أوراق ملونة / صحن المسجد... في التاريخ الإسلامي

1 يناير 1970 12:37 م
|   بريشة وقلم علي الجاسم   |

الصحن هو ساحة مفتوحة في وسط المبنى، ويعود استخدامه إلى عصور كثيرة قبل الإسلام فقد وجدت بعض المنازل ذات الصحن في آثار الحضارات السورية القديمة**، وكذلك في سومر وبابل في العراق، وعندما خط الرسول محمد ابن عبدالله عليه افضل الصلاة واتم التسليم بناء مسجده الشريف في المدينة المنورة، كان الصحن من عناصر المسجد الرئيسة في بنائه، حيث أنه كان مصدرا أساسيا للتهوية وإضاءة رواق المسجد.

وقد اقتدى خلفاء المسلمين وامراء المؤمنين بعمارة المسجد النبوي الشريف فاصبح الصحن في كثير من المساجد التي بنوها في الامصار التي فتحت، وقد عرفت بعض صحون المساجد بتوفيرها للمياه ليتوضأ منها الناس- وهي- في الأغلب على شكل «بحيرات» يندفع إليها الماء الجارى ما شكل إضافة إلى مهمتها الأساسية واعطت لمسة جمالية على صحن المسجد كما في المسجد الأموي بالشام. كذلك استفاد المسلمون من صحن المسجد في استيعاب المصلين إذا زادوا عن طاقة حرم المسجد وفي ايام الدولة الطولونية أقيمت في صحن مسجد احمد بن طولون قباب صغيرة ذات أبواب مقفلة وضعت فيها اوراق الدولة ووثائقها الرسمية.

وتشير الدراسات إلى المؤثرات المناخية على عمارة المساجد، حيث إنها أثرت في تصميم عناصر المسجد الأساسية التي يأتي في مقدمتها صحن المسجد ورواق القبلة... فكان تحديد شكل الصحن ومساحته يتركان للظروف الخاصة بكل إقليم، فنجد أن الصحون المكشوفة تقل مساحتها كلما اتجهت شمالاً أو جنوباً في بلاد العالم الإسلامي.

وقد اختلفت آراء الفقهاء حول زراعة صحون المساجد فذهب الإمام الأوزاعي بجواز زرع صحون المساجد، وهو ما كان امره في بعض مساجد الشام وبلاد الأندلس، وقد أحدث هذا الأمر رد فعل لدى كثير من الفقهاء ومنهم العلامة ابن أمير حاج حنفي حيث ألف رسالة رد فيها على من جوَّز غرس الشجر في المسجد قال فيها: لأن فيه شغل ما أعد للصلاة ونحوها وإن كان المسجد واسعاً أو كان في الغرس نفع بثمرته، ولا يجوز إبقاؤه لقوله عليه الصلاة والسلام: ليس لعرق ظالم حق، لأن الظلم في وضع الشيء في غير محله وغرس الشجر في صحن المسجد ينطبق عليه ذلك.



* كاتب وفنان تشكيلي

[email protected]