مصطلح ثورة هنا نطلقه بشكل مجازي على الحراك الذي تقوم به بعض الجهات المدعومة صهيو- أميركياً في بلدان حكوماتها تتبنى التصدي للأجندة الصهيو- أميركية في المنطقة، ونقصد تحديداً إيران وسورية.
رغم ان الثورات التي قام بها التونسيون والمصريون صبت في خانة مضادة للمصالح الصهيو- أميركية وأجندتها، وكان في شعاراتها ما لا يدع مجالاً للشك بمعاداتها للصهاينة، إلا أن بعض الجهات والأفراد في كل من إيران وسورية من المدعومين صهيونياً وغربياً تحاول أن تسوق نفسها وكأنها تمثل حراكاً شعبياً يتماثل مع ما يجري في المنطقة من ثورات.
المفارقة الطريفة في هذا الموضوع هو أن الجهات التي تحاول أن تقوم بهذا الحراك من أمثال كروبي ومير موسوي في إيران تتحجج بأن رغبتها بالتظاهر تنبع من أنها تريد أن تبدي دعمها للثورة في مصر مثلاً، في حين أنهم أنفسهم كانوا يتظاهرون قبل أشهر منددين بمواقف المرشد وحكومة أحمدي نجاد في دعمهم للمقاومات في فلسطين ولبنان وتصديهم لشؤون المنطقة، وكان من ضمن مطالبهم وشعاراتهم في هذه التظاهرات ما معناه «لا غزة ولا لبنان كل ما يعنينا هو إيران».
أما في سورية فالرموز المعارضة لطالما تمتعت بالدعم الغربي، وقد انكشفت اقنعتهم تماماً في فترة «الحرب الصهيو- غربية» على سورية بعد إغتيال رفيق الحريري في لبنان حيث ظهر تحالف هؤلاء المعارضين السوريين مع أمثالهم اللبنانيين في مجموعة 14 آذار مع الغرب بأجنداته المتفقة على حماية ودعم الكيان الصهيوني، وهذا ما ظهر في فضائح «الليكسات» المختلفة بالوثائق والصوت، حيث عملوا جميعاً على إسقاط النظام في سورية ومنوا بفشل ذريع.
شعوب المنطقة برمتها تناضل وتضحي من أجل الخروج من معسكر «الاعتلال» بتبعاته الداخلية الظالمة والناهبة والفاشلة، و...، ومن تبعاته الخارجية المذلة والمهينة والمرتهنة للأجندة الصهيو- أميركية المصطفة مع الكيان الصهيوني ضد الأهل في فلسطين. في هذا الوقت بالذات نرى هذه المعارضات في إيران وسورية تسعى لإدخال هاتين الدولتين المقاومتين في معسكر «الاعتلال» ذاته، وكأنهم يعتبرون شعوب هاتين الدولتين يتحرقون للدخول في الوضع الذي كان فيه الشعبين المصري والتونسي قبل نجاح ثورتيهما وأن شعبي الدولتين إيران وسورية مستعدون لبذل الأرواح والدماء في هذا السبيل، وفي سبيل أن يحكمهم نظام يكون حليفاً للصهاينة والأميركيين ويحمل راية «الاعتلال».
لقد كان الأجدر بهؤلاء أن يتواروا مع أمثالهم في لبنان بعد أن سقطت الأقنعة وسقطت الأنظمة الحليفة للأجندات الصهيونية - الأميركية وبعض الاوروبية، ولكن من يشارف على الغرق يتمسك بالقشة.. قشة الامبراطورية الأميركية الآفلة.
د. ياسر الصالح
كاتب وأكاديمي كويتي
[email protected]