قضية المواطن المطيري تحت المجهر... الحدث والعقاب والردع

1 يناير 1970 10:03 م
| كتبت بشاير عبدالله |

ربما من الصعوبة بمكان ان يطوى ملف قضية المواطن محمد المطيري الذي قضى تعذيبا بأيدي عدد من رجال الامن، وفق ما انتهى اليه تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، ولجنة التحقيق التي شكلتها وزارة الداخلية، وهي القضية التي فتحت الباب واسعا على جدل سياسي بين نواب داعين الى استقالة وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد والا الاستجواب، الذي تم تقديمه بالفعل من قبل النواب الدكتور وليد الطبطبائي وشعيب المويزري وسالم نملان العازمي، وآخرين يبرئون ساحة الوزير ويدعون الى امهاله لتحقيق الاصلاحات في وزارته، وهو قادر على ذلك من وجهة نظرهم.

ومن خارج الجدل السياسي، المفتوح على جلسة مارس المقبل لمناقشة الاستجواب، طرحت «الراي» قضية المواطن المطيري لتحليل عدد من المختصين والمواطنين، واستشفاف رؤيتهم لما جرى من زاويتين. كيـــف يقرأون ما جرى من تعذيب لمواطن أدى الى وفاته. وهل يؤدي ما جرى الى الخوف من رجال الأمن وتداعي الثقــــة بهم، وهل يقلل ذلك من هــــيـــبة القانون، أو بعبارة أدق هل تضعف هذا الحــــدث وأمثاله من ثقة الناس في تطبيق مبادئ العدالة، واحــــترام حــــقوق الإنسان في البلاد، وبالتالي يؤثر على انتماء الفرد إلى المجتمع؟

واستطرادا هل يجوز لنا مطالبة الفرد باحترام القانون وتطبيقه، في وقت يرى فيه أن من ينتهك القانون هو الشخص المنتمي الى المؤسسة المنوط بها حمايته؟ وهل بتنا نخشى المطالبة بحق لنا مخافة التعرض للإساءة من قبل من يفترض بهم حمايتنا؟

الناشط في حقوق الإنسان الدكتور ســـــامي خليــــــفة الخالدي يقول ان ممارسة التعذيب من قبل أي جهة سواء كانت رسمية، أو شعبية أمر غير مقبول إطلاقا، ومدان من قبل القوانين والتـــــشريعات السماوية والدنيوية على حد سواء.

ويقول ان ما جرى اخيرا من جرائم تعذيب ضد بعض المواطنين أمر غريب عن مجتمعنا وأعرافه الاجتماعية التي ترفض منطق الإيذاء بكل أشكاله النفسية والجسدية، ولذلك وجدنا أن تلك السلوكيات السيئة كانت مبعث اشمئزاز لكافة أطياف المجتمع الكويتي، ولم يكن هناك خلاف على استنكار هذه الممارسات. و يضيف الخالدي قائلاً أن الكويت بلد لديه مؤسسات حقوق إنسان نشطة، تحاسب وتشارك في المساءلة الاجتماعية والقانونية، بالتالي لا يعقل أن تترك الممارسات الأخيرة والتي تمت في حق مواطنين في إحدى مؤسسات الدولة وهي وزارة الداخلية، ومن قبل أفراد يحملون هويتها، لا يعقل أن تترك دون محاسبة للمتسببين في تلك الأعمال الشنيعة، فالتحقيق في الأمر اليوم مسؤولية حكومية تجاه الشعب والمجتمع.

ويقول أن ما قام به رجال الأمن الضالعون في التعذيب في قضية المواطن محمد غزاي المطيري من سلوكيات خلال ما يفترض أن يكون تحقيقاً، هي أمور بعيدة كل البعد عن القانون ومتعلقاته المتصلة بحقوق المتهم، ومن أهمها أن يتحدث بكل حرية وبكل شفافية وأن يكون آمناً على نفسه أثناء التحقــــيق، ويدافع عن نفسه، وينبغي ألا يكون مكبلاً، ومواجهاً لأشخاص يرهبونه.

من ناحية أخرى يرى الخالدي أن مسألة التعذيب هذه ينبغي التعامل معها في إطارها الواقعي والسليم، وبعيداً عن «المزايدات الخاصة بأجندات سياسية معينة»، والتي يقوم بها بعض النواب ممن لديهم توجه تصعيدي ضد الحكومة لأغراض في نفوسهم، بحسب تعبيره.

ويضيـــــف قائلاً « فليس سليماً أن تتم إثارة الشارع الكويتي بالطريقـــة التي تجري ويقودها بعض النواب خدمة لأجنداتهم الخاصة «ويتساءل : «هل يعقل أن يطرح بعض النواب وبقـــــوة مســــألة استجواب وزير الداخلية قــــبل انتــــهاء عمل لجنة التحــــقيق المكلفــــة بالتعامل مع ملف التعذيب؟ ألا يمكن أن تكــــشف نتائج التحقيــــق عدم تحمل الوزير المسؤولية السياسية تجاه الموضوع؟». ويـــــستطرد «ان بعض الجرائم تم الحديث عنها وتناولتها وسائل الإعلام بلغــــة فيها بعـــض المبالغة، دون أن يكون لها أي دلـــــيل أو اثبــــــات».

ويحذر من عواقب الانجرار وراء تلك «الممارسات التصعيدية»، التي يقودها بعض النواب، والتي تخلو من المنطق السليم، ويطغى عليها الانفعال! فهـــــذه الممارســــات برأيه قد ينــــــتج عنهـا شعور عام لدى الناس بالامـــــتهان والسخط، ويمكن أن تفضي إلى نتائج من عصيان القانون، ومحاولة تطبيـــــق العــــقاب بشكــل فردي!، مما يسيء إلى حقوق الإنسان في الكويت، ويضعف من ثقة المواطنين في قوى الأمن، وبالتالي من شعورهم بالانتماء إلى الوطن، وقد تـــــكون هــــذه النتــــائج مؤذيـــة أكثر من سلوكيات التعذيب ذاتها.

ويختتم الخالدي حديثه بتأكيد أهمية أن تمارس الدولة دورها في التوعية القيمية، وذلك بهدف تعزيز مبادئ حقوق الإنسان بشكل عام، من خلال وزارتي الإعلام والتربية ومؤسسات الدولة المختلفة، وذلك بهدف إيجاد حالة من الرقابة الذاتية بين الناس تنمو لتصبح ثقافة مجتمعية كاملة يمارسها من هم في السلطة، ومن هم خارجها.

ويلفت الانــتباه إلى ما يـــراه من محاولات من قبل بعض النواب والسياسيين للتركيز على فكرة المواجهة السياسية دون اهـــــتمام بالأبعـــاد الاجتماعية للأحــــداث الأخيرة، ويأسف لذلك اذ يعتـــــبره «دليلاً على وجود أخطاء في التعاطي مع القضايا الحساسة التي تمر في حياة مجتمعنا».

المحامي عبد الرحمن البراك يوجه النظر إلى ما يراه من إساءة وزارة الداخلية إلى عملها في حفظ الأمن والنـــظام. فبدلاً من أن تكون هي ملاذ أفراد المجتمع، ومن يصون أمنهم ويحميهم باتت من مصادر الخوف التي تهددهم!

ويضيف أن ما جــــرى في حق المواطن محمد المطــــيــــري والــــذي توفــي تحت تعذيـــب بعـــض رجـــال الأمـــن يعد «تعــــدياً ســــافراً» على القانون، وذلك لأن انتزاع الاعترافات تحت التعذيب هو أمر باطل قانوناً، فالمادة 31 من الدستور تنص على عدم جواز تعذيب أي إنسان، ومعاملته معاملة حاطة بالكرامة.

وتنص المادة 34 على أحقية كل إنسان في الحصول على محاكمة عادلة. وما قام به بعض رجال الأمن في حالة محمد المطيري يتضمن جرائم خطف وتعذيبا قد تصل العقوبة فيها إلى الإعدام.

ويرى البراك أن الفرد العادي اليوم وبعد انكشاف عدة تجاوزات و«اساءة» استعمال السلطة لدى عناصر في وزارة الداخلية أصبح يخشى الذهاب إلى المخفر للمطالبة بحق له، فمن الممكن أن يتعرض للإساءة، أو امتهان الكرامة أو غير ذلك من مشكلات!

ويضيف قائلاً ان المخرج السليم الآن من هذه النتيجة التي وصلنا إليها هو تطبيق مبدأ المحاسبة الفعلية على كل الأشخاص المسؤولين عن عمليات التعذيب في حق مواطنين ومقيمين، وذلك حتى يشعر الناس مجدداً بالأمان، وتعود إليهم ثقتهم بالأجهزة الأمنية.

وفي إجابته عن سؤال يتعلق بتأثير أحداث التعذيب على احترام الأفراد للقانون وهيبته وعلى التزامهم به منهجاً يمارسونه في كل تفاصيل حياتهم، يقول المحامي البراك ان مجتمعنا يعاني من الأساس ضعفاً في مبادئ احترام القانون، وربما وان كان الاحتمال ضعيفاً في رأيه تؤثر الأحداث الأخيرة بشكل سلبي على احترام الأفراد للقانون وتطبيقه. ولكن الأهم من وجهة نظره في هذا الجانب أن يتم التركيز على نشر الوعي بتطبيق القانون بين أبناء الشعب وهو دور حكومي أساسي. فالسلطة التنفيذية هي من تقود البلد ومن واجبها زرع ثقافة احترام القانون والالتزام بتطبيقه.

ويوضح قائلاً: اننا على الأقل يجب أن نبدأ في عملية التثقيف هذه من الآن وربما نجني الثمار في الأعوام القليلة المقبلة إذا سارت الأمور بشكل سليم ومدروس.

وينتهي البراك الى التشديد على أهمية معاقبة المتسببين في مقتل المطيري، وفي الإيذاء الجسدي لغيره من المواطنين والمقيمين «حتى توضع الأمور في نصابها ويعود للكويتيين شعورهم بالأمن وتمتعهم بالحقوق الإنسانية، وحتى لا يؤدي التسيب في هذا الجانب إلى إضعاف الانتماء والمواطنة لدى الأفراد على المدى البعيد».

نزلنا إلى الشارع نستطلع آراء الناس حول أحداث التعذيب الأخيرة، ونستكشف رؤاهم حول هذه المسألة. عبد الوهاب القديري ( 26 عاماً - موظف حكومي ) يبدأ حديثه بعبارة موجزة ومكثفة تختصر وجهة نظره المتعجبة من إصرار البعض على جعل أحداث التعذيب قضيتنا الكبرى اليوم على حد تعبيره -. فيقول « كل مكان فيه الشين وفيه الزين» ثم يشرح قائلاً ان كل الجهات الحكومية والخاصة تحدث بها تجاوزات، تتفاوت في أهميتها وخطرها، وبالنسبة لسلوكيات وأحداث التعذيب التي تحدث عنها الإعلام مؤخراً فهي موجودة في كل دول العالم، ولكن ينبغي قبل أن ننجرف وراء الرفض والاســــتنكار أن نتثبت من أن ما سمعناه ليس بمبالغات إعلامية، وإنما حقائق حدثت بالفعل، ولن يحدث ذلك إلا بعد انتهاء التحقيقات التي تجــــريهـــا وزارة الداخليـــــة حالــــياً.

وبسؤاله ما ان كان يعلم عن تفاصيل قضية المطيري، وغيرها مما نشرتها الصحف وتحدث عنها بعض النواب، قال « لا والله ما اعرف تفاصيل بالضبط... بس اقولج تصير بكل العالم».

وفي إجابته عن سؤال حول تأثير أحداث التعذيب هذه على نظرته إلى رجل الأمن أجاب « لا تبوق، لا تخاف « مادام ما سويت شي ما راح أخاف من (الداخلية) ولا من غيرها».

وتتفق معه مـــنال فهد ( 22 سنة طالبة جامعية ) التي تقول « سمعـــت عن تعـــــذيب صار، ولكن لا أعلم التفـــــاصيل» ولما شرحـــنا لها الأمر باختـــــصار أكدت أنها لا ترى في ما حدث سبباً لخوفها من رجـــال الأمن، أو مـــــن المخافــــر، أو أمــــراً يضــــعـــف شعورها بالارتباط بمجتمعها والجهة المسؤولة عن الحفــــاظ على الأمن والنظــــام فيه.

وقالت ان الأحداث الأخيرة بالنسبة إليها لم تغير من نظرتها إلى الأمن والمجتمع إطلاقا ولو بنسبة قليلة.

ودعت وسائل الإعلام إلى عدم «تهويل الأمور» بحسب تعبيرها، وخلق مخاوف لدى الناس مبالغ بها، وإفزاعهم من أمور يمكن أن تكون «عادية» في حقيقتها.

وفي الاتجاه نفسه يسير رأي لؤلؤة يوسف ( 24 سنة- موظفة ) التي تقول ان الأحداث الأخيرة لم تضعف ثقتها برجال الأمن، أو باحترام حقوق الإنسان في الكويت، ولا يجب أن يكون تأثيرها كبيراً على الأفراد في المجتمع، لأن الجهة الأمـــنية تابعة للحكومة، وهذا برأيها كـــاف لأن يكون مبـــعث ثقة واطمـــئنان، لأن حكومتـــنا في الكويت لا يمكن، في رأي لؤلـــؤة، أن تنتهك حقــــوق الإنســــان، «فهــــي ليســــت كـــحـــــكومات الـــــدول الأخرى غير الديموقــــراطية».

وبالسؤال عما تعرفه عن تفاصيل ما جرى في الأحداث الأخيرة، قالت لؤلـــؤة أنها لم تـــقرأ التفاصــــيل وكل ما علــــمته أن هناك قضية تعذيب ضد مواطن كشفتها الصحف، وتضيف» نحن في الواقع لا نعلم حقيقـــة ما جــــرى ألا يمكن أن يكــــون المواطـــــــن هــــو المــــذنـــب؟».

وتوافقها الرأي دانة أحمد ( 25 سنة ) إذ تقول أن لا داعي ولا مبرر للخوف من رجال الأمن في الكويت، فحكومتنا قادرة على التعامل مع أي تجاوزات ان وجدت، على حد تعبيرها، إضافة إلى أننا لا نعلم مقدار الذنب الحقيقي الذي ارتكبه ضحية التـــعذيب ( لا تعلم اسمه).

وتتـــساءل أليس من الجائز أن يكون هو المخطــىء وما سمـــــعناه في الإعلام هو من قبيل «التهويل، والتضخيـــم ليــــس إلا».

وتختتم دانة حديثها بتأكيد ضرورة منح الثقة لجهاز الأمن ورجاله في بلادنا، فهي لا ترى أن ما جرى يستحق التشكيك في عمل ونزاهة رجال الأمن ولو بنسبة قليلة.

ومن ناحية أخرى هناك من تابع تفاصيل ما جرى ويبدي قلقه وتخوفه على حقوق الإنسان في الكويت، ومبادئ تطبيق القانون منهم رحاب الشريم ( 24 سنة، موظفة في القطاع الخاص ) التي تعبر عن ألمها لما تم الكشف عنه من أحداث تعذيب وإساءة لمواطنين ومقيمين اخيرا.

وتقول رحاب أن الأحداث الأخيرة تدفعنا إلى التفكير ملياً قبل طلب المساعدة من دورية، أو رجل أمن وذلك لأن تلك الأحداث كشفت عن جانب كبير من الفساد موجود في المؤسسة الأمنية.

وتضيف قائلة ان «مع تأكيدنا على وجود الفساد في كل الجهات إلا أن فساد المؤسسة الأمنية هو الأخطر، اذ أنها المؤسسة المسؤولة عن حماية المواطنين، وهي المؤســــسة التي تملك تعريضهم للخطر إذا فلت زمام الأمور فيها، وتركـــــت لبعض ضعاف النفوس أن يعيثوا فيها الفساد، ويستغلوها للتلاعب والانتقام من غيرهم».

وتتفق معها كلثوم موسى ( 40 عاماً ربة بيت ) فتقول: ما سمعنا عنه من أحداث تعذيب أمر مؤلم، وبعيد عن تعاليم ديننا الإسلامي، وغريب عن المجتمع الكويتي الذي اعتاد العيش في أجواء من العدل والتسامح. فالكويت دولة ديموقراطية، وليست من الدول التي اعتدنا أن نسمع عن أحداث التعذيب فيها. وتضيف أن حكومة الكويت معروف عنها الوقوف إلى جانب الانسان، ومحاسبة المقصر، والمنتهك لحقوق غيره، وتتمنى أن تتم معاقبة مرتكبي تلك الجرائم بشكل رادع وبما يضمن عدم تكرارها.

وفي ما يتعلق بثقتها برجال الأمن وهل تأثرت بعد الأحداث الأخيرة، تقول كلثوم « لا أنكر أن ثقتي برجل الأمن اهتزت»، ثم تتابع قائلة أن الأمور رغم ذلك يمكن أن تعود إلى نصابها إذا ما تم التعامل بحزم مع تلك الممارسات.

من جهته يقول محمد أحمد ( 55 سنة متقاعد ) ان الناس لا ينبغي أن تهتز ثقتها برجال الأمن بسبب أحداث التعذيب، لأن الخطأ وارد في كل مكان، وفي كل وقت.

ويستدرك قائلاً ان المهم هو معرفة أسباب الفساد والتعامل معها بصرامة، ومحاسبة المتسبب بها، فمن شأن ذلك أن يعيد الثقة في رجل الأمن، والشعور بالأمن والأمان لدى المواطنين والمقيمين الذين اهتزت في نظرهم تلك الأمور المهمة في أي مجتمع.

ويؤكد في نهاية حديثه على ضرورة أن يعــــطى وزير الداخلية الفرصة «لينقي وزارته من بعض الشوائب الفاسدة والتي لا يخلو منها أي مكان في العالم».



«المجتمع الكويتي بكل أطيافه رفض ما حدث»



صالح عاشور: إجراء تحقيق

يكشف كل ملابسات القضية



يعتبر النائب صالح عاشور وهو من النواب المهتمين بقضايا حقوق الإنسان وله مساهمات سابقة في هذا المضمار،أن قضية تعذيب مواطن حتى الموت، والأحداث الأخرى التي تم الحديث عنها اخيرا، وإن لم تتضح صورة كثير منها حتى الآن، إلا أن جميعها قضايا مدانة ومرفوضة بشكل كامل، وقد عبر المجتمع الكويتي بكافة أطيافه عن رفضه لها، كما عبر ممثلو السلطة التشريعية وهم نواب مجلس الأمة عن إدانتهم لهذه الأفعال، وطالبوا الحكومة ووزير الداخلية بتحديد المسؤولين عن هذه الأفعال، ومدى مسؤوليتهم ثم محاسبتهم بما يتناسب مع حجم الجريمة.

وفي ما يتعلق بمدى تأثير ذلك على ثقة الأفراد بالجهات المنوط بها حمايتهم، ومدى تأثير ذلك على احترامهم وتطبيقهم للقانون يقول عاشور ان هذه الأحداث وغيرها لا ينبغي أن يكون لها أثر سلبي على نظرة الناس إلى مبدأ أساسي في حياتهم وهو تطبيق القانون، وكذلك لا نتمنى أن يكون لها تأثير على إضعاف ثقة الناس بمؤسسات وزارة الداخلية، وأعتقد أن ما سيمنع حدوث هذا الشرخ في ثقة المواطنين والمقيمين في المؤسسة الأمنية هو إجراء تحقيق يكشف كل ملابسات القضية، ومحاكمة المتسبب في التعذيب والقتل، وكل من ارتكب جرائم من هذا النوع من عناصر في وزارة الداخلية، وبذلك توضع الأمور في نصابها.

ولدى سؤاله عن رأيه في ما يقوم به بعض النواب من إنشاء تجمعات تعنى بحقوق الإنسان مثل ما قام به اخيرا النائب الدكتور وليد الطبطبائي من تأسيس مرصد يراقب ويهتم بحقوق الإنسان في الكويت، ويرصد السلوكيات المخالفة لها، وهو المرصد الذي أطلق عليه اسم المرحوم محمد الميموني، قال عاشور أن من الأجدر بالنائب وليد الطبطبائي أن يجند طاقته في رصد انتهاكات حقوق الإنسان في عمله في اللجنة البرلمانية المخصصة لهذا الغرض، فهذا هو الأولى من وجهة نظره، قبل أن يتفرع في هذا الموضوع ويبدأ في إنشاء تجمعات ومراصد جديدة.

ويشير عاشور الى أننا ينبغي بعد تأكيد أهمية محاسبة المتسبب في أحداث التعذيب أن نؤكد كذلك أهمية عدم المبالغة في ردود الفعل، والحفاظ على حالة من التوازن في سلوكنا تجاه الفعل سواء النواب، أو الشعب، فمن شأن ذلك أن يجعلنا قادرين على رؤية الأمور بوضوح أكبر، ومن ثم التصرف بحكمة وفقاً للمعطيات الواقعية وبعيداً عن الدخول في حملات عصيان ورفض غير مبررين.



أستاذ القانون الدستوري في جامعة الكويت



خليفة الحميدة: تقييم شامل

لعمل المؤسسات الحكومية



أستاذ القانون الدستوري في جامعة الكويت الدكتور خليفة الحميدة يقول ان حوادث التعذيب الأخيرة، أعمال في غاية الخطورة وينبغي التوقف عندها واجراء التحقيقات اللازمة، ومعاقبة كل المتسببين فيها. كما يجب ومن ناحية أخرى الاستفادة مما جرى من اجل وقفة جادة، وتقييم شامل لعمل كل الجهات الحكومية، فالفساد والتجاوز موجودان فيها جميعاً وما رأيناه كان نموذجا للفساد الموجود في إحدى المؤسسات، والبقية لا تختلف كثيراً في اعتقادي ويجب البدء «بحملة تنظيف» تطول كل أجهزة الدولة. ويرى الحميدة أن الخروج على القانون مشكلة موجودة في كل مكان وزمان، ولكن العامل الحاسم في تأثيرها على المجتمع والأفراد هو كيفية التعامل معها والتصدي لها من خلال محاسبة المتسببين فيها وعدم ترك الفساد ينمو ويستشري، لكي لا ينمو معه الإحساس بانعدام الأمان وبالظلم لدى المواطنين، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى نمو أفكار وسلوكيات مضادة للقانون، او على أقل تقدير غير مؤمنة به.

ويعتقد الحميدة أن صورة رجل الأمن ينبغي أن تكون محافظة على قوتها ونظافتها أمام الناس، لأنها صمام أمان مهم جداً في حياة الفرد في أي مجتمع.

ويعتبر أن الإجراء الثاني الأكثر أهمية بعد إجراء محاسبة المتسببين في جرائم التعذيب والخطف والإكراه على الاعتراف التي تمت بحق مواطنين، هو نشر هذه العقوبات بشكل واضح ليعلم كل فرد أن القانون والعدالة ينتصران دائماً، وأن حقوقهم مكفولة ومصانة بقوة القانون وحمايته.