فوجئنا كما فوجئ الجميع من أهالي الكويت قبل فترة قصيرة بخبر استقالة السيد العضو حسين القلاف من عضوية المجلس، وكان كتاب الاستقالة قد خطه السيد بيده تعبيرا عن موقفه الرافض تجاه ما يجري في الساحة السياسية بالبلاد من طعنات في جسد هذا الوطن من بعض أبنائه، وعن حالة عدم الاستقرار والتوتر والصراع وبروز النزاعات الطائفية والقبلية، ورفع شعارات باطلة في الفترة الاخيرة وهذا ما دونه السيد القلاف في كتاب استقالته، وان كنا نختلف معه في الكثير من المواقف والنقاط التي ركز عليها في كتاب استقالته إلا ان ما تم تسليط الضوء عليه من قضايا لا يرتقي الى تقديم استقالته فجأة، خصوصا عند حدوث الازمة بين السلطتين وما يتبعها من تشجنات «معروفة»، وقد كنا في ظروف سياسية تتطلب منه المزيد من العطاء والتضحيات في المجلس اكثر من اي مكان آخر، ولعل الجميع ايضا لاحظ كيفية تدني الاداء البرلماني للسيد القلاف في الفترة الاخيرة لاسباب كثيرة منها: مرضه المفاجئ وسفره خارج البلاد، تارة للدراسة وتارة اخرى للعلاج، وحضوره لجلسة الاستجوابات فجأة بعد غياب طويل، ربما يرجع لاسباب دفاعية عن الحكومة، وبالتالي نرى ان من ضمن اسباب استقالة القلاف كانت «ظهوره بمظهر المحامي عن الحكومة» وهذا امر لا يقبله على نفسه حسب قوله!
فالنائب حسين القلاف كان يقف ضد استجوابات نيابية مستحقة وكان اشد المعارضين لها، وربما يرجع ذلك الى المواقف النيابية التي واجهته اثناء طرحه القضايا الشعبوية منها عدم نجاح استجوابه التاريخي ضد وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد آنذاك عن الطفل الموءود، وكيف ان المجلس برئاسة النائب المخضرم احمد السعدون قد حول جلسة استجوابه الى جلسة سرية فجأة! فانصرف السيد القلاف من الجلسة وهو غاضب ومتوعد للحكومة ومن هنا نلاحظ ان النائب القلاف قد تغيرت مواقفه كثيرا عما كان عليه فاصبح لا يطبق موضوع طرح الاستجوابات منذ تجربته الأولى... كما ان للنائب بو صادق طلعات عجيبة كما يقول ابناء دائرته في طريقة طرح الاستقالة وتوقيته، فكلما اشتد النقاش والصدام بين السلطتين واقترب احتمال حل المجلس، يتقدم السيد القلاف باستقالته دون الرجوع الى مشورة ناخبيه وهذا قد تكرر مرتين.
على السيد القلاف ان يدرك ان الذي وصّله الى المجلس هم الناخبون، والناخبون لهم الحق في معرفة اسباب استقالته ان كانت مقنعة ام لا، لا ان يترك كتاب استقالته من عضوية المجلس ويسافر الى الخارج والناخب آخر من يعلم، ولعل بو صادق يعلم تماما ان الدائرة الاولى تشمل الكثير من المناطق وهي ذات كثافة سكانية عالية، وتقع فيها الكثير من المشكلات والقضايا العالقة التي لا تحتمل تركها من دون نواب يمثلون ابناءها ومن هنا نريد ان نشيد بالدور الذ ي قام به رئيس مجلس الامة الأخ جاسم الخرافي بالعمل على تأجيل بت المجلس في موضوع كتاب استقالة العضو سيد حسين القلاف عندما ادرج في كشف الاوراق والرسائل الواردة لجلسة يوم الثلاثاء الموافق 25 يناير الماضي، فما قام به الرئيس الخرافي هو تصرف حكيم يحمل في طياته الكثير من المعاني، وخصوصا حينما طلب رئيس المجلس من اخوانه الاعضاء باعطائه فرصة اخيرة للتحدث مع العضو المستقيل فلم يمر على المجلس الا ايام معدودات حتى يأتينا الرئيس الخرافي بخبر تراجع النائب حسين القلاف عن استقالته من عضوية المجلس، معربا بذلك عن شكره وتقديره لهذه الخطوة التي قام بها العضو القلاف، فالرئيس جاسم الخرافي لم يتردد يوما في مناصحة اخوانه النواب نحو الخير والصلاح، وهاهو اليوم مرة اخرى يحمل مسؤولية استقالة النائب حسين القلاف من المجلس، وينتهز فرصة الالتقاء به لينقل مشاعر الكثير من الزملاء والاحباب وحرصهم على استمراره عضوا في المجلس ومواصلة خدمته للوطن والمواطنين، وعندما استقبله سمو امير البلاد حفظه الله ورعاه تمنى سموه للقلاف على مواصلة العمل والجهد من اجل خدمة الكويت.
نعم لقد نجح الرئيس الخرافي في دوره التوجيهي والارشادي وقبل العضو القلاف سحب استقالته من المجلس، وشكر الرئيس الخرافي للقلاف وحرصه على متابعة امر استقالته نابع من سعة صدره وحبه الكبير لاخوانه النواب وتقبله الكبير للرأي الآخر... نتمنى من المجلس من خلال هذه المبادرات الاخوية ان يحقق آمال وطموحات الشعب الكويتي بعيدا عن اي صدامات نيابية - حكومية تعرقل مسيرة الديموقراطية في البلاد فشكرا للرئيس جاسم الخرافي وشكرا للنائب حسين القلاف... حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.
علي محمد الفيروز
كاتب وناشط سياسي
[email protected]