فيلمان عن التأثيرات المروّعة لقنبلة هيروشيما
«وجه جيزو» و«جين»... صدما الشباب الكويتي
1 يناير 1970
07:09 ص
| كتبت منى كريم |
«هيروشيما» اسم مخيف ومحزن ارتبط بذكريات أليمة للبشرية جمعاء إلا أن بشاعة ما حصل في اليابان عام 1945 أكبر من أن يوصف لدرجة أن البعض منا يعتقد بأن هنالك قصصا مختلقة ومبالغة تناقلتها الأجيال لتهول مأساة ما حدث. واخيراً نظمت السفارة اليابانية في الكويت عرضاً لفيلم سينمائي اسمه «جين حافي القدمين» تم إنتاجه عام 1983 عن أحداث القنبلة النووية التي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما. وبحكم الحدث الذي تناوله الفيلم كان هنالك الكثير من القسوة في المشاهد التي صدمت الجمهور الكويتي على الرغم من أن العمل فيلم كارتوني إلا أن الأداء الصوتي والمشاهد والمؤثرات الصوتية كانت كفيلة باستفزاز من حضر العرض.
مخيلة الإنسان الكويتي بشكل طبيعي ليست معتادة على هذا النوع من المشاهد، فلربما يعرف المتابع السينمائي الكثير عن أفلام الحروب بأشكالها الواقعية المباشرة، إلا أن هذا الفيلم كانت فيه مشاعر خاصة وذلك لأننا شاهدنا طفلاً يابانياً يفقد أباه وأخته وأخاه الصغير في أحداث قنبلة هيروشيما ويضطر إلى رعاية أمه الحامل التي تلد طفلة بعد وفاة زوجها وأبنائها بساعات قليلة ليصرخ ابنها جين باكياً «هل بإمكانكم أن تروا أختنا الجديدة؟ إنكم موتى كيف لكم أن تشاهدوها؟».
قصة العمل مأخوذة عن عمل «مانجا» للمؤلف ناكازاوا كيجي وهو أحد الناجين من الانفجار النووي لهيروشيما، وقد لقي كتابه نجاحاً جماهيرياً ساحقاً وكان من أكثر الكتب مبيعاً، وكان تحويله إلى فيلم كارتوني خطوة ناجحة ومحاولة لتعريف الجيل الجديد على مأساة لم يشهدوها بشكل شخصي، وقد عمل المخرج ماساكي موري على التقاط أبشع ما شهدته البشرية من خلال طفل صغير لا يملك أي أحقاد أو وعي سياسي يحلل ويبرر من خلاله المآسي التي يشهدها.
الحضور في الفيلم كان قليلاً جداً، إلا أن غالبية من حضر كان من الجيل الشاب حيث يوجد في الكويت قاعدة شعبية كبيرة من الشباب والمراهقين ممن يعشقون الرسوم الكارتونية اليابانية والتي تختلف عن الكثير من الثقافات الأخرى، ولم يتوقع الشباب المتواجد هذه القصة المأسوية الحزينة وكانوا يتهامسون في ما بينهم للتعبير عن الصدمة أمام الآثار الجانبية التي خلفتها القنبلة النووية فلم يتوقعوا أن تتعدى حادثة هيروشيما جزئية الموت المباشر، فشاهدوا مشاهد للبيوت التي هدمت فوق أصحابها والأجساد التي ذابت بفعل الأشعة التي بثتها القنبلة إضافة إلى آثار أخرى استمرت بالتأثير على التكوين الخلقي والصحي للشعب الياباني عبر الأجيال.
«وجه جيزو» فيلم ياباني آخر تدور قصته حول نفس «الثيمة» المؤلمة، ويحكي قصة «ميتسويه» وهي فتاة يابانية عانت الآثار النفسية لقنبلة هيروشيما لتعيش وحيدة بعد موت والدها في الانفجار النووي فتلتقي بشاب بادلته الإعجاب إلا أنها رفضته بدافع الشعور بالذنب وبأنها لا تستحق السعادة بعدما مات والدها ونجت هي من المصير ذاته، وكأن الحزن طريقها للوفاء لوالدها ولكل من مات في أحداث هيروشيما.
الفيلم مستوحى من مسرحية لهيساشي اينويه الذي نشر نص العمل في عام 1994 وحقق صدىً كبيراً في اليابان ليصبح نصاً مهماً تتناوله المراكز الثقافية اليابانية والجهات التعليمية والأكاديمية لأنه يتناول بعداً آخر لأحداث هيروشيما وهي الآثار النفسية التي خلفتها على من استطاع العيش بعد الأحداث.
المخرج «كازؤو كوروكي» قدم العمل بشكل جميل وسلس، وقد تم إنتاج الفيلم قبل سبع سنوات باهتمام كبير بخصوصية الثقافة اليابانية ليكون العمل انعكاساً لهذه الثقافة. والفيلم مثل نص المسرحية الأصلية يعتمد على شخصية الفتاة وشبح والدها الذي يظهر ليدخل في حوارات مع ابنته مؤكداً على حقها في السعادة وحب الحياة والبحث عن الجمال والمتعة فيما حولها، فهو لا يحب أن يراها حزينة كرسالة لكل شخص نجا من الحرب والموت في أن التفاؤل واجب والحياة بها ما هو أجمل يستحق العيش من أجله والبحث عنه.