امتلك مفاتيحها الآسيويون... والبلدية مازالت تبحث عن موقعها عبر مشاريع التدوير
زبالة الناس ... كنوز
1 يناير 1970
10:27 ص
|إشراف فرحان الفحيمان |
كتب تركي المغامس
إذا كان المثل القديم يقول «معرفة الناس كنوز» فان من يسبر اغوار عالم النفايات سينطق هذا المثل هكذا «زبالة الناس كنوز»، اذ يعمل «هوامير النفايات» على تحويل تلك الزبالة التي نمر بجانبها **ونشعر بالاشمئزاز ممسكين انوفنا باصابعنا الى دنانير تسر الناظرين! فهم يستفيدون بكل شيء فيها... من ارتشف زجاجة من المشروبات الغازية والقى بها في الحاوية تتجمع في النهاية مع غيرها من النفايات الزجاجية في حاويات بالاطنان، وقس على ذلك الحديد والالمنيوم وسائر المعادن والمواد البلاستيكية وغيرها، ثم تصدر تلك الحاويات الضخمة الى الخارج ليعاد تصنيعها وربما استوردتها الكويت بدنانيرها مرة اخرى وهي التي لم تحصل على فلس واحد عندما صدرت تلك المواد الخام!
تتدفق الأموال وسط النفايات.. وتحصدها العمالة الآسيوية في ظل تجاهل حكومي عن الاستفادة منها، فالعمالة الآسيوية اتجهت منذ زمن على فرز النفايات والاستفادة منها وفق طرقهم الخاصة.
بدأ الآسيويون جمع الحديد من المناطق الصحراوية والمناطق السكنية ويبيعونه بأثمان عالية لشركات التعدين التي وجدت في هذه العمالة ضالتها حيث يأتونهم بالحديد مفروزا وجاهزا للتقطيع والتعبئة في الكونتينرات التي تتجه بعد ذلك الى الهند أو غيرها من الدول الآسيوية التي تقوم بدورها بتدوير هذه الخردة وتعيد تصنيعها وتصديرها وكل هذا العمل لا تجني منه الدولة فلسا واحدا لعدم دخوله ضمن القطاعات المعتمدة.
وبعد انتعاش سوق الحديد (الخردة) في الكويت اتجهت الشركات الى جمع الألمنيوم والنحاس والحديد الخفيف ما ساهم في خلو البر من أي قطعة حديد مهملة وهذه ظاهرة صحية، ولكن غير الصحي في هذا الأمر ان كل هذه الأعمال تقع خارج نطاق التغطية الحكومية المختصة وهي بلدية الكويت، فكل مادة رميت كنفايات أصبحت لها قيمة مادية عدا النفايات العضوية التي لم تجد طريقها الى التدوير في الكويت حتى تاريخه.
اتجهت بلدية الكويت بعد زيادة الطلبات من بعض أصحاب المشاريع الخاصة في تدوير النفايات الى دراسة هذا الموضوع بشكل جدي ما أسفر عن الموافقة على تخصيص ثلاثة مواقع تمنح لأصحاب مشاريع تدوير النفايات واشترطت في عقود النظافة الجديدة توفير عدد حاويتين أمام كل منزل حاوية للنفايات العضوية وحاوية للنفايات القابلة للتدوير المباشر ولكن كل هذا دون وجود مشروع تدوير نفايات كبير يساهم في تحقيق عائدات مالية مجدية للدولة من خلال مشاريع B.O.T فالكويت بحاجة الى تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في تدوير النفايات العضوية وغير العضوية للحد من التلوث البيئي الناتج عن ردم النفايات المتبع حاليا.
«الراي» تواجدت في مخازن فرز النفايات (غير المرخصة) والواقعة في منطقة ميناء عبدالله والتي تفرز النفايات وتستخرج الحديد والزجاج وغيره وتبيعه في مزاد في منطقة امغرة ليتم تصديره للخارج لتتم اعادة تدويره.
ومن خلال برهان (هندي الجنسية) مدير مخزن لفرز النفايات في ميناء عبدالله شرح لنا آليات العمل قائلا «نحن هنا في ميناء عبدالله نعتبر نقطة تجميع فقط فبعد أن نفرز النفايات نتجه لبيعها في منطقة امغرة»، موضحا «نستقبل جميع أنواع النفايات غير العضوية ونشتريها حسب سعرها الذي يحدده لنا سوق امغرة الذي يرتفع وينخفض حسب العرض والطلب ولكن لم نشهد أي انخفاض بل الأسعار بارتفاع دائم وهذا أمر من صالحنا حيث ان المعادن الخارجة من الكويت عليها طلب لعدم استهلاكها».
وأضاف «اننا نستقبل الحديد بنوعيه الثقيل والخفيف حيث ان الثقيل نقوم بتقطيعه وتحميله في الحاويات دون أي تصنيع أما الحديد الخفيف فنقوم بضغطه في ماكينة مخصصة لذلك لتحويله الى مكعبات لسهولة التحميل والنقل»، لافتا «الى أن الألمنيوم له سوق خاص وعليه طلب كبير وكذلك النحاس الذي بلغ أسعارا عالية جدا تفوق 1.800 فلس».
وتابع «نعاني بعض المشاكل في هذه المهنة وهي اتجاه بعض العمال لسرقة مناهيل المجاري وغيرها وهذا نحن لا نقبله ولا نشتريه، فقط نأخذ الحديد المقطع أو المستعمل هناك من يحاول تسويق حديد غير مستعمل علينا ولكن نكون حذرين في هذا الجانب»، لافتا «كما ندخل في مناقصات لشراء الحديد من وزارة النفط وغيرها من الجهات الحكومية والخاصة حيث ان الكثير من المقاولين يبيعون الحديد المستعمل بعد انتهاء المشاريع وهذا يحقق لهم عائدات مالية مضافة على المشاريع».
وأشار الى «أن زبائننا من مختلف الجنسيات هناك العرب والكويتيون والآسيويون حيث نستقبل من كيلو غرام الى ما لا نهاية وهذه تجارة مربحة ولكن تحتاج الى الكثير من الجهد فالقص والتقطيع والفرز يتطلب جهداً كبيراً»، مبينا «أن الزجاج يتم فرزه على نوعين الأول الأبيض الشفاف والثاني الزجاج الملون ونقوم بفرزه أولا ثم نتجه الى جرشه في حاويات مخصصة لهذا العمل لكي نحقق فيه أفضل قيمة وكذلك البلاستيك والكرتون والاسفنج والقطن (الوسائد والفرش) حيث ان الأخيرتين لم تعد مجدية كما المعادن ولكن لا نزال نشتريها».
ومن جانبه، أكد عضو المجلس البلدي موسى الصراف «أن مثل هذه الأنشطة الخاصة باعادة تدوير النفايات وفرزها واستغلالها الاستغلال البيئي السليم والأمثل هو دور القطاع الخاص أكثر من القطاع الحكومي»، موضحا «ان دور البلدية يكمن في الاشراف العام والاداري على القطاع الخاص القائم بهذا العمل لتقنينه وعدم خروجه عن المسار الصحي المرسوم له».
وأضاف «ان البلدية تلقت العديد من المبادرات الخاصة في هذا الشأن من قبل القطاع الخاص كاستغلال الحديد السكراب والاطارات وبعض أنواع النفايات القابلة للتدوير»، لافتا «الى أن القطاع الخاص له دور اكبر من الدور الحكومي فدور البلدية في هذا الجانب يكمن في تسهيل مهام القطاع الخاص ليكون الاستثمار في هذا المجال مجديا وجاذبا للقطاع الخاص».
ولفت الصراف «الى أن هناك بعض الشركات تحتاج الى رقابة مشددة من قبل البلدية لعدم فرز النفايات في الشارع لان هذا الأمر يعد ظاهرة غير حضارية نرى بعض الشركات تمارسها»، مؤكدا «على أن اعادة تدوير النفايات تجارة مربحة وصديقة للبيئة ودور الحكومة فيها الاشراف والمراقبة».
وبدورها، قالت عضو المجلس البلدي المهندسة جنان بوشهري «أن البلدية لم تتجاهل عملية الاستفادة من تدوير النفايات فهي وأن كانت متأخرة فقد التفتت الى هذا الموضوع ورفعت للمجلس البلدي كتابا تطلب فيه تخصيص ثلاثة مواقع لانشاء مصانع لاعادة تدوير النفايات والمجلس البلدي من خلال اللجنة البيئية قام بدراسة هذه المشاريع ووافق على تخصيص هذه المصانع وهذه المشاريع الخاصة بعمليات تدوير النفايات السكانية وهي الآن قيد الدراسة من قبل البلدية لطرحها وفق مشاريع B.O.T».
وأضافت «واعتقد أن مثل هذه المشاريع الخاصة بانشاء مصانع لتدوير النفايات تحتاج الى دراسة لتسويق منتجاتها قبل انشائها، فمصانع تدوير النفايات الانشائية التي أنشأتها بلدية الكويت تعاني حاليا مشكلة كبيرة في تسويق منتجاتها»، موضحة «أن هذه المشاكل اذا لم تحل بشكل فعلي وعملي فستواجه المصانع والشركات المقبلة على الاستثمار في تدوير النفايات المصير ذاته الذي تواجهه شركات تدوير النفايات الانشائية».
وأشارت بو شهري «الى أن البلدية لديها الكثير من المبادرات الخاصة بحماية البيئة من قبل شركات صغيرة تقوم على تدوير الورق والزجاج والبلاستيك وغيرها ولكن كل هذه المبادرات شخصية للحفاظ على البيئة وتعمل على الاستفادة الشخصية»، متسائلة «وأين نحن من دعم هذه المبادرات الشبابية السباقة في حماية البيئة».
وتابعت «نحن اليوم يجب أن نكافئ هؤلاء الشباب على مبادراتهم لحثهم على الاستمرار في هذه المشاريع التنموية التي تساهم في تقليل الضغط على الدولة، فالبلدية كانت مقصرة في هذا الجانب ولكنها اليوم تقوم بدور جيد لاستكمال المشاريع الثلاثة المنشودة».
واستغربت بو شهري «من فرض البلدية على عقود النظافة الجديدة وضع حاويتين لجمع النفايات أمام كل منزل واحدة للنفايات العضوية والأخرى للنفايات الصلبة ولكن بعد أن يفرز الناس هذه النفايات أمام بيوتهم سألنا البلدية عن مدى الاستفادة من هذا الفرز قالوا لا توجد لدينا مصانع لتدويرها ولكن ستردم موقتا مرة أخرى»، متسائلة «ما خطة البلدية لهذه النفايات اذا افترضنا أن المصانع لن تنشأ قبل ثلاث سنوات وبالتالي العقود الجديدة ستكون شارفت على الانتهاء والمصانع بدأت عملها».
واقترحت بو شهري «أن تقوم البلدية بتسويق هذه النفايات التي قام بفرزها المواطنون أمام منازلهم اما ببيعها على المضاربين في هذا المجال أو تسويقها مجانا على شركات التدوير الصغيرة للاستفادة منها وتخفيف الضغط البيئي على مرادم النفايات».< p>< p>