بريطانيا ترفض منحه حصانة وأسكوتلندا تريد استجوابه على «لوكربي»
مؤامرات السنوسي وشتيمة المعتصم وراء انشقاق كوسا عن القذافي
1 يناير 1970
01:11 ص
واجه نظام العقيد معمر القذافي، نكسة جديدة، الاربعاء، مع انشقاق وزير الخارجية الليبي موسى كوسا، فيما قللت طرابلس من اهمية الامر.
ويعتبر كوسا، الذي جسد على مدى عقدين الوجه المظلم للنظام، واصبح في السنوات الماضية رمزا للانفتاح، من المقربين الاوفياء للعقيد، وقد خاض في السنوات الماضية كل المفاوضات التي اتاحت عودة ليبيا الى الساحة الدولية، ما عرضه لضغوط ومؤمرات داخلية، قادها عبدالله السنوسي، صهر القذافي، ورئيس الوزراء البغدادي المحمودي، ورئيس المخابرات ابو زيد دوردة، عزلته وحجمت دوره.
حتى ان معتصم القذافي شتم كوسا، بعدما اعلن ترحيب طرابلس، بقرار مجلس الامن الرقم 1973، ودعوته الى عدم مهاجمة مدينة بنغازي، معقل الثورة، لئلا يكون ذلك سببا لشن التحالف الدولي بعملية عسكرية ضد النظام الليبي، وهو الامر الذي اثار القذافي ايضا، الذي خرج في اليوم الثاني، ليقول «طز» في القرار الدولي.
وتعتقد دوائر غربية، أن كوسا الحائز على شهادة ماجستير في علم الاجتماع من جامعة ميتشيغن عام 1978، اصطدم مع خميس القذافي، الذي كان كوسا مكلفاً تدريبه وإعداده لكي يتسلم منصباً ديبلوماسياً رفيع المستوى، ما أحدث شرخاً في العلاقة بين وزير الخارجية السابق ورئيسه.
كما يتهم مقربون من القذافي كوسا، وهو من عائلة متوسطة معروفة من منطقة تاجوراء في طرابلس، ولا انتماء قبليا له، بانه اختلس مبلغ 200 مليون دولار، من خلال صفقة لشراء فنادق ومنتجعات مع رجال اعمال سوريين وعرب.
وفي لندن، أكد وزير الخارجية وليام هيغ أمس، أن بريطانيا لم تمنح كوسا، الذي طلب اللجوء السياسي، أي حصانة قد تحول مستقبلاً دون تقديمه إلى العدالة.
ويعتقد المراقبون السياسيون، أنه في الوقت الذي يمكن فيه للحكومة البريطانية اعتبار كوسا (64 عاماً) صيداً سميناً، فهو يشكل مصدر قلق بالنسبة لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون، نظراً للأدوار الحساسة التي لعبها في السابق، ومن ضمنها منصب رئيس جهاز الاستخبارات الذي يُعتقد أن له علاقة بعملية تفجير طائرة لوكربي عام 1988، بل هو متهم بأنه «العقل المدبر» للعملية، اضافة إلى كونه العقل المدبر لتفجير طائرة الخطوط الجوية الفرنسية في أفريقيا الوسطى.
وقال هيغ ان وزير الخارجية السابق «حضر إلى بريطانيا طواعية على متن رحلة جوية تابعة للخطوط الجوية السويسرية من تونس هبطت في مطار فارانبره جنوب لندن»، معتبراً ذلك علامة على أن نظام القذافي «يتشظى وواقع تحت ضغط وآخذ بالانهيار من الداخل».
وصادف خروج كوسا إلى تونس مع تصريح أدلت به في حينه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، قالت فيه ان «مسؤولين ليبيين كبارا يحاولون الاتصال بالغرب في محاولة على ما يبدو للبحث عن مخرج استراتيجي ممكن من العمليات القتالية».
ويُعتقد أن بريطانيا والتحالف الدولي المشرف على الحملة العسكرية، سيستخدم كوسا لتفكيك نظام القذافي من الداخل. فالمعلومات التي يملكها لا تقدر بثمن.
وكانت الحكومة البريطانية طردت كوسا، عقب إعلانه في مقابلة صحافية عام 1980 بصفته رئيساً للبعثة الديبلوماسية الليبية في لندن عن نية نظام حكم القذافي لتصفية «اثنين من المعارضين الذين كانوا مقيمين في لندن في حينه».
يشار إلى أن كوسا متهم بأنه المسؤول عن اختفاء المعارض منصور الكيخيا، الذي تم اختطافه في القاهرة في التسعينات، ولم يُعثر على أثر له حتى الآن.
ومن ضمن التصريحات الأخرى التي أزعجت الحكومة البريطانية في حينه، إعلان كوسا أن ليبيا ستقوم بتسليح «الجيش الجمهوري الإيرلندي» الانفصالي في إقليم إيرلندا الشمالية، ما لم توافق الحكومة البريطانية على تسليم المعارضين إلى طرابلس.
كما عرف عن موسى كوسا، تسليحه لـ «الالوية الحمراء» في ايطاليا، وبعض المنظمات الارهابية حول العالم.
ولعب دوراً رئيسياً في المفاوضات التي جرت بين النظام الليبي والحكومتين البريطانية والمحلية في اسكوتلندا من أجل الإفراج عن المدان الليبي في تفجير لوكربي عبدالباسط المقرحي (اعلن القضاء الاسكوتلندي امس انه يريد استجوابه)، اضافة إلى دوره في أمرين مهمين الأول التوصل إلى دفع التعويضات لعائلات ضحايا لوكربي، والثاني كشف ليبيا عن برنامجها لإنتاج أسلحة الدمار الشامل وتسليمها الغرب الملفات المتعلقة بهذا البرنامج، حيث نسج علاقات اكثر من قوية مع المسؤولين الاميركيين والفرنسيين وعمل معهما عن قرب في موضوع مكافحة الارهاب، ما اثار حفيظة قادة في النظام الليبي.
ووفقاً لتقارير غربية ومن ضمنها التقارير التي كشفت عنها «ويكيليكس» جرى تصنيف كوسا من جانب الديبلوماسيين الغربيين في طرابلس، على أنه أقوى شخصية سياسية بعد القذافي وأبنائه، ما يجعل من فراره ولجوئه إلى بريطانيا ضربة قوية للنظام، علاوة على أنها تشكل عاملاً نفسياً مؤثراً لرفع معنويات الثوار.
واكد موسى ابراهيم، الناطق باسم نظام القذافي، استقالة كوسا الاربعاء، وقال: «طلب كوسا التوجه الى تونس لتلقي العلاج الطبي. ولقد حصل على الاذن. ثم سمعنا انه قرر الاستقالة من منصبه. هذا قراره الشخصي. ليبيا لا تعتمد على افراد». واضاف ان «ليبيا لن تتأثر» بهذا الانشقاق.
ونفى من جهة اخرى معلومات تحدثت عن انشقاق شخصيات اخرى ومغادرتها البلاد الى تونس، امثال دوردة ورئيس البرلمان محمد زوي.< p>< p>< p>< p>< p>< p>