وقع وزراء الإعلام العرب على ميثاق شرف يهدف إلى التعامل مع الإعلام بطريقة مماثلة لما هو متبع في أوروبا وباقي المجتمعات، ولكن يظهر من بنود الميثاق أن العملية مخالفة لهدف الميثاق!
لقد جاء في الميثاق بنود غريبة، ولا نعلم إن كان لذلك الميثاق مذكرة تفسيرية، وإن لم تكن، فهذا يعني أنها تدفع نحو تقييد للحريات وبسط حالة ضبابية على القطاع الإعلامي في الوطن العربي.
وجاء في أحد البنود أن الدول العربية لا تسمح بنشر ما فيه مساس بالرموز الدينية والوطنية، وفي بند آخر السماح للدول بسحب ترخيص المنشأة الإعلامية التي تنشر موضوعاً يحرض على العنف والكراهية.
لقد شاع أن الكويت تتمتع بحرية إعلامية منقطعة النظير ولا يوجد لها مثيل في الوطن العربي، والدستور الكويتي من جانب آخر أعطى الحق للنائب في إبداء رأيه من دون قيود ولا يؤخذ على ما بدر منه من قول وعمل في مجلس الأمة: فهل يعني لو أن نائباً ذكر موضوعاً ما قد يتم تفسيره بأنه مساس بأحد الرموز الوطنية في الوطن العربي سيتم عندها سحب تراخيص الصحف المحلية كلها والقنوات الفضائية والجهاز الإعلامي الحكومي الذي يبث جلسات مجلس الأمة؟ ثم من هم الرموز الوطنية والدينية؟
إن مشكلتنا الإعلامية في الوطن العربي أننا نبحث عن العمل ولم نجد إلا هذا الميثاق في حقبة من الزمن تشاهد فيها بقعة الوطن العربي، وهي تعاني من قضايا أكثر خطورة وحساسة من الجانب السياسي والاقتصادي والتعليمي... فهل هناك قناة فضائية تثير الكراهية وتبث قضايا تعكر صفو العلاقة بين الدول العربية أكثر من قناة «الجزيرة»؟
إن غالبية أفراد في المجتمع العربي ينقادون وراء ما تبثه القنوات الفضائية والصحف، وحري بالوزراء العرب البحث في جانب المصداقية المفقودة لدى الكثيرين، بدلاً من التوقيع على ميثاق شرف بنوده ظهرت غامضة وتحتاج إلى بنود تفسر ما جاء فيها؟
لماذا يحاولون تلبسينا ثوب ثقافتهم الإعلامية، ونحن في دولة منحها الله دستوراً ضمن حرية إبداء الرأي للجميع، رغم محاولات البعض معالجة تفسير وزارة الإعلام لقانون المطبوعات الأخير، والذي طرح بطريقة غير مباشرة قيداً يقلل من مستوى الحرية الإعلامية التي تعتبر حقاً دستورياً كفله المشرع لها؟
نحن في ميثاق الشرف المذكور أقحمنا في صراعات تعددت فيها مشارب الرموز الوطنية، وغلفت فيها بعض القضايا بطابع سياسي، وتبددت الحريات بشكل ملحوظ وبالقانون.
إننا ندعو جمعية الصحافيين الكويتية وجميع الإعلاميين إلى تفحص بنود الميثاق، كي لا نجد غالبية المجتمع الكويتي من الإعلاميين في وجه قضايا فسرت على نحو خاطئ!
هذا ونؤكد هنا على ضرورة العمل الجماعي العربي الذي يمنح المزيد من الحريات والمسؤولية، وإن كان لا بد من ميثاق شرف، فليكن ميثاق شرف يؤصل مبدأ المصداقية في مجمل القضايا المطروحة ويعالج القضايا العالقة التي تخدم المجتمع العربي وتساعده على تحريره وتنميته... والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]