مبارك مزيد المعوشرجي / ولي رأي / مصر التي في خاطري

1 يناير 1970 04:35 ص
أنا لا أحب أن أكتب في الشأن الداخلي للدول العربية لأنني أكره أن يتكلم الغير بشؤوننا، ولكن ما حدث وما يحدث من يوم جمعة الغضب حتى الآن في أم الدنيا جعلني أشعر بالهلع على مخزن التراث والسجل لذكريات البشرية منذ 7 آلاف عام، فلقد اندس في وسط شباب مصر الباحث عن الحرية والديموقراطية، بعض من أحفاد الهكسوس والتتار لحرق وسرقة ماضي مصر، حتى خشيت أن يسرقوا أبو الهول والأهرامات ليبيعوها في السوق السوداء للآثار. ويحق لي ولأبناء جيلي أن نخاف على ماضي مصر التي منها جاءتنا رياح الثقافة والتعليم عبر الكتب والمجلات والجرائد منذ بداية عهدنا بالقراءة، ومن صوت العرب سمعنا أغاني «وطني حبيبي»، «والله زمان يا سلاحي»، «الله أكبر فوق كيد المعتدي»، فبثت فينا روح الفخر بالعروبية والثورة على الاستعمار. وثقفتنا كتب عباس محمود العقاد ونجيب محفوظ وطه حسين واحسان عبدالقدوس، ومن أشعار أحمد شوقي وأحمد رامي وبيرم التونسي وحافظ ابراهيم تذوقنا حلاوة الشعر، وغنينا كلماتهم مع أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب ونجاة الصغيرة وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش، بألحان محمد القصبجي وبليغ حمدي ومحمد الموجي ورياض السنباطي فتعلمت قلوبنا خطوات الحب الأولى. وكم أضحكنا اسماعيل يس وأبكانا عماد حمدي بأفلامهم السينمائية. وأما بالرياضة كنا أهلاوية وزملكاوية قبل أن نكون قدساوية وعرباوية، نسمع وصف المباريات بصوت المعلق الرائع محمد لطفي.

كل ما ذكرت من أسماء ما هي إلا نماذج من رجال ونساء مصر، ولو أردت أن أتوسع بالسرد لما كفتني جميع صفحات الجريدة.

حفظ الله مصر الأرض والشعب والتاريخ والثقافة والحضارة من غيبوبة وعي جديدة، فالحرية شيء... والفوضى شيء آخر. وحمى الله ثورة شبابها من أعداء الحرية والمتسلقين على تضحيات الثوار من بقايا الأحزاب الكرتونية، وزعماء الغفلة، وتجار الشعارات الطنانة، فمصر تعني الكثير الكثير للعروبة، وما يحصل يمسنا جميعاً ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.





مبارك مزيد المعوشرجي

[email protected]