في المنارة الثقافية الثانية لمهرجان «القرين 17»

الهباد والخالدي: منصور الخرقاوي علامة بارزة في تاريخ الشعر العامي الكويتي

1 يناير 1970 03:37 م
| كتب مدحت علام |

يمثل الشاعر الراحل منصور الخرقاوي، علامة مميزة في تاريخ الكويت الشعري والفني، من خلال ما قدمه من ارث شعري باق، وعلى هذا الاساس فقد أقيم في رابطة الأدباء مساء الاحد الماضي**، منارة الشاعر منصور الخرقاوي، ضمن مهرجان القرين الثقافي 17، وحاضر في المنارة كل من الاستاذ الدكتور حمد الهباد والشاعر ابراهيم الخالدي، وادارها الدكتور بندر عبيد.

في البداية تحدث الاستاذ الدكتور حمد الهباد عن ارتباط الموروث الادبي بالموروث الغنائي، على صعيد الثقافة الشعبية، وبالتالي تحدث عن مفهوم الشعر الغنائي، ومن ثم خلص الى ان التاريخ الغنائي العربي يثبت ان الغناء الشعبي ينتشر بانتشار حركة الشعوب، وقال: «على الرغم من عناية المؤسسات الثقافية بتوثيق الموروث الغنائي، فإن الباحثين لا يعيرون اهتماما لمتابعة او ماهية تكوينة».

واضاف: «يعتبر منصور الخرقاوي احد ابرز شعراء العامية المتميزين في دولة الكويت والجزيرة العربية».

مؤكدا ان الخرقاوي يشترك مع اقرانه شعراء الكويت في نقد الاوضاع الاجتماعية، كالشاعر فهد العسكر وفهد بورسلي وزيد الحرب، وغيرهم من الشعراء، وان المصادر تشير الى ان الخرقاوي كان رساما ماهرا، وان غلاف ديوان شعره كان من رسمه، بالاضافة الى الاعمال اليدوية الاخرى مثل النجارة وامور البناء.

وانه في عام 1958 زار الشاعر منصور الخرقاوي سورية والعراق، وقصد الزبير للبحث عن اشعار الشاعر الكبير محمد بن لعبون الذي عشق اشعاره، وحفظها كجزء من اطلاعاته الادبية التي اشتهر بها.

وقال: «لقد كانت البيئة الثقافية التي نشأ فيها الشاعر منصور الخرقاوي جزءا من مناخ عائلي مفعم بالمواهب، والابداع الفني، فوالده كان شاعرا مشهورا في عزف الربابة، وكانت لخاله اهتمامات بالشعر العربي، الذي كان من احد المشجعين للشاعر منصور الخرقاوي في تتبع امهات الكتب والشعر العربي».

وفي ما يخص انسانية الخرقاوي قال الهباد: «الشاعر منصور الخرقاوي... شاعر حساس مرهف وشعره يعكس مكنونه النفسي، وكيف ان الحياة، علمته الاعتماد على النفس، ولعل تيتمه في صغره اثر فيه الى حد كبير جعله يرتبط ببيئته وأهله وجيرانه.

وفي عام 1958 استدعته ادارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بعد ان ذاع صيته في مجال الشعر الغنائي للمساهمة في وضع قصائد لمركز الفنون الشعبية، وكان هذا المركز فرصة سانحة للشاعر منصور الخرقاوي في اثبات وجوده الفني والادبي.

وتحدث الهباد عن ارتباط الخرقاوي بالطيور في قصائده وخصوصا طائر الحمام، بالاضافة الى مساجلاته مع من عاصره من الفنانين والادباء، وان قصائده تميزت باساليبها الغنائية الشعبية التي تحاكي اصدقاءه، بالاضافة الى القصائد التي ينتقد فيها الاوضاع الادارية والاجتماعية، ثم قدم الهباد تحليلا موسيقيا وفنيا لبعض قصائده الغنائية، الى ان وصل الى مرحلة اعتزال منصور الخرقاوي المجتمع والمحيطين به، بسبب حساسيته المفرطة، ثم صراعه مع المرض، وانطفاء شمعته تاركا للكويت ارثا فنيا يصدح في سماء الساحة الغنائية الكويتية.

وقدم الشاعر ابراهيم الخالدي في المنارة بحثا عنوانه «منصور الخرقاوي... نظرة في حياته وشعره»، كي يلقي الضوء في بداية بحثه عن القصيدة النبطية، والمراحل التاريخية التي ينتمي اليها شعراء النبط والتي قسمها الى خمس مراحل هي رمحلة عبدالله الفرج، والنصف الاول من القرن العشرين ثم النصف الثاني من القرن العشرين حتى التحرير، واخيرا مرحلة ما بعد التحرير.

وقال الخالدي: «يبدو ان شاعرنا -الخرقاوي- ورث في جيناته موهبة الشعر عن والده، الذي كان شاعرا، وعرف باجادته العزف على الربابة، كما ان والدته كانت تقيم حلقات (المالد والقادري) للنساء، وفيها تغني القصائد الشعبية الموروثة، وكذلك كانت جدته لامه مطوعة للنساء، بالاضافة الى خاله احمد الرباح كان له اهتمامات بالشعر العربي».

وتطرق الخالدي الى الحياة الاسرية للراحل منصور الخرقاوي من خلال حبه لزوجته الراحلة في الكثير من قصائده التي وجهها اليها خلال حياتها وبعد وفاتها، كما انه خصص اهداء ديوانه الاول لها، كما كان ابا عطوفا، ويظهر ذلك في القصائد التي كان يوجهها الى ابنائه والى العائلة كلها، وهي تفيض عاطفة وأبوه عارمة».

وكشف الخالدي ان الخرقاوي كتب الشعر في فترة المراهقة، وقد جمعته مبكرا علاقات الصداقة بعدد من ادباء الكويت وشعرائها في الاربعينات، مثل فهد العسكر واحمد بشر الرومي وملا حسين التركيت ومحمد فلاح الخرافي وعبدالله الدويش وغيرهم.

وقال الخالدي: «طرق منصور الخرقاوي في شعره معظم الاغراض الفنية المألوفة في الشعر، من غزل ووطنيات واخوانيات واجتماعيات ونصيحة وحكمة وهجاء ومدح ورثاء».

واكد الخالدي ان الخرقاوي لم يتكسب من شعره في مجال المدح، ولم يتخذه وسيلة للتزلف والثراء ولعل هذا ما يبرز قلة قصائد المدح في تراثة الشعري، كما انه رثا جميع حكام الكويت الذين عاصر وفاتهم، كما رثا والدته وزوجته، وخاله وابن اخته والعديد من الشعراء الذين رحلوا في حياته.

كما ان له الكثير من القصائد في الغزل قالها في مطلع شبابه، او تلك التي قالها في فترات حياته اللاحقة، وقال: «تميز منصور الخرقاوي في لغته بخصوصية اللهجة العامية الكويتية، لنجد المفردات الكويتية الاصيلة حاضرة في شعره، والطريقة المحلية في نطق بعض الحروف، وقلبها في النطق، وخصوصيتها من خلال التشديد والتسهيل».

وتحدث الخالدي عن مساجلات الخرقاوي مع العديد من شعراء جيله والجيل الذي سبقه، وخصوصا المساجلة الطريفة التي جرت بينه وبين شاعر الفصحى الدكتور خليفة الوقيان في العام 1973، واوضح الخالدي ان الجانب الابرز في تجربة الخرقاوي الشعرية هو اثره في مسيرة الاغنية الكويتية طوال نصف قرن من الزمان، كما انه تفاعل مع قضايا مجتمعة في شعره.

وفي ختام المنارة كرم مدير إدارة الثقافة والفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب سهل العجمي منى الخرقاوي ابنة الشاعر المحتفى به بدرع تذكارية.