تقرير / العراق: حقول الألغام تعيق البشر والتنمية في آن واحد
1 يناير 1970
09:47 م
| بغداد - من حيدر الحاج |
منذ سنوات بدأت الحكومة العراقية وبمساعدة دولية، حملة لإزالة الالغام المنتشرة في عموم البلاد، بعد ان تم وضع خارطة من قبل خبراء في المساحة والهندسة العسكرية، ومهندسين جيولوجيين، بدعم من بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي).
اول نشاطاتها تمثل في التوقيع على اتفاقية «أوتاوا» لحظر الألغام الأرضية عام 2007، ورعايتها للجهود المحلية والدولية المبذولة في سبيل تطهير قصبات ومناطق البلاد عامة من الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحروب.
لكن ذلك غير كاف لانهاء هذه المشكلة المستعصية، كما يقول المختصون، فبنود المعاهدة الدولية لنزع الالغام، تحتم على العراق ان يقوم بتطهير أراضيه من الألغام ومخلفات الحروب بحلول عام 2018، مما يستدعي عليه أن يبذل التزاماً وجهداً كبيرين لبلوغ هذه الغاية.
فالسنوات الـ 20 الماضية، حملت أنباء تفيد بمقتل الآلاف وأصابة عدد كبير من السكان، بعاهات مستديمة بسبب الألغام والذخائر غير المكتشفة، علاوة على ذلك، كان لهذه الألغام الأرضية التي ما زالت موجودة في أجزاء كبيرة منه، أثار مدمرة على اقتصاد البلاد، لاسيما في قطاعات النفط والزراعة ومشاريع البنى التحتية.
كما ان تلك المخلفات تحول دون وصول المساعدات الانسانية وتعرقل مشاريع التنمية وتمنع الوصول الى الاراضي الزراعية وتحرم عائلات بأكملها من الدخل عند تعرض معيلها للقتل او الإصابة بعاهات مستديمة بانفجار هذه المخلفات.
مئات القصص لضحايا الالغام التي لا تزال تهدد حياة البشر، وبذات الدرجة تعيق مقومات التنمية، تحتم إعطاء الأولوية إلى هذه المسألة من خلال زيادة عدد المشاريع الواجب تنفيذها في كافة أنحاء البلاد، لكي يصبح العراق آمناً من هذا الخطر.
ما يعيق الجهود المحلية والدولية المبذولة في اطار معالجة هذه المشكلة والحد من مخاطرها، هو غياب خرائط مفصلة لمواقع الألغام المنتشرة على طول الحدود المشتركة بين العراق وايران ومناطق داخلية اخرى، كما يقول مسؤولون حكوميون وممثلون عن الامم المتحدة.
كما يقف نقص التمويل اللازم لهذه المهمة الخطرة، في مقدمة معرقلات الجهود المبذولة في سبيل التخلص من الذخائر غير المنفجرة وغيرها من مخلفات الحروب، لذا يتطلب من حكومة بغداد زيادة قدراتها الذاتية من اجل دعم برامج ازالة الالغام، وفقا للامم المتحدة.
سبب آخر يضاف الى معوقات تطهير الاراضي العراقية من الالغام يتمثل في النقص الواضح لاعداد العاملين في مجال ازالة الالغام، ففي الوقت الحالي لا يوجد سوى 2000 متخصص في وزارة الدفاع و 13 شركة خاصة.
واذا ما اراد العراق إزالة كافة الألغام الأرضية خلال السنوات العشر المقبلة، وفقا لما تنص عليه اتفاقية «اوتاوا» فانه بحاجة إلى مئات الشركات المتخصصة وبحدود 19 ألف خبير إزالة ألغام، وفقا للتقديرات الحكومية.
ورغم ذلك النقص، يجري تنفيذ العديد من المشاريع وفقا للامكانات المتاحة، لتحسين حياة وسبل عيش ضحايا الألغام في العراق من قبل الحكومة والبعثة الاممية عن طريق تقديم كل ما من شأنه مساعدة الاف المتضررين منها.هذه المساعدة تكمن في تقديم اجهزة مساعدة على الحركة، وفتح مراكز وبرامج تأهيل وعلاجات على مدى السنوات الثلاث الماضية.
تأثيرات حقول الالغام على الجانب الاقتصادي والتنموي كشفته تقارير ودراسات صادرة عن منظمات دولية، اشارت الى ان مشاريع اعادة اعمار البنى التحتية واعمال التنقيب عن النفط في مناطق عديدة من العراق تصطدم بحاجز تلوث تلك المناطق بالمتفجرات من مخلفات الحرب.
لكن هناء انباء مفرحة حملتها تلك التقارير الدولية تؤكد ان بعض شركات النفط العالمية التي حصلت على عقود خدمة وتشغيل مؤخرا تعمل حاليا على تكثيف جهودها لتطهير البلاد من ملايين الالغام الارضية.
كما يعكف حاليا عشرات الخبراء والمختصين بإزالة الالغام ومخلفات الحروب، في مناطق متفرقة من العراق على تنفيذ ما ورد في الاتفاقيات التي عقدتها الحكومة مع اطراف دولية، وما تضمنته خريطة العمل الحالية لإزالة وتخليص العراقيين من تلك المدمرات البشرية.
ومع حاجة البلاد لعشر سنوات قادمة، لكي يتطهر من ملايين الالغام المتبقية، فان على الضحايا ملازمة ذاكرتهم التي تعيد عليهم باستمرار اللحظات المؤلمة التي فقدوا فيها جزء من أجسادهم.