تركي العازمي / تساؤلات محيّرة!

1 يناير 1970 06:32 ص
بعد الأحداث الأخيرة في البحرين ظهر لنا نمط سلوكي دخيل على مجتمعنا ربما كان موجوداً ولكنه كان في حدود معينة خاصة في جزئية تدخل إيران في شؤون منظومة دول مجلس التعاون الخليجي. أما الآن فقد ظهر لنا فريق مع وفريق ضد، وبلغ الأمر درجة نقل التعليقات على ما يحدث إلى العلن بعد ما كانت في الخفاء أو في حدود الديوانية! والفساد الإداري كذلك كان يدار «من تحت الشليل» حتى جاءت الاستجوابات دفعة واحدة وكل فريق يتحدث عن أخطاء تستحق المساءلة... والتساؤلات المحيرة تبقى محيرة وإلا كيف لنا بقبول حكومة تتخرج من امتحان الاستجواب بناجح جوازاً!

تقول المفاهيم الإدارية والقيادية إن المنصب القيادي مفسد بطبيعته لقيم القائد التي على ضوئها تم ترشيحه للمنصب لأنه يتعرض بعد توليه المنصب إلى ضغوط خارجية وحسبات معينة ويجنح إلى اتباع «الهون أبرك ما يكون»... وربعنا تجاوزوا هذا المبدأ في «فتح الحنفية» لكل من يستطيع الوقوف بجانبهم وهو وضع في غاية السوء!

ولأننا لا نجد حكومة معينة تنظم اسلوب اتخاذ القرار ولا قانونا يحترم ولا نفوسا صافية تستمع أكثر مما تتكلم، حصل ما حصل حتى بات زمن الرويبضة أقرب في الوصف لحال القيادة في مؤسساتنا والمتحدث باسم الإصلاح في أغلب الأحوال هو المنتهك للأوضاع وراع للفساد... قد يكون لتضارب المصالح دخل فيها، أو لاختلاف الكيمياء الشخصية أو لأسباب علمها مجهول والبحث فيها غير مقبول والتحدث عنها في العلن يعد من المحظورات!

غريبة... إلى هذا الحد بلغت الحساسية في المكاشفة حتى ان البعض من النواب السابقين كان يقول لي: «إنهم يقولون إن لم تكن معنا فأنت ضدنا». عجبي لأمر دولة خطة التنمية والحكومة الإلكترونية وحكومة ديوان الخدمة المدنية التي ضربت كادر المهندسين في القطاع الخاص بعرض الحائط وزيادة الـ 50 يبون «يغربلونها» مثل دعم العمالة وحسبنا الله ونعم الوكيل والعتب على الشيخ د. محمد الصباح وجمعية المهندسين!

إنني أذكر انه منذ قرابة عام تقريبا اقترحت على أحد المسؤولين البارزين تبني الفكر الاستراتيجي وأخذت «أشخبط» على الورق وأشرح له وكان ينصت باهتمام وكان رده: «صحيح يا دكتور بس خلني أشوف الموضوع وأرد عليك»... وهذا وجه الضيف! مع العلم أن طلبي يهدف إلى إصلاح الحال وتطوعت لهم بالعمل دون مقابل ولكن «هيك بلد» ما تبي إصلاح من واقع المشاهدات وسلم لي على توني بلير، وأستغفر الله من كل ذنب عظيم!

إن أمرنا فعلا غريب والدليل على ذلك أن ديوان المحاسبة يسجل التجاوزات ولا يجد المتجاوزين من يحاسبهم، وتجد السفهاء يتحدثون عن دول مجلس التعاون الخليجي ولا يوقفهم أحد والقاعدة الباقية تقول «من أمن العقوبة أساء الأدب».

إن الوضع لا يصلحه «كومة» استجوابات ولا يحتاج إلى معجزة ولكن الأنفس المسؤولة عن إدارة شؤون مؤسساتنا غير مهيئة لعوامل الإصلاح المراد اتباعها!

الزبدة... شوفوا محاور الاستجوابات وشوفوا «الأقلية» المفسدة والمسموع كلمتها في نهاية المطاف ومن ثم عاودوا الكرة لعل وعسى أن تنجلي الغمة وتظهر الحوكمة، يطبق القانون على الكبير قبل الصغير، وتتغير المفاهيم التنموية وتتغير القيادات وتقر زيادة المهندسين حسب ما كان متفقاً لا أن تتم «كروتتها» وغييرها بطريقة «متخلفة» ومن قيادات لا تستحق البقاء يوم واحد أكرر يوم واحد فبقاؤهم سبب تدهور الحال. والله المستعان!



تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]