عندما تطرقنا للتوزير وقدمنا النصيحة لسمو رئيس مجلس الوزراء، وذكرنا في مقال سابق خطر القيادة الخفية لم نقصد كما فسر البعض هدفا معينا، ولم أكتب ولله الحمد طيلة 26 عاماً في حقل الصحافة مقالاً أو موضوعاً لإرضاء مجموعة أو لقصد منفعة... إنني أكتب وفق مفاهيم حرة رغم أن بعض ما سطرته لا يراه البعض قابلاً للتطبيق لأنه يحاكي العالم المثالي الذي يبعد عنا عشرات الأعوام!
وبما أننا بين أعضاء مجلس الأمة وأعضاء الحكومة الجديدة حائرون، نود أن نذكر هنا ببعض المعايير الخاطئة التي شهدتها الساحة وأفرزت لنا فرقا تتغير مفاهيمها وتبني معلوماتها واختياراتها على معايير خاطئة!
فالقيادة الخفية تذكرنا بـ «شايب» البيت الذي يستأنس برأيه رب الأسرة: فهل كل الشياب أو كبار السن من أصحاب الرأي السديد؟ طبعاً لا والدليل على ذلك تدهور اختياراتنا للقياديين والوزراء وقس عليها أمورا كثيرة، فعامل السن لا يعني النضج فكثير من الكبار حد تفكيرهم ضيق لعدم احتكاكهم بمدرسة الحياة الفعلية على النحو المبتغى وبعضهم تنتابه نوبة من «الخبال» عند الاختيار و«يغدي في عجته» كما يقول المثل الشعبي. ولو أنه لدينا كبار حكماء لما سمحوا بـ «اللخبطة» التي تنشرها الصحف وآخرها ما يجري من سجال بين النائب مسلم البراك والوزير الروضان!
والبارحة دخلت على موقع مجلس الأمة لأطلع على سيرة كل نائب فوجدت خانة النائبين خالد العدوة وعلي الدقباسي «فاضية» ولم يذكر عن رئيس مجلس الأمة إنه كان وزيراً للمالية والاقتصاد ورأيت كثيرا من النواب من الجامعيين وما فوق، وهنا يبدأ العجب!
يعيبون على الحكومة الالكترونية وهم حتى موقعهم لم يتابعوه، ودرجاتهم العلمية لم تساعدهم على رسم أولوياتهم وصارت المواقف متذبذبة وكل «يدني النار صوب قرصه»: وهذا هو الواقع.
نحن في هذه المرحلة تحديداً، يجب أن نترك عامل السن على جنب فقد أثبتت التجارب أن ما يحدث لا رشد ولا عقلانية حسب طريقة تعامله مع الأحداث. علينا إن كنا نريد الصلاح لهذا البلد أن نمنح شرف تمثيل الأمة لمن يستحق عضوية المجلس، وأن يكون التوزير للكفاءات فقط وأن يكون الوزير صاحب رأي ويحق له الاعتراض على الخطأ وأن لا يدار بـ «الريموت كنترول» من قبل القيادة الخفية!
الدولة أمام مفترق طرق والنوايا بتقديم استجوابات أعلن عنها: فهل يعني إننا مقبلون على دور انعقاد ساخن ينتهي بحل مجلس الأمة، أم إن أوجه الاختلاف سيتم احتواؤها من قبل الحكماء، وهل حل مجلس الأمة يحل المشكلة؟ طبعاً الإجابة بلا لأن الفكر الاستراتيجي مغيب والشوائب ما زالت في النفوس عالقة حتى على مستوى قاعدة الناخبين.
إن التنمية هنا وليست في مكان آخر، يجب علينا أن نهتم بالتنمية البشرية وأن تكون الحكومة قبل مجلس الأمة مؤمنة بحيوية التنمية البشرية... فثقافة الاختيار في حاجة إلى تغيير لتقضي على «شخبطة» المعايير الخاطئة المعمول بها، ويجب أن يتم تثقيف قاعدة الناخبين ليصوتوا لمن يبحث عن مصلحة الوطن لا أن يتحرك وفق أجندة خاصة ومصالح شخصية، والحديث طويل ومؤلم عن هذا الجانب. والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]