لست من الذين يعمدون إلى مزاولة بعض الطقوس عند الكتابة، وأسعى دائماً ألا اقترب من الورقة إلا عندما اشعر بأن الورق يناديني كي استهل معه مشواري واحلق في بياضه.
لم تستطع شبكة الانترنت رغم انتشارها العالمي، وكثرة مواقعها الأدبية، وما يعرض فيها من كتب الكترونية مجانية، أن تؤثر سلباً على طباعة الكتب، أو على تلك العلاقة الحميمة بين القارئ والكتاب، إن للكتاب مزايا كثيرة يتميز بها تجعله من أهم أوعية حفظ العلوم وأدوات الثقافة، رغم التطور التكنولوجي الذي وصلنا إليه في تعدد وسائل نقل المعرفة من مقروءة ومسموعة ومرئية، فلنطمئن إلى أن الكتاب لا يزال بخير.
إن قراصنة الأدب، هم من الأغبياء! فهم يقومون بنشر ما يسرقون في أماكن كثيرة ومختلفة، وهم بذلك يقدمون خدمة جليلة للكاتب وصاحب العمل المسروق، بأن يصل عمله الأدبي لأكبر شريحة من القراء، وزد على هذا أن هذه الفعلة تهب الكاتب شيئاً من الفرح والنشوة حيث إن المثل الصيني يقول «لا تقع البقعة إلا على الثوب الجميل»، وكذلك إن هذا النوع من السرقات يُكشف سريعاً، وبعد هذا كله سيسقط السارق سقطة لا يقوم بعدها!
الناقد الحقيقي هو بمثابة المرأة والعين الثالثة للمبدع، والنقد والنقاد الحقيقيون ساهموا كثيراً وبشكل واسع في ارتقاء الكثير من المبدعين ووصولهم للعالمية. إن العلاقة بين الناقد والمبدع أشبهها بعلاقة الرحالة بخريطته، بشرط أن تكون تلك الخريطة قد رُسمت بدقة، وتحمل معلومات ومسافات وقياسات صحيحة. وبالنسبة لي فلاشك أنني أحب أن أعرض أعمالي على النقاد المختصين الحقيقيين كي أزداد قوة وخبرة، ولكي أتلافى ما وقعت فيه من أخطاء.
إن الفضائيات العربية لم تساهم في نشر الثقافة الجميلة والأدب القيم الذي تحتاجه الشعوب العربية باستثناء عدد قليل جداً من تلك الفضائيات التي قد تعد على أصابع اليد الواحدة. إن فضائياتنا العربية لم تهتم حتى الآن إلا بما يجعلنا في مؤخرة الركب! فتراها لا تقدم للمشاهد إلا الرخيص بفكر تجاري بحت، وليس لها دور حقيقي في تفعيل وتقريب الروابط بين المثقفين العرب.
نعم عبر الواسطة فرض على الناس كثيرون من لا يستحقون الظهور الإعلامي، إن هناك من يعتقد أنه قادر على أن يخدع كل الناس لكل الوقت في تلميعه لأشخاص جمعته معهم المصالح الشخصية البحتة! إنهم لن يخدعوا إلا أنفسهم، اننا نعرف جيداً من هو المبدع الحقيقي ومن الآخر المُلمع!
في بدايتي كنت أكتب بأسماء مستعارة عدة، بل بلغ الأمر بي أنني أقوم بنشر مقال في إحدى الصحف ثم أكتب رداً عليه باسم مستعار آخر! وإن خوفي من النقد وكرهي للأصفاد وهروبي من المُخبر والجمارك في مدائن الورق، كل ذلك دفعني لأن أكون مرتدياً لمعطف الاسم المستعار، أما عن ما تعرضت له من سرقات أدبية تحت الاسم المستعار فهذه ضريبة دفعتها وأنا مقتنع بها، إن نار اللصوص أرحم بكثير من نار الأصفاد والمخبر والجمارك!
الصحف الكويتية لم تستخدم حتى الآن إلا الشيء القليل من إمكاناتها، إنها لم تساهم كثيراً في نشر وغرس الأدب والثقافة الجميلة في المجتمع الكويتي، إن صحفنا الكويتية صبت جُل تركيزها على السياسة والفن وأهله، وتجاهلت أجمل تلك الأشياء التي يحتاجها الشعب في مجتمعه.
حسين الراوي
كاتب كويتي
[email protected]