«تجمع نسوي» هكذا يطلق على تجمع نساء عدة في مجلس يتناولن فيه الكثير من المواضيع يغلب عليها الطابع الأنثوي. «ديوانية نسائية» مطلب العديد من النساء للتجمع بانتظام وباستمرار في مقر معين، مع نجاح البعض في إقامتها على أرض الواقع، مصطلحات عدة ترمز لذلك التجمع الظاهري الخالي من المضامين العميقة والعقول النسائية المفكرة، الحديث فيه يتمركز حول الأمور الاجتماعية السطحية والتذمر من الأوضاع السائدة، ومن قضية المرأة التي تتكرر على مسامعنا لكن دون المحاولة في تقديم العلاجات والحلول، مع العلم أن النساء أعلم بأوضاعهن من غيرهن والأقدر على فهم مشكلاتهن والرقي بوضعهن الاجتماعي.
لا أطالب بحديثي هذا جعل ربات البيوت سياسيات محنكات، ولا أطالب من ليست له علاقة بقضية المرأة «سياسياً» بالدخول في دوامتها، ولكنني أطالب كل امرأة تمتلك مؤهلات علمية وفكرية مهما كانت بسيطة المشاركة في الارتقاء بأحوال المرأة الفكرية بعيداً عن «مجلس أمة» أو «حركة سياسية معينة»، أطالب بوعي قلما نجده في أكبر التجمعات النسائية، الوعي بأن الاهتمام بالمرأة لا يكون إلا بالاهتمام بفكرها وبنضج عقلها، الاهتمام ببناء ذاتها وتكوين شخصيتها القوية الواثقة من الحق وللحق.
ليس بالضرورة أن تكون سياسياً لتكون مهتماً بقضية المرأة فهي بعيدة أشد البعد عن المطالبات الحقوقية والقانونية البحتة، وقريبة كل القرب من البناء النفسي والعقلي للمرأة، بذلك تكون المرأة واعية وعياً كاملاً بقضيتها السياسية مع اتضاح الرؤية وتكوين الرأي، حتى لا نكون ممن لا يفرقون بين المهم والأهم والنافع والأنفع، لا بد من ترتيب أولوياتنا وفهم حقيقة ما نعانيه، نعم نرحب بالتجمعات النسائية الفكرية والعلمية والتطويرية والثقافية، وكفانا تجمعات سياسية لا فائدة منها وأخرى رياضية تطالب بشكل ووزن مثاليين، واكتفينا من «جاي الضحى» و«زوارات» و«عزايم» وتجمعات تكثر وتطول دون أن تدري المرأة بأنها تُسلب بذلك حقيقتها وحقيقة وجودها بأنها نصف المجتمع بل أساسه ودعامته، حقيقة أنها مفكرة، عالمة، مصلحة، داعية، بل أكثر.
أنوار الجويسري
[email protected]