«كانت ولادتي في الجهراء»
مطلق الوهيدة: التحقت في مدرسة المقوع المهنية واللغوية سنة 1953 وقضيت في شركة النفط 40 عاما
1 يناير 1970
07:04 ص
اعداد: سعود الديحاني
نحن اليوم مع من عاصر تتطور الثروة النفطية من حيث بدأت الكويت بتصديرها، ضيفنا التحق في عمل في سن مبكرة فكان طالبا في مدرسة المقوع المهنية ثم اخذ يترقى في عمله في شركة النفط يحدثنا عن مسيرته الوظيفية والنقابية يتخلله الحديث مواضيع عدة فلنترك له ذلك:
كان بيت جدي لأبي بالجبلة وقد انشئ هذا البيت العام 1899 وكان قديما ولم أر هذا البيت ولكن والدي رآه وقد رآه اعمامي وكان لنا من الجيران ساير الشحنان جد العائلة الكريمة الساير وكذلك جيران آخرون. وكان بيت جدي لأمي في فريج الرشايدة في شرق وكان جدي زيد بن دبي اماما في مسجد الدماك الذي اصبح فيما بعد ترميمه مسجد هلال بن فجحان.
لقد ولدت في الجهراء مع اني لست من سكانها حيث نخرج لها في الربيع، عندنا اغنامنا وإبلنا هناك عند مورد مياه يسمى مريطبة ويقع في شرق الجهراء مقابل الخويصات وكان ذلك العام 1940 في شهر 12 وبعدها رجعنا الى الديرة الى منطقة الشامية، وكان يقع في مريطبة جليب نزال وكذلك جليب رشيد القفيدي وآبار اخرى وكانت آبار مالحة لا تصلح إلا لشرب الماشية، اما الاشخاص فكانوا يشربون من قلبان غرب منطقة الجهراء وتسمى السليل فقد كانت عذبة. وكان نزال بن معصب مسؤولا عن الفدوية الذين هم في الحقيقة حماة الامن للناس والاشخاص والاموال والحاكم والحكومة والمؤسسات الحكومية الموجودة في الديرة وايضا كان مسؤولا عن الزكاة سواء كانت في ارض الكويت ام في غيرها من الاراضي فهو يذهب وراءها ويأتي بها. وكان يتصف بالاخلاق الطيبة وكان محمود السيرة فقد كان شيخ علم وكان اجتماعيا ومشهودا له بالرأي السديد وكان يعرف الكثير من الاماكن وكان راجح العقل وذا شخصية مخلصة للكويت.
الشامية
لقد كنا في منطقة الشامية وكان في منطقة الشامية في ذلك الوقت قلبان واكوات وبعض المنازل التي بنيت من كبارة (وهي عبارة عن بيوت بنيت من الطين وسقفها من الاخشاب والجندل) ومن ثم ذهبنا الى بيان وحولي كان سكانها قليلين حيث كان يسكنها بعض العوائل الكويتية، والابراهيم والسيحان والمراشيد والجنيعات والدويسان والمسلم وابن عسكر.
عندما انتقلنا الى بيان كان يسكن داخل قصر بيان عمي جعيلان الدقباسي لأنه كان مسؤولا عن القصر وكان يأتيه الشيخ احمد الجابر وكان عمي جعيلان شاعرا مميزا ورجلا اجتماعيا وكان مقربا من الشيوخ وكان قصر بيان مكان مستشفى مبارك الكبير وكان بيت عمي وابوي في موقع بيت الدم الآن.
الدراسة
لقد كانت بداية دراستي في الشامية عند الملا أحمد ثم انتقلت عند الملا مرزوق في الاحمدي وكان من اصول عمانية ودرست عنده عامين وقد تعلمت القراءة والكتابة هناك ولكن بعد فترة فتحت مدارس المقوع وانتقلت اليها مبكرا جدا وقد تنقلت من ملا إلى آخر ولا شك انني استفدت بالدراسة عندهم في تعلم القراءة والكتابة وبعض الامور الحسابية ولكن العلم الذي ساعدنا بالاكثر هو العلم الذي تلقيناه في مدارس المجال النفطي.
الأحمدي
عندما بدأت شركات النفط في الكويت كانت في احتياج للعمالة والموظفين فسجل اغلب اهل الكويت في ذلك الوقت وساعد في هذا توقف الغوص والسفر التجاري فقدم والدي للعمل في شركات النفط ومن ثم انتقلنا للأحمدي وكان ذلك في نهاية العام 1946، وقد سكنا في ظهر العدان على هضبة الاحمدي حيثما سكن معظم الموظفين الذين ذهبوا للعمل هناك كما سكن الاميركان والهنود الذين يتبعون الكمنولث والانكليز حيث كان هناك أناس كثيرون يبنون بيوتهم من خيام وكبر وصفائح المعندية حيث كانت الارض صحراوية وكانت شركات البناء جديدة في بناء المنازل هناك حيث كان الاميركان والانكليز في احتياج للانتعاش الاقتصادي لأنهم كانوا يعانون من آثار الحرب العالمية الثانية فكانوا يعملون فيها ليل نهار.
الوالد
قد عمل والدي اول ما عمل هناك مراقبا للعمال وللشحن والتفريغ لأن المواد كانت تأتي من الشويج الى هضبة الاحمدي لاستكمال بناء الاحمدي واستكمال بناء الخطوط النفطية حيث كانت اعمال الشركة منتشرة في صحراء الكويت والشمال والجنوب وكانوا يسلكون الطريق الذي يمر حاليا من المقوع ومطار الكويت الحالي وكان غير معبد.
المدرسة
عندما التحق والدي للعمل في شركة النفط طلبت الشركة من الحكومة انشاء مدارس حكومية لتعليم ابناء العاملين في قطاع النفط فأنشأ مدرسة المقوع وهي مدرسة مهنية ولغوية فكانت تعلم الناس اللغة الانكليزية والحساب ومبادئ العلوم فالتحقت فيها العام 1953 وكان عمري اثني عشرة سنة ونصف ودرسنا دراسات كثيرة هناك حيث كانت تدرسنا جميع المواد التي يتطلبها العمل من ميكانيكا وكهرباء واعمال النجارة وذلك بالاضافة الى التعليم الاكاديمي وعندما يتخرج الطلاب من المدرسة ينتقلون الى ميدان العمل في وراة والاحمدي وشمال الكويت وجنوبه لتغطية احتياجات الاعمال النفطية للشركة وكان الذي يشرف على العملية التعليمية في ذلك الوقت انكليز بالاضافة الى بعض العناصر العربية من الجانب الفلسطيني حيث كانوا على قدرة عالية من المهارة المهنية والعملية حيث كانوا يدرسون لنا من الساعة السابعة صباحا الى الساعة الرابعة عصرا وكان نصف الوقت عبارة عن تدريب مهني وكانوا يصرفون لنا الراتب نصف شهري اي كل خمسة عشر يوما يصرفون لنا 80 روبية.
العمل
بعد قضاء نحو عام ونصف في هذه المدرسة انتقلنا الى العمل الميداني واول ما التحقت به هو قطاع النقل ومن ثم دائرة الانتاج ومن ثم دائرة التكرير واستقر بي الوضع في دائرة التشطير والتغسيل للنفط وكل هذه الدوائر لها علاقة ببعضها البعض فهي مكملة لبعضها البعض، واحب ان اشير الى ان الثروة النفطية لأن اغلب الشعوب والامم تقاس بوعيها الثقافي عندما تعرف تاريخها.
الثروة
بدأت الثروة النفطية في الكويت العام 1937 عندما بدأ حفر اول بئر اختبارية في منطقة البحرة ومن ثم تلاها حفر بئر اختبارية في برقان رقم 1 وبعد اكتشاف هذين الحقلين اندلعت الحرب العالمية الثانية واضطرت شركات النفط الى ان توقف عملها موقتا ولكن بعد الحرب في 1945 عادت الشركات مرة اخرى للعمل في مدينة الاحمدي واختارت مدينة الاحمدي لإدارة الثروة النفطية في الكويت. وايضا ساعد في اختيار مدينة الاحمدي مناظرها الخلابة وطبيعتها الساحرة لأنه يتخللها بعض الروابي وايضا جوها الممتع وكأنها احدى الاقاليم الاوروبية وكذلك الازهار والورود والروائح الطيبة التي تنبعث منها في فصل الربيع، وكذلك ايضا من الناحية الاقتصادية حيث انها بها هضبة الاحمدي المرتفعة حيث يخزن البترول في الصهاريج التي بنيت على هذه الهضبة لأنه بعد ذلك ينساب الى الموانئ التصديرية بفعل الجاذبية وذلك يوفر على القطاع النفطي شراء المضخات وبذلك فقد توافر في هاتين الخاصيتين المنظر الجمالي والموقع الاقتصادي ايضا وسميت الاحمدي نسبة لحاكم الكويت الشيخ احمد الجابر رحمه الله.
النقليات
عندما التحقت بقطاع النقليات التحقت به كفنِ وخصوصا السيارات والآلات الثقيلة وآلات الشحن لأنها كانت تنقل المكائن والمضخات والبيبات الى مواقع العمل في برقان وام العش والوفرة واستمر بي الحال في قطاع النقليات نحو عشر سنوات ومن ثم التحقت بالاماكن السابقة الذكر الى ان انتهى بي العمل العام 1993.
وبعد دائرة النقليات انتقلت للعمل في دائرة الانتاج واخذت فيها دورات كثيرة لنتعرف على العلاقة التي تربطها مع دائرة التخزين للنفط حيث انها الدائرة التي يأتي لها النفط من جميع انحاء الكويت ليخلط فيها لتوحيد المواصفات ووضع سقف واحد لها لأن النفط يختلف باختلاف المنطقة التي هو فيها من الشمال للغرب للجنوب من حيث الكثافة والنوعية والشوائب والملوحة فعندما يمزج النفط وتوجد مواصفاته يتم تصديره للموانئ البحرية موحد المواصفات وايضا يتم تصدير بعضه الى منابر التكرير التي انشئت بشكل موسع العام 1958 ويتم تكرير بعض النفط لسد حاجة البلاد واتسعت بعد ذلك حتى شملت منتجات اخرى نأخذ منها ما تحتاجه البلاد ويتم تصدير البقية كمنتوجات بترولية.
التكرير
التكرير هو عبارة عن تجزئة النفط الى عناصر عدة ومثل ذلك الـ KLD والبنزين والكيروسين والديزل وبعض الزيوت المختلفة فيتم تجزئة النفط الى عناصر عدة مختلفة تحتاجها البلاد ويتم تصدير البعض الآخر فهناك بعض البلدان تطلب شراء النفط المكرر او النفط المصنع لعدم وجود معامل تكرير في بلادها وهناك بعض الشركات التي تأخذ النفط الخام لتصنيعه في بلادها.
النقل
يتم نقل النفط عبر ناقلات النفط منها الحجم الكبير ومنها الحجم المتوسط ففي بداية التصدير كان حجم البواخر حجما صغيرا وكانت تعبأ عن طريق المرسى العائم ومن ثم انشئت الموانئ النفطية التي يصف عليها بواخر متعددة، وقد صدرت اول شحنة نفط من الكويت العام 1946 في شهر يونيو وتوالت التصديرات النفطية عبر الموانئ المستحدثة.
التكويت
كان أهل الكويت منذ البداية على درجة كبيرة من الوعي والثقافة منذ العام 1921 ومرورا بعام 1938 ومرورا بالاستقلال وصياغة الدستور والقوانين التشريعية، فطالبوا منذ البداية منذ الخمسينات بتكويت الشركة وتعريبها فأول ما عملوا في الشركة عملوا في الوظائف الادارية والترجمة ولكن من خلال العناصر المثقفة والقيادات الوطنية طالبوا بتكويت الشركات فكان الفضل لأهل الكويت في تقريب وتكويت الشركات وتكوين النقابات حتى اصبحت القيادات العليا والمتوسطة في ايد كويتية.
النقابات
قبل انشاء النقابات العمالية كان العمال يتجمعون في ميادين العمل لتنظيم اعمالهم وكان العمال في ذلك الوقت على درجة عالية من الثقافة والتنظيم الفكري وكان لهم اتصال مع القوة الوطنية في الكويت فكانوا على درجة تنظيمية وتفاعلية وثقافية عالية فطالبوا فيما بعد بتكوين النقابات حتى جاء الدستور الكويتي والقوانين الكويتية حتى شرعت لهم احقية ذلك وتكونت النقابات الكويتية في القطاع النفطي والقطاع الحكومي وساعد على تفاعل ذلك ايضا ارتباط النقابات النفطية بالاحتكاك مع الشركات الاحتكارية البريطانية والاميركية ساعد على تطور العمل النقابي في القطاع النفطي عن العمل في القطاع الحكومي وذلك للتصادمات التي حصلت لأن الشركات لم تسلم بهذه المطالب وهذه التنظيمات خوفا من تطورها في المستقبل الى امور توقعوا ان تحدث وحدثت بالفعل عندما امم النفط العام 1975 على ايدي القوى الوطنية الموجودة في مجلس الامة في ذلك الوقت وكذلك القوة الوطنية الموجودة في التنظيمات الكويتية والعمالية نتيجة الوعي والادراك والاجواء التي خدمت الوضع بشكل عام حيث تفهمت الحكومة هذا المطلب في ذلك الوقت ودعمته وباركته.
وقد لحقت بالعمل النقابي في الستينات وكذلك السبعينات وكانت المنافسات بين القوة العمالية كالمنافسة الموجودة الآن في الانتخابات لان العمال في ذلك الوقت كانوا عمالا منظمين فكريا وسياسيا وعلى درجة كبيرة من الوعي وكانوا يتصارعون كقوائم في الوقت الحاضر ولكنها كانت اكثر حدة.
كانت مدة المجلس النقابي عامين ينتخب النصف ويسقط النصف وكان العدد يتراوح بين 9 و13 كان يختلف من نقابة إلى اخرى وتختلف نقابات القطاع النفطي عن بعضها البعض وقد كونت هذه القطاعات مع بعضها داخل قطاع النفط اتحادا يسمى اتحاد موظفي وعمال البترول ومن ثم انضم إلى القطاع الحكومي وكونوا مع بعضهما «اتحاد عمال الكويت» وقد كنت في النقابة وفي اتحاد البترول وكنت عضوا في الجمعية العمومية للاتحاد العام وقد شغلت مناصب عدة منها امين سر ونائب الرئيس وايضا شغلت مناصب متعددة في منابر ثقافية متعددة وكانت تسمى الشركة في هذا الوقت «شركة نفط الكويت المحدودة» (KUC).
السفر
لقد سافرت في العديد من السفريات التي تتعلق بالنشاط النقابي والانشطة الفكرية لان النقابات في ذلك الوقت كانت مرتبطة بارتباطات كثيرة مرتبطة بالمد العربي القومي لان اتحاد عمال الكويت منضم لاتحاد عمال العرب فقد تفاعل عمال الكويت مع حركة القومية العربية في ذلك الوقت لان اهل الكويت منذ القدم وهم على وعي فكري وسياسي وثقافي وكان يثقف القومية العربية «التنظيمات والاحزاب العربية»، ولكن بعد حرب 1967 اصبح كل من القوميات العربية يمثل نفسه وظهر العديد من الاحزاب المعروفة في ذلك الوقت.
الاحتكاك
لاشك ان العمل النقابي في هذه الفترة كان مليئا بالاحتكاكات والاضطرابات التي كانت تقوم في القطاع النفطي وكان اول اضراب كان فيه سعود الفارس المعصب مع السيد عاشور وقام ذلك الاضراب في اول الخمسينات وعقب التكوين النقابي ظهرت المطالب العمالية وخاصة بعد فشل المفاوضات بيننا وبين شركات النفط كنوع من انواع الضغط وكوسيلة كفلها لنا القانون لتحقيق مطالبنا وكان مطلبنا الاساسي هو تكويت الشركة ووظائفها القيادية وكذلك البعثات والحمد لله تحقق الكثير من هذه المطالب.
القصف
عند اندلاع الحرب العراقية مع ايران كنت مسؤولا عن الجزيرة الصناعية وفجأة جاءنا صاروخ وضرب الجزيرة الصناعية وكان ذلك اثناء الدوام ولكن انقذنا الله بفضله من هذا، وقمنا بقدر الامكان بالشؤون الانقاذية والامن والسلامة واخبرنا الجهات المعنية بذلك وجاءتنا الاسعافات من الجانبين الحكومي والنفطي وبدأوا مقاومة الحريق ولكن الجزيرة اصحبت بعد ذلك متوقفة عن العمل ولكن كان موجودا قبلها المرسى البحري الذي كان بعيدا عنها داخل البحر حوالي 3 كيلو مترات والجزيرة تبعد عن الشاطئ حوالي 15 كيلومترا وكانت معدة هذه الجزيرة بعد اغلاق قناة السويس للسفن العملاقة ذات الغاطس الكبير لنقل المعدات منها واليها والتي لا تستطيع ان ترسو في منطقتي الفحيحيل وابو حليفة.
المدير
كان مدير النقليات في فترة خدمتي فيها انكليزيا وكان قوي الشخصية وكان على درجة كبيرة من المسؤولية حيث خدم في الحربين العالميتين الاولى والثانية، وكان وضع الشركة في ذلك الوقت هو عدم تقريب الكويتيين من المناصب القيادية العليا وكانوا يقومون بترقية الهنود وغير الكويتيين من العرب حتى إذا ارادوا اقالتهم اقالوهم بسهولة، اما الكويتي فصعب اقالته، فعندما تطورت المعلوماتية عندنا طالبنا بترقيتنا إلى هذه المناصب العليا، فطلبت مقابلته وذهبت اليه، وعندما قابلني قال لي: انتم دائما تسرعون في المطالبة باشياء لم يأت وقتها، فقلت له: نحن في بلدنا ونعمل في هذا العمل منذ فترة ومن الافضل ترقيتنا كما ترقى غيرنا من غير الكويتيين، فقال لي: هذه هي الترقيات التي رسمتها لكم شركات النفط وستترقون في ما بعد، وعرفت من خلال كلامه انه غير متجاوب معي وعنده افكار لا يريد اظهارها لنا حتى لا نفهم نواياهم ومن ثم جاء مدير شركات BB وهي شركات نفط المستعمرات الكويتية وهو على مستوى عال جدا فعندما جاء ذكرت له القصة حيث كانت لي علاقات معه وكتبت له كتابا باللغة الانكليزية وصغته جيدا حتى يعرف مستواي العلمي والثقافي حتى يعرف انني مستحق للترقية، فسألني هل ان كنت انا من صغت الكتاب ام لا فأخبرته باني انا فصرح عليه ووقع عليه بلا مانع من نقلي إلى وظيفة اعلى في هذه الدائرة او غيرها حسب رغبتي فاخذت الكتاب وذهبت به إلى هذا المدير الانكليزي فانصدم عندما رأى الكتاب لانه لا يمكن رفضه واخبرته انني فعلت ذلك عندما تعنت معي فسألني ماذا اختار فأخبرته برغبتي في الانتقال لاحدى دوائر الانتاج او التكرير او التصدير لان هذه الدوائر فيها تطور اكثر لمشتقات النفط وفيها معلوماتية اكثر عن النفط فالتحقت بالدوائر التي ذكرتها واصبحت في ما بعد مسؤولا عن الموانئ النفطية.
في يوم من الايام وبعد عشرين عاما كنت في مكتبي صباحا ودخل عليّ الموظفون للتوقيع على اوراق اعمال الصيانة وذلك بسبب الخطورة البالغة في صيانة النفط فلابد من اذن المسؤول عن الموقع بعد تحضير شروط السلامة والاطفاء فيه. فعندما دخل الموظفون في الصباح دخل هذا المدير الانكليزي معهم ولكنه لم يعرفني وكان يعمل في احدى شركات مقاولات الصيانة فطلبت منه الجلوس لحين الانتهاء من توقيع الاوراق فبعد ان انتهيت من التوقيع طلبته وسألته: انت السيد فلان «اوكانر»؟ فقال: نعم فسألته هل تعرفني ام لا فأخبرني لا لان الذاكرة لا تساعدني، فذكرته بما حدث سابقا بيني وبينه وبالسيد ديفيد سنبل، فسألته: ان كان يريد ان اعامله بنفس الطريقة التي عاملني بها ام نبدأ من المثل العربي القائل: العفو عند المقدرة، فاختار الاختيار الثاني، فقلت له: لك ذلك فوقعت له اوراقه، فشكرني في ذلك الوقت واثنى على اهل الكويت.
التقاعد
لقد تقاعدت عن العمل في عام 1993 في دائرة التصدير والتخزين للنفط وقد اكملت في هذا التاريخ اربعين عاما من العمل في النفط، ولقد لاحظت خلال هذه الفترة تطور الاعمال النفطية من عام إلى اخر وذلك بسبب الاكتشافات الجديدة التي ظهرت من حقول نفطية وتقدم العلم واتساع المنشآت النفطية وتمديد الخطوط النفطية.
الحقل
الحقل البترولي هو النفط الموجود في باطن الارض على شكل بحيرة ويختلف من حقل إلى آخر على حسب الكمية والجودة.
يعد حقل برقان من اكبر حقول العالم البترولية لانه حقل كبير تحت الارض والمخزون النفطي لا بأس به وايضا لان النفط يخرج منه بواسطة اندفاع الغاز وضغط الغاز حتى رأس البئر فهو يعد سهل الاستخراج.
تختلف اعماق الآبار النفطية من حقل لاخر وتختلف ايضا في الحقل نفسه على حسب القرى من مركز الحقل او جانبه والمتوسط حوالي 5000 قدم فأكثر.
يعد نفط الكويت جيدا بالمقاسات العالمية فهو سهل الانتاج وقليل الشوائب والكثافة التجارية التي يرغبها زبائن النفط لانه كلما كانت الكثافة في صفاء النفط كثرت منه المواد المشتقة بعد التكرير، ولكن في الكويت نفسها يعتبر نفط المنطقة الشمالية اصفى من حقل برقان وبرقان اصفى من الوفرة.
الركائز
الركائز المهمة في تطور حياة اي عامل واي موظف هي المثابرة في العمل والجد في العمل والتعلم والتطور بكل ما هو جديد ويخص العمل، والاخلاص في العمل، وايضا النظر لمن سبقونا والتعلم منهم والاستفادة من خبراتهم حتى يتطور ويطور نفسه، وذلك في اي عمل موجود.
الزواج
كان زواجي عام 1965 وقد تأخرت في الزواج قليلا لانشغالي بالعمل سواء العمل النفطي او العمل الدراسي والفكري فقد انشغلت بالتكوين الاجتماعي في العمل والحياة.
ولقد رزقني الله من الاولاد ثمانية اولاد وقد تعلموا جميعا وعلى درجة عالية فمنهم الدكتور والمهندس والاستاذ وعندي ثلاث بنات كلهن استاذات ومتزوجات.
الامانة
لقد حبا الله الكويت منذ القدم ثروة فكرية وثقافية ونفطية وقد ظهر هذا في الرعيل الاول الذي نظم النقابات واسسها ووضعوا الدستور لينظم الامور التي طبعت في اهل الكويت منذ القدم، فالواجب علينا نحو هذه الثروة الشاملة ان نحافظ عليها لتطويرها للافضل ولتجنب ما يشوه سمعتها حتى نسلمها لمن هم بعدنا من الاجيال القادمة.