هي تفاعل غير عادي لأنسجة الجسم بمهيجات إما خارجية وإما داخلية
فصل الربيع ... ومعاناة الحساسية الموسمية
1 يناير 1970
02:30 م
إعداد د. أحمد سامح
أثبتنا على مدى خمسة عشر عاما من الصحافة الطبية في دراسات الطب الجغرافي المتجددة في كل عام التي تناول تأثر صحة الانسان بطقس الفصول الاربعة والتي اسمناها بـ «الطب الجغرافي». وتناول بالتفاصيل تأثير مناح فصل الربيع على صحة الانسان النفسية والجسدية.
في فصل الربيع تنتشر حبوب اللقاح في الجو نتيجة تفتح الازهار والورود والرياضين والنباتات تثير الحساسية الموسمية خلال شهري مارس وابريل من كل عام وخلال شهري سبتمبر واكتوبر ايضا من العام. والاصابة بالحساســــــية تطول كافة اجهزة الجسم فالجهاز التنفسي يتعرض لما يعرف بحساسية الصدر المعروفة بالكويت «التنك» فيعاني اصحاب الربو من ازمات تنفسية حادة والسعال الجاف وضيق التنفس وتزييق بالـــــصدر.
اما حساسية الانف اكثر امراض الحساسية انتشارا خصوصا في فصل الربيع فتصاب الانف بالانسداد وحدوث سيلان منه والشعور بحكة وهي تزعج كثيرا من الناس هذه الايام وعند اصابة بالحساسية يعاني المصاب بالحساسية بألم شديد في الاذن.
اما الجلد الذي هو اكبر عضو في الجسم فهو الاكثر عرضة لتغيرات الطقس والاكثر عرضة للاصابة بالحساسية وازعاجاتها مثل الشعور بحكة شديدة في الجلد وظهور طفح جلدي احمر الذي يعرف بـ «الارتيكاريا».
وفي هذه الدراسة نشرح للقراء الاعزاء بكلمات مبسطة ما هي الحساسية؟ والتفاعلات المعقدة التي تحدث في الدم وخلايا انسجة الجسم والتي تطال كل اجهزة الجسم.
كما نتعرف على مهيجات الحساسية ووسائل علاج الحساسية الموسمية.
وفي هذه الدراسة نجيب عن تساؤلات القراء الاعزاء لماذا يصاب البعض بالحساسية دون الاخر؟
وفي نهاية الدراسة نقول للقراء الاعزاء صبرا جميلا ستختفي اعراض الحساسية الموسمية المزعجة التي تطول جميع اجهزة الجسم عندما يستقر الطقس.
الحساسية بكلمات سهلة مفهومة هي تفاعل غير عادي نتيجة التعرض لمؤثر ما.
وهذا المؤثر قد يكون خارجيا مثل حبوب اللقاح او الاتربة الناعمة او اتربة المنزل وبعض الاطعمة مثل البيض والاسماك وغيرها من بعض الادوية مثل البنسلين والاسبرين وغيرهما.
وهذه الاشياء تعتبر طبيعية بالنسبة للشخص العادي السليم الذي لا يعاني من الحساسية بينما يعتبرها الجهاز المناعي في مريض الحساسية اشياء غريبة عنه فلا يلبث ان ينتج اجساما مناعية «دفاعية - اجساما مضادة - IGE».
تفاعل الحساسية
يتفاعل الجسم المناعي مع المؤثر الخارجي وهي كما ذكرنا اشياء طبيعية موجودة في البيئة وينتج عن هذا التفاعل حسب نوع النسيج الذي يتم فيه التفاعل اعراض الحساسية مثل الارتيكاريا واكزيما الجلد.
واذا كان هذا التفاعل داخل انسجة الانف يحدث انتفاخا في الانسجة المبطنة لها فتصاب بالانسداد وينتج عن تمدد الشعيرات الدموية بجدار الانف سيلان من الانف.
واذا كان هذا التفاعل في ملتحمة العين تصاب العين بالاحمرار وانهمار الدموع والشعور بالألم.
اما إذا كان التفاعل في جدار القصبة الهوائية فيكون نتيجة هذا التفاعل الاصابة بالربو «التنك».
مهيجات الحساسية
حبوب اللقاح والاتربة الناعمة والفطريات والفيروسات من مهيجات الحساسية الموسمية كذلك بعض الادوية وبعض الاطعمة.
وتعمل هذه المواد كمؤثر خارجي للاصابة بالحساسية حيث تتحد مع اجسام مضادة «مناعية» موجودة في دم الانسان ويتم هذا الاتحاد على اسطح الاغشية المخاطية المبطنة للحلق والانف والبلعوم والجهاز التنفسي وملتحمة العين وبقية الانسجة فينتج عن هذين الاتحادين المؤثر الخارجي والاجسام المناعية في الجسم تفاعل غير عادي بسبب افراز لبعض المواد الكيميائية مثل الهستامين والسايتوكاينز التي تفرز من الخلايا البدينة «خلية ماست Mastcepl» من خلال هذه الاغشية تؤدي إلى حدوث
الحساسية وظهور أعراضها.
وأهم مهيجات الحساسية هو التعرض للتغيير المفاجئ في درجات الحرارة مثل فتح باب الثلاجة والوقوف امامها لبعض الوقت او التعرض لفروق درجات الحرارة بسبب استخدام مكيفات الهواء.
الحالة النفسية والوراثة
الوراثة تلعب دورا مهما في الاصابة بالحساسية كما في حالات الاكزيما التأتبية (ATOPIC DERMATITIS) وحساسية الأنف والاذن والربو الشعبي وفي معظم الحالات يكون هناك تاريخ مرضي بالعائلة للاصابة بالحساسية وليس ضروريا ان تكون الحسالسية الموروثة من الاب او من الام هي نفسها التي تصيب الابن بل قد تكون الحساسية في الشعب الهوائية او في الأنف او في الجلد او في العينين وتلعب الحالة النفسية للمريض دورا مهما في الاصابة بنوبات الحساسية.
والحقيقة ان العلاقة بين العوامل النفسية والحساسية هي علاقة تبادلية حيث تؤثر كل منهما على الاخرى فقد لوحظ زيادة تعرض بعض الناس لامراض الحساسية خصوصا الارتيكاريا الجلدية بعد مرورهم بظروف نفسية سيئة.
ومن جانب آخر قد يصاب المريض بالربو الشعبي والمريض بالارتيكاريا بحالة من الاكتئاب الشديد نتيجة عجزه عن ممارسة انشطته المعتادة وغيابه المتكرر عن العمل بسبب المرض.
حساسية الأنف والأذن
يعاني المرضى هذه الايام من اعراض حساسية الانف فيشعرون بحرقان في الانف ونوبات من العطس مع ازدياد الافرازات المائية من فتحتي الانف.
ويصحب ذلك انسداد الانف مع فقدان جزئي او كلي لحاسة الشم موقتا. وكذلك يعاني مريض الحساسية في الاذن من ألم وشعور بحكمة وقد تحدث مضاعفات مثل التهاب الاذن الوسطى او التهاب الجيوب الانفية بكل اعراضها المزعجة من صداع وألم بالوجه والجبهة والصداع وتطول فترة الاعراض والمعاناة خلال موسم الحساسية.
حساسية الصدر «التنك»
حساسية الصدر «الربو - التنك» هي الشعور بضيق في التنفس يصاحبه في اكثر الاحيان صوت صفير «تزييق» يتردد مع خروج الهواء من الصدر وتحدث هذه الحالة او الازمة على فترات قد تقصر «دقائق» او تطول «اياما».
والاعراض قد تختلف من مريض حساسية لاخر بل في المريض نفسه في اوقات مختلفة فقد تحدث على هيئة سعال شديد جاف او احساس بضيق التنفس دون اي صفير «تزييق» مع خروج الهواء من الصدر.
وتجنب مهيجات الحساسية من اهم خطوات العلاج والاقلال من بذل المجهود اثناء الاصابة بالازمات.
واهم شيء في علاج مريض الربو هو عدم تناول الاسبرين على هيئة قطرات او لبوس او اقراص او حقن لانها تزيد من خطورة المرض والاصابة بالفشل التنفسي.
حساسية الجلد
عندما يصاب الانسان بحساسية في الجلد يعاني من حكة شديدة في الجلد مع ظهور طفح جلدي على هيئة درنات واحمرار بالجلد تسمى «ارتيكاريا». كما تزداد حدة اعراض الاكزيما والتهاب الجلد التأتبي.
حساسية العين
الاصابة بالحساسية في العين يكون على هيئة احمرار الملتحمة وانهمار دموع غزيرة مع احتقان شديد في الجفنين مع الشعور بحكة شديدة، واحيانا خوف من مواجهة الضوء.
حساسية الجهاز العصبي
يدهش الكثير من الناس حينما يعلمون ان الجهاز العصبي يصاب هو الاخر بالحساسية التي هي عبارة عن الشعور بنوبات من الصداع تسبب ألما وتوترا وتجعل المريض في حالة نفسية سيئة. وهذا الصداع يستجيب ببطء شديد للعلاج بالمسكنات.
علاج الحساسية الموسمية
- استبعاد المؤثر الخارجي كلما امكن ذلك.
- علاج المريض بالامصال المستخرجة من المادة المسببة للحساسية ويعطى هذا المريض الامصال بنسب تدريجية شيئا فشيئا حسب جدول زمني يحدده الطبيب وهذا النوع من العلاج يمنح المريض شفاء من اعراض الحساسية قد يمتد الى سنوات.
- الادوية الموضعية كنقط الانف والقطرات المضادة للاحتقان والمراهم والدهانات الموضعية التي يجب استخدامها بحذر حيث تؤدي كثرة استخدامها الى التعود عليها.
- كذلك بعض البخاخات تستخدم في علاج الربو لتوسيع الشعب الهوائية وتخفيف الاحتقان بها وتخفيف حدة الازمات الربوية التنفسية.
- علاج بالعقاقير والادوية عن طريق الفم وهي مجموعة من الادوية التي تقلل الاحتقان وتأثير المواد الكيميائية الناتجة من تفاعل المؤثر الخارجي مع الاجسام المناعية «الاجسام المضادة» ولكن بشكل عام تؤدي الادوية المضادة للحساسية الى الشعور بالنعاس ولذلك يجب استخدامها بحذر.
- الكورتيزون ومشتقاته عن طريق الفم او الحقن يؤدي الى زوال اعراض الحساسية بسرعة ولكن نتيجة للاثار الجانبية له يجب الا يستخدم الا تحت اشراف الطبيب ولفترات محدودة عندما تكون اعراض الحساسية شديدة ومعاناتها مزعجة.
لماذا يصاب البعض بالحساسية دون الآخر؟
علم امراض الحساسية والمناعة الاكلينكية من افرع الطب التي شهدت تقدما هائلا بفضل وسائل التشخيص والتحاليل العلمية الدقيقة والمتقدمة التي ساعدت الباحثين على اكتشاف الاجسام المناعية «الاجسام المضادة» التي تلعب دورا اساسيا في حدوث اعراض الحساسية ولكن السؤال الشهير لماذا يصاب البعض منا بالحساسية بينما لا يصاب البعض الآخر؟
للإجابة عن هذا السؤال نقول بالنسبة للشخص الطبيعي فإن جهازه المناعي المعقد والدقيق يتعامل مع كل المكونات الموجودة في البيئة من حبوب لقاح وفطريات جوية واتربة مختلفة على انها اشياء طبيعية لا يتأثر بها او يتفاعل معها.
اما مريض الحساسية فيعتبر جهازه المناعي هذه المكونات غير طبيعية ومن ثم يفرز اجساما مناعية ضدها وهي اجسام مضادة تكون غالبا من انواع الجسم المناعي «e».
وهذه الاجسام المناعية لا تلبث ان تتعامل مع بعض انواع الخلايا في انسجة المريض مثل الخلية البدنية «خلية ماست - Mast cell» والخلية الحمضية «الايزينوفيل» وينتج مواد كيميائية مثل مادة الهستامين وبعض الانزيمات وغيرها ما يسبب تقلصات في عضلات الرئتين ويحدث ضيقا في الشعب الهوائية وافراز بلغم ما يزيد من معاناة المريض.
ويحدث ايضا تمدد في الشعيرات الدموية الدقيقة في الانسجة التي يحدث فيها هذا التفاعل المناعي وينتج عن ذلك خروج بلازما من الانسجة وقد تتطور الحالة الى ظهور ارتيكاريا جلدية او زيادة ضيق الشعب الهوائية.
تشخيص أمراض الحساسية الموسمية
من السهل تشخيص امراض الحساسية هذه الأيام حيث الاعراض واضحة وكثير من الناس يترددون على المراكز الصحية بالشكوى نفسها وتتكرر في كل عام وفي مثل هذا الوقت عندما يبدأ تغيير الطقس في نهاية الشتاء وبداية فصل الصيف.
وفي الحالات التي تستمر معاناة الحساسية طوال العام وليس فصل الربيع فقط فلا بد من عمل فحوصات مختبرية من تحليل دم واختبار للجلد لمعرفة مهيجات الحساسية.
ويبدأ التشخيص بمعرفة التاريخ المرضي اذ يقوم الطبيب بطرح عدد من الاسئلة المهمة لمعرفة اسلوب حياة وبيئة المريض ووجود تاريخ عائلي للإصابة بالحساسية.
كذلك يقوم الطبيب بالفحص الطبي للمريض ويقوم الطبيب بإجراء اختبارات وتحاليل معملية تختلف تبعا لنوع مرض الحساسية.
وفي كثير من حالات الحساسية تنجح الاختبارات الجلدية بالوخز في تحديد مسببات الحساسية وبالتالي فإن اللجوء لتحاليل الدم يتم في اضيق الحدود خصوصا انها مكلفة اقتصاديا.
ولذلك يكتسب قياس وظائف التنفس في حالات الربو الشعبي اهمية كبيرة وتوجد طرق عدة واجهزة مختلفة للقياس ومن خلال النتائج يمكن الحكم على حدة المرض ومدى تأثره بالمجهود الجسماني.< p>