس بحمده، ويحتمل ان تكون الباء متعلقة بمحذوف متقدم والتقدير: واثني عليه بحمده فيكون سبحان الله جملة مستقلة وبحمده جملة اخرى.
وقال الخطابي في حديث سبحانك اللهم ربنا وبحمدك (اي: بقوتك التي هي نعمة توجب عليّ حمدك، سبحتك، لا بحولي وبقوتي، كأنه يريد أن ذلك مما أقيم فيه السبب مقام المسبب «فتح الباري» (541/13)
وانظر «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (457/1)
> فضل سبحان الله وبحمده
قال صلى الله عليه وسلم: «من هاله الليل أن يكابده أو بخل بالمال أن ينفقه أو جبن عن العدو أن يقاتله فليكثر من سبحان الله وبحمده فإنها أحب إلى الله من جبل ذهب ينفقه في سبيل الله عز وجل» (الألباني - صحيح لغيره).
قال صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مئة مرة: لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه» (صححه الألباني).
قال صلى الله عليه وسلم: «من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة غُفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر» (صححة الألباني).
قال صلى الله عليه وسلم: «من قال: سبحان الله وبحمده غُرست له نخلة في الجنة» (الألباني - صحيح لغيره).
سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الكلام أفضل؟
قال: «ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده» (رواه مسلم).
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله» قلت: يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله فقال: «إن أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده» (رواه مسلم).
قال صلى الله عليه وسلم: «إن أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، وإن أبغض الكلام إلى الله أن يقول الرجل للرجل: «اتق الله، فيقول: عليك بنفسك» (صححه الألباني).
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند جويرية وكان اسمها برة فحول اسمها فخرج وهي في مصلاها ورجع وهي في مصلاها، فقال: لم تزالي في مصلاك هذا؟ قالت: نعم. قال: «قد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته» (صححه الألباني).
عن سليمان بن يسار رضي الله عنه عن رجل من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال نوح لابنه إني موصيك بوصية وقاصرها لكي لا تنساها أوصيك باثنتين وأنهاك عن اثنتين، أما اللتان أوصيك بهما فيستبشر الله بهما وصالح خلقه ، وهما يكثران الولوج على الله، أوصيك بلا إله إلا الله فإن السموات والأرض لو كانتا حلقة قصمتهما، ولو كانتا في كفة وزنتهما، وأوصيك بـ سبحان الله وبحمده فإنهما صلاة الخلق وبهما يرزق الخلق «وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً»، وأما اللتان أنهاك عنهما فيحتجب الله منهما وصالح خلقه، أنهاك عن الشرك والكبر» (صححه الألباني).
قال صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يأوي إلى فراشه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم سبحان الله وبحمده والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر» (صححه الألباني).
قال صلى الله عليه وسلم من قال: «سبحان الله وبحمده سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، فقالها في مجلس ذكر كان كالطابع يطبع عليه ومن قالها في مجلس لغو كان كفارة له» (صححه الألباني).
قال صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فقال بعد فراغه من وضوئه: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت
أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رق، ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة» (صححه الألباني).