يقف في صف أصحاب التجاوزات وموظفو البلدية يجدون صعوبة بالغة في تسجيلها
مخالفات البناء... القانون لا يحمي «المفتشين»
1 يناير 1970
04:51 ص
| كتب تركي المغامس |
تنتشر مخالفات البناء في كثير من مدن الكويت لا سيما في السكن الخاص، ويكاد مفتشو البلدية لا يملكون جرأة تسجيلها... والسبب قصور في القانون الذي لم يوفر الحماية اللازمة للمفتشين** اثناء عملهم ما جعلهم عرضة للاهانة والاتهام من قبل اصحاب المخالفات.
ولا يسمح القانون للبلدية بدخول العقار بعد ايصال التيار الكهربائي ما يفتح شهية المواطنين على التجاوزات بعد دخول الكهرباء مطمئنين بعدم اقتحام احد للمنزل، حيث لا يستطيع مفتش البلدية قياس مساحات مخالفات هذه المباني وتوثيقها من خلال الرقم المدني لصاحب العلاقة والا اعتبرت هذه المخالفة ساقطة بحكم القانون ومراقب البناء الذي حررها مستغلا لصلاحياته ومتجاوزاً للقانون ويستحق العقاب.
ويرى اعضاء المجلس البلدي ان بقاء هذا الوضع سيؤدي لانتشار المخالفات وطالبوا بتعديلات جوهرية على قانون مخالفات «واذا تم تجاهلها فستولد لنا جليب شيوخ جديدة تساهم في تشويه الوجه الحضاري للبلاد».
ويتهم البعض البلدية بانها ضعيفة في حماية موظفيها أمام القضاء والدليل على ذلك خسارتها الكثير من القضايا بسبب اخطاء اجرائية من الموظفين. وفي الوقت ذاته يوجهون اللوم الى المفتشين لانهم غير ملمين بالكثير من القوانين التي تخص عملهم خارج اطار قانون البلدية.
واذا حاول موظف البلدية بأي طريقة قانونية أن يدخل العقار المخالف يجد أن القانون لا يسمح له بدخول هذا العقار الا بقضية جنائية والتي لا تتوافر أركانها لدى مفتشي البلدية فيبقى الحال على ما هو عليه حتى يرغب صاحب العقار المخالف ببيعه (بطريقة قانونية) واذا تم بيعه بطرق ملتوية فيصبح الأمر واقعا يجب أن تتعامل معه البلدية كما هو الحال في جليب الشيوخ وغيرها.
أحد الذين ذاقوا مرارة عدم صلاحية القانون هو مراقب بناء في البلدية ومثله الكثير ممن لم تصل «الراي» لهم لرغبتهم بتجرع الهم وحدهم وتكتمهم على مآسيهم من قانون البلدية الضعيف والذي لا يحمي من يتستر خلفه من الموظفين وهو (ن. ش) رفض ذكر اسمه الذي تعرض الى الضرب والاهانة بسبب تأدية عمله على يد عدد من الأشقاء المخالفين لقانون البناء حيث طلب منه رسميا أن يقوم بحصر المخالفات في احدى المناطق ولكن ما حصل له لم يعفه من اتهامه بالتقصير وتجاوز صلاحياته من قبل مسؤوليه.
يروي (ن.ش) الذي يعمل مراقب بناء قصته لـ «الراي» معبرا عن الأسى الذي لاقاه من مسؤولي البلدية الذين لم يقفوا بجانبه يدافعون عن القانون الذي أدى قصوره الى اهانة العاملين «طلب مني أن احصر عددا من المخالفات الخاصة في البناء لعدد من المساكن في احدى المناطق ولدى وصولي الى الشارع الذي كلفت بتقديم تقرير عنه وقفت أمام احد البيوت الذي كانت مخالفاته واضحة للعيان وشرعت في تدوين ما أراه من مخالفات».
وأضاف «فجأة سمعت صوتا يقول «شنوتسوي» قلت له أنا مراقب بناء وهذه هويتي أسجل المخالفات، قال: لي «ما عندي مخالفات» قلت له أنت صاحب هذا البيت؟ قال نعم. قلت له: انك متجاوز حدود البناء في الأعلى وملتصق بالجار قال لي: «تفضل في الديوانية وسأريك المخطط واثبت لك أني غير مخالف» ومع اصراره دخلت الديوانية انتظر القهوة والمخطط».
وزاد مراقب البناء «بعد دقائق معدودة وجدت ثلاثة من الشباب يدخلون الديوانية وبنبرة استياء قالوا أنت منو؟. قلت لهم: أنا مراقب البناء ودخلت بمعية صاحب المنزل الذي دخل يحضر مخطط البيت والقهوة. قالوا: ان صاحب البيت في الدوام، وأنت معتد على حرمة البيت. وفي هذه الأثناء وخلال الحديث تقدم احدهم وركلني برجله، وأحسست أن موقفي ضعيف جدا، وانهالت علي الركلات وخلال دقائق معدودة دخل رجال الأمن ليقتادوني الى المخفر بقضية اعتداء ودخول مسكن دون اذن ناهيك عن القضايا التي انهالت علي من قبل هذا الشخص».
وأفاد «أحيلت القضية الى النيابة العامة التي خرجت منها بكفالة مالية حتى البت في القضية. لكني صدمت كثيرا من موقف مسؤولي البلدية والادارة القانونية التي اتهمتني بتجاوز صلاحياتي واستغلال مهنتي، مما زاد مصيبتي التي كابدت مشقتها وحيدا ودفعت خمسة آلاف دينار في سبيل أن يتنازل عني الطرف الثاني».
وأكد احد المستشارين بالادارة القانونية في بلدية الكويت رافضا ذكر اسمه «ان الموضوع المخالفات وتطبيق القانون عليها حساس جدا ويتطلب جرأة بالطرح فالادارة القانونية بالبلدية ضعيفة في حماية موظفي البلدية أمام القضاء والدليل على ذلك خسارتها الكثير من القضايا بسبب خطأ اجرائي من الموظفين» مبينا «أن محامي القانونية يتلقون الشكاوى من النيابة العامة وعلى اثرها يبدأ التحقيق مع الموظف ونكتشف أن الموظف غير ملم بالكثير من القوانين التي تخص عمله في خارج اطار قانون البلدية».
وأضاف «فالموظف اذا كان مفتشا أو مراقبا له صلاحيات قانونية يجب أن يتبعها في ضبطياته وعليها تبنى صحة المخالفة فاذا كان الموظف غير ملم بذلك واتجهت النيابة للتحقيق معه واكتشفت عدم صحة الاجراءات سيتخذ هذا الاجراء ضد البلدية وعليه سيتخذ الطرف الثاني اجراءات قضائية ضد البلدية» لافتا «الى أن البلدية ارتأت أن ترفض قبول أي قضية مرفوعة على مفتش أو مراقب بشخصه اذا ثبت لها عدم صحة الاجراءات لكي لا تتحمل أعباء خسارة القضية التي تترافع بها».
وأوضح المستشار القانوني «أن قانون البلدية الحالي وبكل صراحة اضعف من أن يحمي الموظفين العاملين في ظله وذلك لارتباطه بتعاون العديد من الجهات الحكومية من اجل تطبيقه في ظل ما نراه من ضعف في روابط التعاون الحكومي فيما بين الوزارات وعليه يجب أن يكون المفتش والمراقب حذرا في التعامل مع المخالفات البلدية فالضبطية القضائية لا تعفيك من المساءلة القانونية في الأخطاء الاجرائية أوعدم قدرتك على اثبات الحالة الصحيحة للمخالفة».
وأشار «الى أن أي اعتداء من قبل المواطنين على الموظفين أثناء تأدية عملهم له اطر قانونية يتكفل بمتابعتها الموظف نفسه لا تتدخل الادارة القانونية في البلدية بمتابعتها، وهذا يضعف أداء الموظفين خوفا من الاعتداء عليهم وتحملهم أتعاب المحاماة وغيرها دون سند من جهة العمل التي تعرض بسبب العمل فيها الى هذا الاعتداء» منوها «أن البلدية بحاجة الى قانون صارم يحمي العاملين فيها ويتيح لهم مساحة للعمل على تحرير المخالفات وضبط التسيب الحاصل في مخالفات البناء وغيرها».
وفي هذا الاتجاه، قال مساعد المدير العام للبلدية لشؤون محافظتي الفروانية والأحمدي المهندس فيصل صادق «ان البلدية عاجزة على تنفيذ القانون وتطبيق المخالفات على أصحاب القسائم المخالفة»، موضحا «أن القانون لا يسمح للبلدية بدخول العقار بعد ايصال التيار الكهربائي وهذا الأمر جعلنا أمام قضية تشريعية يجب أن يتم تعديلها للسماح للبلدية بتطبيق القانون».
ولفت صادق «الى أن البلدية اتجهت الى قطع التيار الكهربائي عن القسائم المخالفة لكي تجبر المواطنين المخالفين على تعديل مخالفاتهم ولكن الأحكام القضائية سمحت بايصال التيار الكهربائي رغم كل ما قدمته البلدية من أدلة تثبت مخالفة أصحاب العقار مما جعلنا في موقف محرج جدا من خلال القانون» منوها «الى أننا نتهم بعدم تطبيق القانون ونتهم بالتجاوزات دون علم الجميع بما يعانيه مراقبي البناء في بلدية الكويت في تحديد المخالفات وتحريرها».
وأضاف «ان قانون البلدية واللوائح المنظمة له بشأن المخالفات تصطدم دائما بالتشريعات ولا بد أن يتم تعديل بعض القوانين لكي تستطيع البلدية أن تؤدي عملها وأن تفرض هيبتها من جديد على الكثير من المخالفين الذين يتعمدون مخالفة القانون بعد ايصال التيار الكهربائي لهم متجاوزين بذلك صلاحيات مراقبي البناء».
ومن جانبه، طالب عضو المجلس البلدي مانع العجمي «أن يتم تعديل بعض التشريعات المتعارضة مع قانون البلدية ليتسنى لمفتشي البلدية تأدية أعمالهم بالشكل المطلوب» لافتا «الى أن ما لمسناه من خلال لجان تقصي الحقائق في بعض تجاوزات البناء أن المخالفات الجسيمة تبدأ بعد ايصال التيار الكهربائي للعقارات وهذا يجعل مراقبي البناء أمام عائق وهو الحصول على اذن من النيابة التي بدورها تحتاج الى اثبات رسمي للمخالفات أو قضية جنائية لكي تسمح لمفتشي البلدية من الدخول الى العقارات المخالفة».
وأضاف «فالمفتشون في بلدية الكويت يحتاجون الى دعم من قبل البلدية لكي يتمكنوا من تأدية عملهم بالشكل المطلوب فالمخالفات تكون في اغلبها واقعة داخل العقار مما يتسبب في مشاكل كبيرة للموظفين المكلفين بحصرها وتوثيقها» مشيرا «الى أن قانون مخالفات البناء يحتاج الى تعديلات جوهرية لنتمكن من القضاء على المخالفات التي تحصل في السكن الخاص والتي اذا تم تجاهلها تلد لنا جليب شيوخ جديداً وتساهم في تشويه المدن الحضرية».
وشدد العجمي «على رفضه لأي شكل من أشكال الاعتداء على موظفي الدولة وخاصة مفتشي البلدية الذين يقومون بمهام حماية البيئة الحضرية في الكويت ويساهمون بظهور الوجه الحضاري للبلد وعليه يجب احترام التخصصات ولكل مواطن حق في القانون يتمسك به دون أن يعتدي على موظفي الدولة بأي شكل من الأشكال».
الجاسم: الإجراءات تطبّق فور رصد المخالفات
تقدم الوكيل المساعد لقطاع الرقابة والتفتيش في بلدية الكويت المهندس وليد الجاسم باقتراح لوزير الاشغال العامة وزير الدولة لشؤون البلدية الدكتور فاضل صفر بشأن الحلول المناسبة للحد من ظاهرة مخالفات البناء قبل حدوثها او اثناء ارتكابها.
وقال الجاسم ان الاقتراح يتلخص في رصد المخالفة في بدايتها واتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين وعدم اللجوء الى إلزام الجهات بعدم تقديم الخدمات بعد ان تصبح هذه المخالفات واقعا، ويتطلب التدخل والمعالجة لأغراض انسانية، واستخلص من ذلك تعليمات تنفيذية اسهل وأشمل في معالجة الحالات وتفعيل تطبيق القانون بدقة وذلك باتباع الخطوات وهي تقسم الاشراف الهندسي الى مرحلتين على ان يتم إلزام المالك بها، ومرحلة الهيكل الاسود ومرحلة التشطيب، بحيث يراعى ان يصدر وفقا لهذه الاجراءات شهادة نهاية اشراف في آخر كل مرحلة وفي نهاية المرحلة الثانية التشطيب يوصل التيار الكهربائي.
وبين الجاسم انه في حال عدم ارتكاب اي مخالفة يتم تشجيع المكتب الهندسي المشرف بإسقاط 50 في المئة من المساحة الخاصة بالاشراف ما يتيح للمكتب الحصول على اعمال ومميزات اكثر، كما ان هذا التشجيع يعتبر بمثابة تفعيل للاقتراح ودعم للمواطنين، كما يمكننا من المضي قدما الى الامام في عمليات التطوير والتنمية، مؤكدا ان ذلك لضمان عدم ارتكاب المخالفات بعد ايصال التيار الكهربائي تقوم اجهزة الرقابة بأفرع البلديات بالمحافظات بعمل كشف على العقار بعد شهرين من تاريخ توصيل التيار الكهربائي ويلتزم المراقب بعمل كشف بالمخالفات ومخطط واضح لها في حالة ارتكابها، بالاضافة الى ضرورة وجود مخطط عام موضحا به القسائم المخالفة بصورة جسيمة.
وختم الجاسم ان من بين فوائد هذا المقترح ايضا هي المساهمة في الحد من المخالفات الجسيمة التي لا يمكن معالجتها انشائيا الا بالهدم مثل السرداب وترحيل الاعمدة وهذا في حالة الموافقة على تطبيق الاقتراح فإنه سوف تتم دراسة وضع آلية للتنفيذ والمتابعة المستمرة للمواقع التي تم توصيل التيار الكهربائي لها او التي تمت مخالفتها لعدم عودة المخالف بتكرار المخالفة السابق ضبطها وإزالتها.