هنا في بريطانيا وبعد أن أتممت ثمانية أعوام طالباً ثم باحثاً في علم القيادة والإدارة الاستراتيجية، ويفصلني بين هذه اللحظة وبين حصولي على درجة الدكتوراة أشهر معدودة إن لم يستجد جديد واتكالنا على المولى عز شأنه في كل شيء!
هنا وبعد حلقة نقاش جمعتني مع المشرف على الرسالة البروفيسور ريتشارد ثورب وأساتذة آخرين خرجت لي معلومة كانت غائبة عني وهي أن معظم المؤسسات سواء الخاصة أو الحكومية يوجد بها نوعان من القياديين: نوع ظاهري يمارس واجباته القيادية بحكم منصبه التنفيذي ونوع آخر يطلق عليهم القادة الخارجيين، أي خارج المنظومة الخاصة بالمؤسسة وهم من كنت أطلق عليهم القيادة الخفية والذي أوصلنا إلى هذا النوع كان الحديث عن الوضع في مصر وقبله في تونس خلال فترة الاستراحة مع الأساتذة!
سألني أحد الأساتذة عن مقالة نشرت للكاتب شارلز في جريدة «الميرور» البريطانية عدد 2 فبراير، وقلت له إنني غائب عن الأحداث حيث الأولوية للدراسة وعندما أعود يكون لك حادث حديث.
المراد أن الكاتب شارلز يقول بشكل مختصر إن ما يحدث في مصر هو ناتج عن تدخل من أميركا وبريطانيا حيث أشغلوا أنفسهم في بلاد الشرق الأوسط ونسوا بلادهم وشعوبهم والسبب يعود للمصالح فقط... انتهى الحديث دون تعليق وليفسره أحبتنا على «راحتهم»!
وفي العودة إلى القيادة الخارجية، أود أن أسأل كل محب لبلدي الكويت: هل توجد لدينا قيادة خارجية أو قيادة خفية كما أطلقت عليها في مقال سابق!
طبعا الإجابة بنعم ومن يعتقد غير ذلك فهو في عالم التيه مبحر ولا يمكن وصفه سوى بالأحمق و«الحماقة أعيت من يداوييها» ونحن هنا نود أن نذكر بخطر حالة «الكيوس» أي الفوضى والتي ذكرتها في مقال بعنوان «الفوضى القيادية» وهي حالة يعتمد عليها بعض القياديين لمعاينة الوضع داخل المنشأة كي يرسم استراتيجية التغيير للأفضل طبعاً!
نحن في الكويت جعلنا حالة الفوضى مستمرة وقد تعتقد القيادة الخفية/ الخارجية إنها على حق وتحاول أن تقنعنا أنها على حق ولكن المعطيات مختلفة تماماً عما يدور في ذهن هؤلاء وهم من وصفتهم بمقال عنوانه «الغباء القيادي»!
أنظروا للأوضاع والخطة الملياريرية وكيف أنها مغيبة عن الفكر الاستراتيجي حتى وأن أقنعونا أو حاولوا يوهموننا بأن «ذخر» لإعداد القياديين ستحل الفراغ القيادي!
في بحثي عن أهمية القيادة الجيدة والاخلاقية في تحويل الاقتصاد الكويتي كان مطلوب مني إثبات الحلقة المفقودة بين الدراسات الغربية حول القيادة وواقع الحال لدينا وتم إثبات ذلك لاسباب كثيرة من أبرزها أن تلك البحوث بنيت على مفاهيم ومعتقدات غربية غير التي جبلنا عليها في مجتمعنا الإسلامي بالفطرة!
ما نعنيه هنا أن البلد في حاجة إلى فكر من الداخل From within لا أن يتم تطبيق نظريات غربية عليه مهما كان مستواها وموقعها بين المراكز البحثية العالمية فهي مبنية على لغة الأرقام ولم تكن كبحوث نوعية تكشف جوانب الأنفس والسلوك!
استراتيجتنا ذكرتها «شركة ماكينزي» الأميركية وأبرزت نتائجاها منذ قرابة 8 أعوام ولكن المحركات الخفية من خارج رحم المؤسسات هي من قللت من شأن الحاجة للفكر الاستراتيجي وأهمية القيادة الجيدة التي سنعلن نتائجها فور حصولنا على درجة الدكتوراة بمشيئة الله عز شأنه!
لذلك ومما تقدم، نطالبهم أن يوقفوا من يحركنا لمصلحته أي كان نوعها وأن يلتفتوا للوضع ويعاينوه عن كثب دون وسيط ينقل الصورة مشوهة، ونعني هنا مستشاري وبطانة الضياع إلا ما ندر... فنحن في حاجة إلى خطة بفكر استراتيجي لا يكون على نمط إنشائي بل من خلال مواقع استراتيجية تنتج لنا قياديين مجدين في عملهم لا عبدة للكراسي كما هي حال الأوضاع!
إنني أريد أن أسأل عن حال فقدنا معالمها وصرنا منفذين لتطلعات أنفس تحركنا كيفما شاءت ومصلحة الوطن مغيبة، اسألوا من يذهب للمستشفيات، من ينتظر مسكنه وهو على المخططات قابع و«تعال انطر»، من يعاين التحصيل العلمي لأولاده وبناته، لمن ينظر للقوانين التي تطبق بطريقة غير معلومة الدوافع... إنه الجهل بالمعطيات والعناد وحالة الفوضى المراد منها تشتيت فكرنا ولكن هيهات أن يحصل هذا والأمل بالله كبير. والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]