د. وائل الحساوي / نسمات / حرق المصحف... هل سيهزم الإسلام؟!

1 يناير 1970 01:31 ص
علاقتنا بالدول الغربية هي علاقة مضطربة، فتارة نشعر بعدم قدرتنا على الاستغناء عن مساعداتهم ولاسميا من ابناء جلدتنا الذين يتسلطون علينا مثلما حدث ابان الغزو العراقي للكويت حيث لم يكن امام دول الخليج إلا الاستعانة بالغرب لرد ذلك العدوان الاثيم، واليوم نرى الشعب الليبي يقف عاجزا امام الطاغية المجرم الذي لا يتورع عن ابادة شعبه دون ان يرف له جفن، وكم كانت فرحتنا عندما اتخذت الدول الغربية اجراءات كثيرة لردع ذلك العدوان منها سحب الاعتراف من النظام الليبي وقصف طائراته وآلياته بينما عمرو موسى الشجاع ينذر ويتوعد من يقترب من ليبيا ويتدخل في شؤونها! كذلك فإن بعض الدول الاوروبية تعمل جاهدة لدمج المسلمين في بلدانها والاعتراف بالدين الاسلامي وبناء المساجد.

على الجانب الآخر، نجد الغرب يتصرف تجاه قضايا العالم الاسلامي بعدائية غريبة وازدواجية مقيتة، فهو يرفض قبول تركيا في السوق الاوروبية المشتركة بالرغم من انطباق جميع الشروط عليها، وتسعى دول اوروبية للتشديد من قوانينها للتضييق على هجرة المسلمين اليها او سعيهم للحصول على جنسياتها، ناهيك عن التدخل العسكري والاحتلال لدول مثل افغانستان والعراق، بل وأهم من كل ذلك الدعم اللا متناهي للكيان الصهيوني حتى وهم يشاهدونه يبطش بالشعب الفلسطيني الاعزل ويصادر اراضيه ويقصفه بالطائرات والدبابات، وعندما استبشرنا بتقرير «القاضي غولد ستون» الذي قال نصف الحقيقة وادان غزو الكيان الصهيوني لغزة عام 2008 كما ادان حماس، اذا به يتراجع عن ادانة اسرائيل تحت الضغط الصهيوني.

لم تقف تلك العدائية عند العمل السياسي او العسكري، وانما تعدتها الى الدراسات والاعمال الفكرية التي يقوم عليها كبار المفكرين الغربيين ومن امثلتها كتاب «صاموئيل هاننجتن» عن صدام الحضارات والتي يرى فيه حتمية الصدام بين الاسلام والغرب، ويقول: «المشكلة المهمة بالنسبة للغرب ليست الاصولية الاسلامية بل الاسلام» ويقول: «نجد ان الحكومات والشعوب الاوروبية كثيرا ما ايدت، ونادرا ما انتقدت الاجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة ضد خصومها المسلمين بعكس موقفها من الاتحاد السوفياتي اثناء الحرب الباردة»، وينقل بافتخار كلام «برنارد لويس» المؤرخ الغربي المتعصب الذي يري علاقة الغرب بالاسلام «ليس اقل من صدام حضارات وانه بالتأكيد رد فعل تاريخي لتنافس قديم ضد تراثنا اليهودي المسيحي وحاضرنا العلماني»، اذا اردنا تفسير تصرف القس النصراني جونز بحرق القرآن الكريم في الولايات المتحدة في وقت يعاني فيه المسلمون في جميع اقطار العالم من الضعف والتشتت فلن نجد افضل من القول بأن الغرب لم ينس الحروب الصليبية ومازالت في ذاكرته، وبأنه يحذر من استيقاظ ذلك المارد الذي يرى فيه التحدي الحقيقي لحضارته مهما كان المسلمون اليوم في اسوء حالاتهم، وبأن الغرب بالرغم من مسارعته لرفع شعارات حقوق الانسان والديموقراطية، إلا ان التحدي الحضاري للاسلام يجعله يتجاوز كثيرا من تلك الشعارات، كم احزن على العشرة افراد من قوات الامم المتحدة الذين قتلهم الافغان ردا على هلوسات قسيس معتوه مختبئ في بلاده.





د. وائل الحساوي

[email protected]