اللاعب الكويتي لم يستفد من هذه التجربة مثلما استفاد زميله الخليجي
احتراف أقرب إلى... «الانحراف»!
1 يناير 1970
04:22 ص
| كتب مصطفى جمعة |
علاقة لاعبي الكويت لكرة القدم مع الاحتراف الخارجي علاقة مادية بحتة فقط رغم مرور 15 عاماً منذ وقع لاعب المنتخب الوطني ونادي السالمية علي مروي عقد احتراف مع النادي الاهلي السعودي في جدة في العام 1996 ليدخل التاريخ بانه اول لاعب كويتي محترف منذ دخول كرة القدم الى الكويت في العام 1932.
لم تستفد كرة القدم الكويتية بشكل ملموس من حيث التطور في الاداء او من حيث الانجاز كما حدث مثلا لكرة القدم العمانية التي جنت الكثير بفضل احتراف لاعبيها في معظم دول الخليج وحارس مرماها علي الحبسي في انكلترا، وايضا لكرة القدم البحرينية حيث شكل قوام منتخبها في يوم من الايام معظم اللاعبين المحترفين في الكويت وقطر والسعودية والامارات.
حالة الرفاهية
البعض ارجع عدم الاستفادة من التجربة الاحترافية للاعبين الكويتيين الى حالة الرفاهية التي يعيشها اللاعب الكويتي في دولته التي توفر لابنائها سبل العيش «السوبر»، لدرجة ان المدرب الصربي الشهير دراغان الذي درب الجهراء والعربي والقادسية في فترة من الفترات قال «اللاعب الكويتي موهبة بمعنى الكلمة بل من اكثر المواهب في منطقة الخليج كافة، لكنه يفتقد الدافع للتفوق والدفاع عن مكانته».
واضاف وانا عندما اقول ذلك لا اقول من واقع نظري لكن من شواهد لمستها بنفسي حيث دربت في الامارات وقطر وكدت ادرب نادي الهلال السعوي لولا الجنسية اليوغسلافية حينذاك اي في العام 1990.
ومما يؤكد ايمان عدد كبير من المدربين الاجانب بموهبة اللاعب الكويتي ان «جبل الجليد» المدرب الاوكراني الكبير الراحل لوبانوفسكي هو من رشح اللاعب الكويتي المغفور له ناصر السويحي للاحتراف في نادي دينامو كييف وبالفعل ذهب الى كييف وخضع للتجربة ونجح فيها لكن وقف ناديه التضامن حجر عثرة امام احترافه على حد قوله.
و الاحتراف هو لغة التعامل في العصر الكروي الحالي ويرى البعض بأنه الرابط والمحدد للعلاقه بين اللاعبين والأندية الرياضية».
الاحتراف مشتقة من حرفة
و كلمة احتراف مشتقة من كلمة حرفة أي مهنة أو عمل... والاحتراف في كرة القدم يعني التفرغ الكامل وامتهان كرة القدم كمهنة أو صنعة، وبالتالي التفرغ الكامل لممارسة كرة القدم يتقاضى فيها اللاعب لقاء ممارسته كرة القدم مبالغ مالية كرواتب ومكافآت وبدلات بموجب عقد محدد المدة.
و لابد أن يعي اللاعب الكويتي تماماً معنى الاحتراف، وهو الوصول باللاعب إلى مستوى عالٍ من الأداء العام بمفاهيمه البدنية والمهارية والخططية والتكيّف النفسي الذي يسمح له بالتفوق والمساعدة في تحقيق نتائج أفضل لناديه.
ولعل رد علي مروي صاحب اول تجربة احترافية كويتية في السعودية يوضح بشكل جلي لا لبس فيه ان مفهوم اللاعب الكويتي من الاحتراف فقط مادي ومظهري حيث قال «في الحقيقة الاحتراف اضاف الاستفادة المادية والنقطة الثانية هي دخولى تاريخ الكرة الكويتية بأنني اول لاعب احترف خارج الكويت لنادي الاهلى السعودي ولكن لم استفد استفادة من هذا الاحتراف».
وكلمة الاحتراف لا ترتبط بالمال فقط كونها دلالة وصفية على وصول الفرد إلى مستوى طيب من الإتقان في عمله أو صنعته.
ضرورة وليس رفاهية
والاحتراف لابد منه لتطوير كرة القدم في الكويت كونه النافذة الوحيدة التي يطل من خلالها اللاعب والمدرب والمؤسسة الرياضية بأكملها لتجويد العمل وفق فلسفة عملية ترتبط بمعرفة آخر مستجدات العلوم الرياضية الحديثة، وخصوصاً تطورات أساليب ونظم التدريب في كرة القدم وأيضاً كيفية التعامل مع اللاعب كونه الغاية والهدف في آنٍ واحد، ووضع خريطة طريق لكل العاملين في المنظومة كلها.
والاحتراف يعني الانضباط في السلوكيات والانصياع التام للتعليمات والتي منها أن يلتزم بالتدريب في الأوقات التي يحددها النادي إن كان في الفترة الصباحية أو المسائية، وأن يؤدي المباريات وفق ما يطلبه المدرب واحتياجات الفريق، وهذا المفهوم يحتاج إلى أن يتفهم ويمتلك اللاعب ثقافة الاحتراف الحقيقية، حتى يعرف حقوقه وواجباته، والتزاماته.
فالمحترف عليه أن يتدرب مثلاً ما يعادل أربع إلى ست ساعات يومياً، إضافة إلى حصص التدريب المهارية والمحاضرات النظرية وجلسات المعالجة الطبية والنفسية، واتباع نظام غذائي صارم وانضباط في السلوكيات والأخلاقيات
ظاهرة وليس أصلية
ورغم ظاهرة الاحتراف الخارجي عند لاعبي كرة القدم الكويتية تعتبر نسبيا قليلة بالقياس مثلا بالبحرين او عمان الا انه لم يبث فيهم من رجال الاتحاد الكويتي للعبة او انديتهم ثقافة الاحتراف ولذلك لم يستمر منهم كثير في انديتهم سواء في السعودية او قطر او في عمان او حتى في سلوفاكيا او البوسنة والهرسك التي كانت بوابة فقط للعودة الى اللاعب في الكويت مع اندية ذات مردود مادي اكبر فقط.
وصناعة الاحتراف تبدأ مع اللاعب الناشئ، فبجانب إعداد الناشئ بطريقة علمية سواء في التدريب أو اكتساب مهارات اللعب أو التغذية أو اللياقة البدنية يتم إدخال مفهوم الاحتراف في ذهنه وتطبيقه عملياً بضبط سلوكياته الرياضية بصرامة ودرجة عالية من الانضباط حتى يعتاد على ذلك في مراحل طفولته المبكرة عن طريق أندية متخصصة في الألعاب الفردية والجماعية تساعد بشكل آخر في هذا النجاح.
لماذا القلق في الاندية السعودية؟
ومن اجل هذا كان بعض رجال نادي النصر السعودي يشعرون بالقلق لفكرة التعاقد مع لاعب منتخب الكويت والقادسية بدر المطوع خاصة وانه لم يمارس التجربة الاحترافية بالشكل المطلوب لكون كرة القدم الكويتية لم تأخذ بالمنهج الاحترافي، وان الوضع كما هو الذي كان عليه ايام تعاقد الاهلي مع لاعب منتخب الكويت السالمية علي مروي في منتصف التسعينات من القرن الماضي لم تأت بثمارها رغم ضخامة عقده وراتبه الكبير آنذاك إلا أنه لم يقدم العطاء الذي كان منتظراً منه.
وهو ما تكرر مع زميله في «الازرق» والسالمية بشار عبدالله في العام 1998 والذي نال الهلال توقيعه بعد صراع من نده النصر ورغم ان بشار شارك بايجابية في تجربته الاحترافية في الهلال الا ان ادارة الهلال لم تجدد له ليس قصوراً في موهبته صاحبة الصوت العالي ولكن لافتقاره للمعنى الاحترافي.
الهويدي لم يكن أفضل من بشار
وعندما حصل جاسم الهويدي على لقب هداف العالم اعتقدت ادارة الهلال ان شيئاً ما حدث في كرة القدم الكويتية بدليل ان احد لاعبي منتخب الكويت والسالمية ايضا تربع على صدارة هدافي العالم فكرروا التجربة معه، ولم يكن الهويدي أفضل حظاً من بشار ولعب موسما ورحل عن الملاعب السعودية.
ولم يكن حظ لاعب خط وسط منتخب الكويت وكاظمة بدر حجي افضل من ابن جلدته حيث قضى تجربة احترافية مع نادي الشباب السعودي ورغم حضوره المميز لكن لم يزيد ايضا على موسم واحد مثل مالك القلاف مع الرائد، وفرج لهيب مع الاتفاق وفهد الرشيدي مع ام صلال القطري والحزم السعودي.
وكرر الشباب التجربة مع أحمد عجب، ومساعد ندا الذي تعاقد معه مجددا على سبيل الإعارة، في الوقت الذي تعاقد فيه النصر مع المطوع.
هروب وليس احترافاً
وبالطبع لا تعتبر تجارب اللاعبين الذين شاركوا اخيراً في مسلسل الهروب تجارب بالمعنى المطلوب لكن حدث التفاف للحصول على بطاقاتهم الدولية للانتقال الى اندية كويتية وهو ما تحقق لبعضهم او سيتحقق في القريب العاجل وهم: خالد علي ناصر القحطاني وحارس المرمى سعد العنزي ومحمد فريح وحماد العبيدلي، و الحارس احمد الفضلي وطارق الشمري، ومرزوق زكي وعبيد منور حمد امان وجابر جازع واحمد ابراهيم.
أكثر التجارب الاحترافية صدقا
ولعل أكثر التجارب الاحترافية للاعبين الكويتي صدقا تجربة حارس مرمى منتخب الكويت والتضامن السابق والعربي الحالي خالد الرشيدي مع نادي تارتان بريشوف السلوفاكي، نادي ترتان بريشوف هو ناد سلوفاكي الذي ينتسب اسمه الى مدينة «بريشوف» هو واحد من أقدم أندية القدم في سلوفاكيا، حيث تأسس في الـ25 من مايو 1898 كان الحصان الأسود للكرة السلوفاكية في الستينات والسبعينات لكنه لم يربح بطولة. وافضل انجاز يحسب لهذا النادي هو المركز الثاني في الدوري في عام 1965 و 1973 ووصوله النهائي في عام 1966 وعام 1992 لكنه لم يفز بالكأس.
وحجز الرشيدي مقعده في التشكيلة الأساسية للنادي السلوفاكي بعدما ظهر بمستوى فاق جميع الحراس الآخرين خلال خضوعه لفترة تجربة أثناء المعسكرين التدريبيين اقامهما بريشوف قبل خوض استحقاق الدوري الأول داخلي في سلوفاكيا و الثاني في مدينة أنطاكيا التركية حيث خاض الفريق من أربع إلى خمس مباريات تجريبية مع فرق اجنبية ابرزها رابيد فينا النمساوي.
وقال الرشيدي عن هذه التجربة الاحترافية لقد استفدت كثيراً خلال احترافي مع فريق بوروشوف ولمست عن قرب حقيقة الاحتراف ومدى تأثيره على تطوير مستوى اللاعب حيث التزمت ببرامج كثيرة وضعها مجلس الإدارة والمسؤولين في النادي لتوفير عامل الانضباط الذي يعتبر ضرورياً جدا لخلق عناصر عديدة منها التفاهم والانسجام وخلق روح الفريق الواحد القادر على المنافسة واحتلال المراكز المتقدمة ضمن الاستحقاقات المحلية والخارجية هناك.
كما التزمت ببرنامج غذائي مدروس يشمل الوجبات الثلاث ويبدأ يومي في ساعة مبكرة من الصباح لإجراء التدريب الأول قبل تناول وجبة الغداء التي عادة ما تكون خفيفة ثم أذهب مع زملائي اللاعبين لخوض التدريب المسائي.< p>