تركي العازمي / طبيعة الفساد ومعالجته!

1 يناير 1970 06:33 ص
لا توجد مدرسة للفساد في أي بقعة من بقاع الأرض، ولكن هناك قيادة فاسدة والقيادة بطبيعتها مرتبطة بصاحب القرار، فان كان القرار نتاج حالات معنوية غير مستقرة ومخالفة معتقداتها وقيمها الأصول والثوابت، نراها فاسدة وان صارت من الأمور المعتادة فانها تحول الحالة من فساد الى افساد، وبالتالي تصبح مدرسة يتخرج منها تابعو القيادي الفاسد ويزداد عدد الفاسدين قياديا!

في الكويت نرى مؤشرات على تفشي حالة الفساد لدرجة خطيرة وبات المنادي للاصلاح منبوذا مع الأسف، والاستجوابات السابقة كشفت لنا ظواهر الافساد، ولأن «الكثرة غلبت الشجاعة» هي السائدة في ساحتنا الاجتماعية والسياسية، ذهب البعض الى توجه أخطر مما كنا نتصوره... هؤلاء يطالبون بالحاق الفشل بديموقراطيتنا وهذا من واقع الأحداث مخالف للوقائع!

يقولون عن نظام معمر القذافي انه فاقد للشرعية، لأنه نظام يضرب مواطنيه ولا نعلم ان كان هذا الاعتقاد ساري المفعول محليا أو أننا غير....!

مقالنا هذا عن طبيعة الفساد ومعالجته، والفساد قد صورنا طبيعته، ولكن كيف لنا بلوغ المرحلة التي نستطيع من خلالها معالجة الفساد؟

هل نعالجه بالاستجواب تلو الاستجواب، وننتهي بفارق صوتين أو ثلاثة عند التصويت على طرح الثقة أو عدم التعاون، أو من خلال حملة تطالب الحكومة بالرحيل أو من خلال تدخل الحكماء؟

في تصوري الشخصي ان المسألة بلغت حد «آخر العلاج الكي»، بمعنى انه لابد من تدخل الحكماء لأخذ قرار فوري يستأصل أوجه الافساد، حيث الفساد قد عبرنا بحره، ونحن في نفق الافساد نلاحظ عوامله ومحركيه من دون حول ولا قوة منا، وتوجه النواب في تقديم استجوابات يعطي دلائل وبراهين على استمرار مسلسل الفساد!

عقد بـ 800 مليون، ومسؤولون أصحاب عمل خاص بعد ساعات العمل أعينهم متجهة بأبصارها الى مصالحهم، وهم بعيدون كل البعد عن اصلاح مؤسساتهم... انهم يعملون وفق منهج «باصيلي وأباصيلك» حتى «تنتفخ كروشهم»، ويضيع العباد وتضيع مصلحة البلاد!

نعيد أحداث خيطان ومطالبة النواب بكشف تجار الاقامات، ومسلسل اللحوم الفاسدة، ومسلسل الاعتداءات التي أضرت بالنسيج الاجتماعي، ونطالبهم بقراءة الفضائح المنشورة على صدر صفحات الصحف اليومية، وما ينشر في منتديات ومواقع الشبكة العنكبوتية، ونوجه السؤال التالي: ماذا تريدون من هذا البلد وما هو مصيرنا بعد غياب صفة القرار الصالحة!

لقد سئمنا من اتباع «الهون أبرك ما يكون»، لقد سئمنا من مطالبة البعض في القضاء على اللحمة الوطنية... لقد سئمنا من مناصب قيادية توكل وفق مبادئ عرجاء فلا صحة، ولا تعليم، ولا تنمية بشرية، ولا أمن اجتماعي، سياسي وغذائي ولم يتبق لنا سوى حرية التعبير التي تعتبر أضعف الايمان!

المعالجة تبدأ من محاسبة المقصر، ارساء مبادئ الفكر الاستراتيجي، تطبيق القانون، القضاء على الواسطة، تغيير القياديين المنتهية صلاحيتهم، المصارحة والابتعاد عن المكاسب عند المعالجة وبسط مبدأ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص... من هنا نستطيع تغيير وجهتنا الى حيز الاصلاح بمختلف جوانبه... والله المستعان!





تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]