قبل بضعة أسابيع رأيت على باب بيتي ورقة من لجنة إزالة التعديات على أملاك الدولة تطالبني بإزالة سياج صغير من الزرع في زاوية البيت يعطي البيت منظراً جميلاً دون أن يؤثر على حركة مرور المشاة. استشرت بعض المعارف في مسألة الازالة فقالوا لي: «ما عليك منهم، ان كان فيهم خير خلهم يبدأون بالمخالفات الكبيرة في البلد».
ولكن لأنني لا أحب مخالفة القانون، فقد أحضرت عاملاً أزال السياج فشعرت بالراحة لتنفيذ القوانين.
قضية ازالة التعديات على أملاك الدولة تمثل بالنسبة لنا لغزاً كبيراً، فالناس يشعرون في قرارة أنفسهم بأن بلداً مثل الكويت لا قيمة للقانون فيه، والانتهاكات فيه للقانون تشمل جميع نواحي الحياة، بل هي الأصل، فلماذا تصر الحكومة على ازالة التعديات على أملاك الدولة دون غيرها من المخالفات؟! ولماذا تصر على ملاحقة الصغار، وتترك الكبار؟!
وعندما تكلمت لجنة الازالة عن تطبيق القانون على الدواوين المخالفة كان أول من انتفض نواب مجلس الأمة ونواب المجلس البلدي، فقامت صحافتنا الحرة بتصوير دواوين النواب الكثيرة المخالفة للقانون لتكشف للناس سرّ تلك الغضبة العارمة. طبعاً فإن المجلس البلدي المنوط به تنظيم العمران وتطبيق قوانين السكن هو أول من انتفض ضد قرار ازالة التعديات واصدر توصيته بتأجيل الازالة، وهذا في العرف الكويتي معناه الغاء قرار الازالة، كذلك فكر بعض نواب مجلس الأمة بتقديم مشروع قرار أو قانون يمنع من الازالة.
وبدأت الاسطوانة القديمة تشتغل: «اشمعنى الدواوين وليس الشاليهات؟! واشمعنى الشاليهات وليس الجواخير؟! واشمعنى أراضي المناطق البعيدة وليس الشويخ الصناعية؟!».
جميع تلك الحجج صحيحة ومنطقية، بل ان سكوت الحكومة عن بناء مئات الدواوين المخالفة حتى تصور الناس بأنها ستسمح بها هو أكبر خطأ ارتكبته الحكومة، ولكننا نقول: مع كل ذلك فنحن نبارك ازالة الدواوين المخالفة بشرط البدء بالوزراء والشيوخ والنواب ثم التحول الى من دونهم، وليكن ذلك في ليلة ظلماء حتى يستيقظ الناس على الأمر الواقع.
إذا فعلت الحكومة ذلك ولو لمرة واحدة، فصدقوني ان هيبة القانون سترجع الى البلد وللأبد وسيتراكض الناس على تطبيق القانون في حياتهم.
قبل أن نحاسب الدانمرك
تلقيت كما تلقى كثير من الاعلاميين اتصالات من الصحف تسأل حول الموقف المطلوب منا تجاه الدانمرك، ونُظم كثير من المهرجانات الخطابية تستنكر الاساءة الى الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وتطالب بالانتقام له، وفي ردودي كنت أشعر بأن كلامنا كله من باب الاستهلاك ولتبرئة النفس من عدم فعل شيء، ولكن لو دققنا النظر في الموضوع لعلمنا بأننا نغضب على دولة غير مسلمة تعتبر الاديان أفيون الشعوب ولا تقيم وزناً لدين ولا ملة، وأن تأثيرنا عليها قليل جداً، بينما لدينا في داخلنا ومن بني جلدتنا من يهين الاسلام ويرد أحكامه ويستهزئ بأوليائه ليلاً ونهاراً، ويحارب مظاهر الحجاب والفضيلة دون حياء، ومع هذا لا تتحرك ألسنتنا لردعه عما يفعل، ولا تتحرك أيدينا لمنعه من الجرأة على ديننا، بل نتشدق بالترحيب به وملاطفته وقبوله بيننا تحت مسمى الوطنية والديموقراطية وغيرها. كيف يحترمنا الأعداء ان لم نحترم أنفسنا؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]