عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / اللي على راسه بطحة

1 يناير 1970 05:43 م
بتوفيق من الله عز وجل ألقيت خطبة الجمعة الماضية المنقولة عبر إذاعة وتلفزيون الكويت، وكان عنوانها هادم البيوت والمقصود به الطلاق، وأشرت إلى أهم الأسباب المؤدية إلى حدوث الانفصال بين الزوجين، والتي منها البداية الخاطئة للحياة الزوجية، حينما لا يتم اختيار الطرف الآخر وفق الوصايا النبوية الشريفة، حيث يتم البحث عن الجمال والمال والحسب والمنصب ويهمل معيار الدين، فتكون البيوت في ضعف تماسكها أوهن من بيت العنكبوت.

وبينت كيف تحول الفهم الخاطئ لمعنى القوامة عند الرجل إلى سيف مصلط على الزوجة، فلا تعرف المرأة من زوجها إلا الشدة والغلظة، والظلم والاستبداد، وكأنه حول عقد الزواج إلى عقد عبودية واسترقاق، فكم من امرأة خرجت معززة كريمة من أهلها، ثم عادت بعد ذلك بائسة كسيرة على أعقابها.

وفي المقابل وجدنا أن انسياق المرأة وراء الدعايات المضللة التي تروج لها بعض الجهات والمؤسسات المشبوهة، والتي تدفع المرأة نحو منازعة الرجل في كل شيء حتى في قوامة البيت، والتي اختص الله عز وجل بها الرجل «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض» فأرادت المرأة أن تكون هي الآمرة الناهية، فانتكست الفطرة وانقلب الميزان ولم تقبل المرأة إلا أن يستنوق الجمل ويستأسد الحمل، فلم يكن لسفينة يقودها أكثر من ربان أن تصل إلى بر الأمان.

ووضحت خطورة التدخلات الخارجية من الأهل والأقارب خاصة الآباء والأمهات على العلاقة بين الزوجين، فتدخل الوالدين، على جلالة قدرهما، في كل صغيرة وكبيرة لينغصا على الزوجين حياتهما، ويجعلا الزوج في مفترق طرق إما أن يختار الوالدين اللذين عرفاه وليداً وربياه صغيراً، وإما أن يختار الزوجة التي فارقت أهلها من أجله، فيصبح الزوج بين اختيارين أهونهما صعب، وأحلاهما مر.

ولا يمكن السكوت عن الحساد والواشين الذين يهجمون على البيوت من ظهورها، فيمزقون أستارها ويهتكون حجابها، فلا يقر لهم قرار حتى يشعلوا الخلاف بين الزوجين، ويتم الطلاق بين الاثنين.

ثم أشرت إلى أهم العوامل التي تساعد على استقرار الحياة الزوجية واستمرارها، ومنها أن يؤدي كل من الطرفين واجباته، وأن يتحمل الرجل أخطاء المرأة وتقصيرها، استجابة لوصية الرسول عليه الصلاة والسلام «لا يفرك (أي يبغض) مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر»، وأن تعرف المرأة عظم حق زوجها عليها كما في الحديث «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها».

ثم اختتمت الخطبة ببيان الأسلوب الأمثل الذي ينبغي للرجل اتباعه في حال نشوز الزوجة والذي بينه الله تعالى في كتابه في التنقل من الوعظ إلى الهجر إلى استخدام الضرب غير المبرح، إلى الإتيان بحكمين من كلا الطرفين، فإن كانت نيتهما الصلح فسيوفق الله بينهما، وأن يجعل آخر العلاج الطلاق، كما أن الكي آخر الدواء.

الشاهد في الموضوع أنه بعد انتهاء الخطبة جاءت اتصالات عدة للأهل من بعض الصديقات والزميلات، فهذه تقول هل أخبرت زوجك بمشكلتي، والأخرى عن قصة أخيها وثالثة ورابعة وهكذا، فأخبرتم الزوجة أن اختيار موضوع الخطبة يتم تحديده من قبل وزارة الأوقاف، وأنه تم التكليف بالخطبة قبل أكثر من شهرين والموضوع ليس موجها لشخص بعينه.

أطرف اتصال جاءني من خارج الحدود من أخ عزيز في بلد عربي لي معه تواصل مستمر، حيث شاهد الخطبة مع أسرته، وبعد انتهائها همست في أذنه ابنته قائلة «بابا إنت اخبرت صاحبك عن بيتنا؟»!

قرائي الكرام، الذي أريد الوصول إليه أنه لا يكاد بيت يخلو من المشاكل، وأن القليل من البيوت هي التي تبنى على الحب، وكما قال عمر بن الخطاب لرجل اشتكى من عدم محبة زوجته له «أو كل البيوت يبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والإحسان».

والذي نتمناه ممن تم الانفصال بينهما ألا يعتبرا ذلك نهاية العالم وكما قال تعالى «وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيماً» وألا ينسيا ما كان من فضل بينهما.

أراد رجل أن يطلق زوجته فقيل له: ما يسوؤك منها؟ فقال: العاقل لا يهتك ستر زوجته، فلما طلقها قيل له: لم طلقتها؟ قال: ما لي وللكلام فيمن صارت أجنبية.





عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

[email protected]