منى فهد الوهيب / رأي قلمي / لا تستهين بالحب

1 يناير 1970 08:33 م
الحب نعمة من نعم الله لا يعرف قيمتها إلا الذي أنعم الله عليه بهذه النعمة العظيمة، الحب أكبر من أن نربطه بعيد ويوم مخصص.

أي حب تتحدثون عنه يا من تدّعون للحب عيداً، وهل الحب مقيد بيوم؟ وطوال العام نعيش بكره وبغضاء وشحناء ولا نشعر بمشاعر الحب إلا في هذه الأعياد.

أتفقهون أيها العقلاء، ما المعنى الحقيقي لهذه الكلمة الراقية «الحب»؟ الحب فضيلة الفضائل... به نعلو بأنفسنا عن العبث والتهريج والابتذال العاطفي... ونحمي عقولنا من الضياع والتعثر الفكري، هو شعور فسيولوجي يؤثر على سلوك الشخص ربما إيجابا أو سلباً يتأثر بمدى فهمه لهذه الكلمة الرائعة. الحب ليس عاطفة ووجداناً فقط إنما هو طاقه وإنتاج، وهو جموح المشاعر وتمرد الأحاسيس بحثاً عمن يراضيها، لم ولن تجد غير خالقها ليراضيها ويرضِّيها.

وهل تعلمون ما معنى كلمة عيد؟ العيد كلمة شكر على تمام العبادة، لا يقولها المؤمن بلسانه، ولكنها تختلج في سرائره رضا واطمئناناً.

في رأيي عزيزي القارئ، وأعتقد أنك تشاركني الرأي أن الحب كلمة صغيرة جداً تتكون من حرفين، ولكن هذه الكلمة لا يستهان بها لأنها كلمة سامية وراقية وتحمل في ثناياها معاني كثيرة، والحب عبارة عن مشاعر وأحاسيس تجري في أجسادنا مجرى الدم في عروقنا ونترجمها بأفعالنا لمن نحب، وللحب درجات ومستويات وأعلى درجة ومستوى في الحب، حب الله «والذين آمنوا أشد حباً لله»البقرة[165] ولا يشعر بلذته ومتعته إلا الذي يحب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

فلنتفق عزيزي القارئ على أصل ومبدأ من مبادئ الدين، أنّ لا أحد يجرؤ على تحريم الحب وعدم جوازه بل هو مباح وحلال، ونتمنى أن تكون مشاعر الحب مع كل نفس من أنفاسنا التي ينعم الله علينا بها، ولكن بضوابطه الشرعية، وشيء أكيد الكل منا يحب أن تكون له أسس وضوابط وقوانين وأحكام تضبط حياته حتى وهو داخل منزله ولا يسمح لأي متطفل أن يقتحم عليه مجتمعه الصغير، ويفسد نظامه وسياسته داخل مملكته التي رتبها ونظمها بأسس وقوانين وأحكام تلائم كل من يعيش معه في هذه المملكة الصغيرة، فكيف بنا نسمح لحثالة البشر تعيش حياة قطط القمامة، أعزكم الله، تقفز من قمامة إلى قمامة من دون ضوابط ولا حدود ولا أصول ولا مبادئ، أن تقتحم علينا مملكتنا التي رتبها وضبطها الجليل العظيم الكبير سبحانه وتعالى بأرقى نظم وقوانين وأحكام وبكمال لا يعتريه النقصان أن تفسد علينا تلك المملكة العملاقة التي لا يختلف على كمال خالقها عاقلان؟

نحن المسلمون نحمد الله أننا نعيش الحب في كل لحظة من لحظات حياتنا ولسنا في حاجة ليوم للحب، ولكن من يفتقدون المشاعر الرقيقة الشفافة الصادقة قد يحتاجون لمثل هذه المناسبات وفاقد الشيء لا يعطيه.

فلنحكّم عقولنا ونرجع إلى صوابنا ونجعلهم هم من يقلدوننا برقي أخلاقنا وحبنا لله ورسوله وحبنا لبعضنا. لولا حبي لربي ثم لنفسي ولكم أيها القراء الأعزاء لما كتبت هذه الكلمات التي خرجت من عمق أعماق قلبي لتصل إلى قلوبكم وعقولكم أيها الحكماء العقلاء أحفاد أمهات المؤمنين الطاهرات.

وأخيراً أقول لعزيزي القارئ، إن الحب مدرسة يتعلم فيها الإنسان لغة الرقي والتزكية للنفس البشرية، «اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها».





منى فهد الوهيب

[email protected]