د.عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / إما اعتدلت وإما اعتزلت

1 يناير 1970 03:38 م
بدأت أكتب مقالي ظهر الخميس، أي عقب سماع خبر قبول استقالة (أو إقالة لا فرق) رئيس الحكومة المصرية أحمد شفيق عن منصبه، وتعيين الدكتور عصام شرف وزير النقل الأسبق كرئيس جديد للحكومة، وذلك استجابة لنبض شباب الثورة المصرية البيضاء، الذي لم يرضخ لأوامر الجيش، وقرر الاعتصام في ميدان التحرير حتى يتم تلبية جميع مطالبه، وعلى رأسها إقالة أحمد شفيق، وقد كان لهم ما أرادوا.

لمصر دورها الريادي في المنطقة العربية، وأي تغيير فيها يؤثر على بقية مكونات العالم العربي من شعوب وحكومات، إن ما يحدث في مصر اليوم هو ثورة على الخوف الداخلي الذي منع رجل الشارع العادي أن يطالب بأبسط حقوقه، وبما أن المطالبات وصلت إلى رأس الهرم، وتم التنحي، فلم تعد هناك هالة حول أحد، فإما أن تخدم الشعب وتحترمه وتقوم بمسؤولياتك، وإما أن تتنحى.

قاعدة بسيطة لا تحتاج إلى تعقيد «إما اعتدلت وإما اعتزلت»، قاعدة أتمنى أن نصل إليها في الكويت، أن يستطيع الشعب أن يقول كلمته، لا عن طريق ممثليه في البرلمان فحسب، ولكن عن طريق شبابه الواعي والمثقف، نريد للشعب أن يقول كلمته بصوت عال وبكل وضوح، وعلى الحكومة أن تسمعها وبكل شفافية، وأقترح على السلطة أن ترهف سمعها، فموجات الأثير لا نحتاج كي نسمعها سوى أن نضبط أجهزتنا الداخلية، ونتخلص من كل المشوشات التي تعيق الاستماع لها.

استخف الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بانتفاضة شباب تونس واحتقرها، ولم يقرأها جيداً، فكانت النتيجة هروب إلى جدة، ولم يستوعب الرئيس حسني مبارك، الذي أجبر على التنحي، هتافات شعب مصر في ميدان التحرير وعشرات الميادين في طول مصر وعرضها، إلا بعد فوات الأوان، وها هو القذافي يقتل شعبه بالراجمات والطائرات، ويدعي محبة الشعب الليبي له، وسينتهي قريباً بإذن الله، وكذلك اليمنيون قالوها منذ البداية، ولكن ثقافتنا العربية تأبى إلا التمسك بكرسي الحكم حتى آخر رمق في الحياة.

الإشكالية الكبرى أن الحكومات لم تتعلم الدروس بعد، ولذا فيجب عليها أن تعي أن التغيير مقبل لا محالة، وعليها أن تبادر إلى التحول السريع نحو أنظمة أكثر انفتاحاً لرأي شعوبها، بأن تسمعه وتنصت له وتتحسس آلامه وتتعرف على أحلامه

أن تولي القوي الأمين، الحصيف المخلص، الذي يخاف الله، وفي عينيه وطن يخاف عليه، فهل تلك المطالب كبيرة، وهل خالفنا الفطرة السليمة، بأن نكون أحراراً في أوطاننا؟!





د.عبداللطيف الصريخ

كاتب كويتي

Twitter : @Dralsuraikh