المتهمون في قضية المطيري: عذبناه والرشيدي... دون مقاومة
1 يناير 1970
04:41 ص
| كتب حسين الحربي ومخلد السلمان وأحمد لازم وعبدالعزيز اليحيوح ووليد الهولان |
اعترف المتهمون في قضية المواطن محمد المطيري بتعذيبه وصياح الرشيدي دون ان يلقيا منهما مقاومة.
وفيما لا يزال استجواب وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد «متواريا» خلف الوقت، أقله الى حين انتهاء لجنة التحقيق البرلمانية من مهامها، حضر الخالد اجتماع اللجنة امس وسط اشادة من أحد أعضائها بتعاون وزارة الداخلية، في حين قال عضو اللجنة النائب سعدون حماد انه تم التوصل الى المتهم الرئيسي دون مزيد من التفاصيل.
واعترف الضابط والأفراد المتهمون في قضية المطيري أمام النيابة العامة أمس بواقعة تعذيب المطيري والرشيدي دون مواجهة أي مقاومة منهما، وانسحب محاميان موكلان للدفاع عن الضابط والأفراد وإعلانهما تخليهما عن القضية.
وجاءت اعترافات الملازم اول سالم الراشد مدعمة بأسماء ضابطين آخرين ملازم اول وآخر برتبة ملازم.
وعلى الفور وبناء على تعليمات النيابة احضر الملازم أول الى النيابة مكبل اليدين وتم التحقيق معه ومواجهته بأقوال الراشد، الذي أكد في أقواله ان عملية تعذيب المطيري تمت بإيعاز من الملازم اول الذي خطط لهذه العملية بأكملها.
وقال الملازم الراشد «عندما ألقينا القبض على المطيري قمنا بضربه رغم انه لم يبد اي مقاومة، وكان معي ضابطان اثنان، بعد ان طلبنا من الافراد الانتظار في السيارة وبعد ان قيدناه اقتدناه الى جاخور خال في منطقة كبد وضربناه وعذبناه وعملنا له (شواية)، فذكر انه يعرف مكان وجود كمية خمور في مخيم في كبد، فتوجهنا الى المخيم فذكر لنا ان الخمور مدفونة تحت التراب وبالبحث لم نجد شيئا وقمنا بإعادته الى جاخور خال، وعذبناه، وشاركني في ذلك ملازم بإيعاز من الملازم اول عبدالله العوضي».
وسلم العوضي نفسه أمس الى النيابة مكبل اليدين،وتمت مواجهته بأقوال الملازم اول سالم الراشد وأمرت بحجزه لحين الانتهاء من التحقيق وبات متهماً رئيسياً في القضية.
واستمعت النيابة الى أقوال حارس العمارة الذي اقتيد مع المطيري كي لا يبلغ ذويه وتم حجزه دون سبب وإحالته الى الابعاد حتى لا يكتشف أمرهم، الا انه تم إيقاف امر ابعاده وتم التحفظ عليه بعد ان شاهد كيف تم تعذيب المطيري وتم التحفظ عليه الى حين الانتهاء من التحقيق.
وفي تطور سريع اعترف الوكيل عريف عبدالله العازمي بتفاصيل رحلة عذاب المطيري، وقال امام النيابة «أنا اعمل في مباحث الظهر والضابط المسؤول عنا هو الملازم اول عبدالله العوضي وخرجنا كفرقة إسناد برئاسة العوضي مع فرقة مباحث الاحمدي، وكان برفقتنا ضابط اخر برتبة ملازم. وتوجهنا الى شقة محمد المطيري في جليب الشيوخ وهناك طلب منا الضباط الثلاثة الانتظار في السيارة ودخلوا الى شقة محمد وضربوه، وعلمنا انه لم يقاومهم الا انهم ضربوه وبعدها توجهنا الى جاخور خال وادخلوا محمد ومنعنا الضباط من الدخول. وبعد ساعة خرجوا لنا وذهبنا مع محمد الى مخيم في بر كبد، وقالوا لنا هنا دفن محمد الخمور وطلبوا منا الحفر الا اننا لم نجد شيئا، فعدنا مرة اخرى الى الجاخور، وطلب منا الضباط الانتظار خارج الجاخور وادخلوا معهم محمد وبعدها طلب منا الذهاب الى منازلنا وعرفنا بعدها ان محمد أحيل الى مباحث الاحمدي».
وأقر الملازم اول عبدالله العوضي، بمواجهته بأقوال الراشد بما نسب، وأقر أيضاً ان جميع أفراد المباحث تناوبوا على ضرب محمد المطيري.
وأصدرت النيابة العامة قراراتها بإلقاء القبض على كل من ذكر اسمه واحضاره امام النيابة لمواجهته بأقوال الضباط وسماع أقوالهم.
ولم تحسم كتلتا العمل الشعبي والتنمية والاصلاح بعد موعد تقديم استجواب وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، في ظل التأرجح بين خيارين، الأول تقديم الاستجواب نهاية الأسبوع الجاري، أو الى حين انتهاء لجنة التحقيق البرلمانية في وفاة المواطن محمد المطيري من عملها الأسبوع المقبل.
وكان أعضاء الكتلتين الى جانب عدد من النواب المستقلين عقدوا أمس اجتماعا في مكتب النائب أحمد السعدون لتحديد موعد تقديم الاستجواب.
وكشفت مصادر نيابية لـ«الراي» أن اعضاء كتلة التنمية والاصلاح يرون أنه بعد اتضاح الحقائق في قضية المواطن المطيري وجلاء الغموض لم يعد من داع لتأجيل الاستجواب، على أن يقدم الخميس المقبل.
وأشارت المصادر الى أن كتلة العمل الشعبي رأت أن من المهم انتظار لجنة التحقيق التي تقوم بجهد فاعل لانجاز تقريرها الأسبوع المقبل ومن ثم يقدم الاستجواب تمهيدا لحشد الدعم والتأييد له.
وأوضحت ان المجتمعين لم يحسموا موقفهم بعد، لكن المرجح أن يقدم الاستجواب بعد انتهاء لجنة التحقيق من عملها.
وفي الاتجاه ذاته، عقدت لجنة التحقيق اجتماعها أمس والتقت وزير الداخلية للاستماع الى افادته في قضية وفاة المواطن المطيري، فضلا عن لقاء اللواءين عبدالحميد العوضي وعبدالله راشد.
وأشارت مصادر نيابية الى أن الوزير الخالد ذكر ان البيان الذي صدر من الوزارة وتلاه في مجلس الامة اتى بناء على معلومات تلقاها من المعنيين بالقضية، وأكد أنه سيتخذ الاجراءات اللازمة لمعاقبة المسؤولين عن هذه المعلومات غير الصحيحة.
وكان الخالد التقى مراجع عليا حيث وضع بين يديها الحقيقة الكاملة لموضوع وفاة المطيري، وانه فور وقوع الحادث أبلغه أحد الوكلاء المساعدين به، وطلب الوزير من الجهات المعنية في وزارة الداخلية اعطاءه المعلومات كاملة، وعلى ذلك ابلغ بها النواب في جلسة مجلس الامة الاخيرة.
وقالت مصادر مطلعة ان إحدى القيادات قال لدى ابلاغه بالموضوع «يالله فكوا عمركم»، وأشارت الى ان الوزير الخالد اشتكى لدى المراجع العليا من بعض القيادات الامنية التي لا ترد على اتصالاته، وانه تلقى تأكيدات من المراجع بضرورة بقائه على رأس الوزارة كونه بات عالما ببواطن الامور ويعرف «الزين» من «الشين» مطالبا بـ«تنظيف» سريع للوزارة ممن لا يستحق البقاء على رأس عمله واحالة آخرين الى التقاعد مع التشديد على عدم التهاون في الامر.
وكان مقرر لجنة التحقيق البرلمانية النائب مرزوق الغانم قال في تصريح مقتضب عقب خروجه من اجتماع اللجنة ان التقرير سيكون جاهزا الاسبوع المقبل.
وأعلن رئيس اللجنة النائب الدكتور علي العمير أن اللجنة قطعت شوطا كبيرا وأن عملها سيكون مميزا وسيدلي بتصريح كامل بعد الانتهاء من التحقيق.
وقال عضو اللجنة النائب صالح الملا ان وزارة الداخلية كانت متعاونة وواضحة في تعاملها، مشيرا الى أن اللجنة التقت عددا كبيرا من قيادات وزارة الداخلية.
من جهته، قال عضو اللجنة النائب سعدون حماد ان اللجنة توصلت الى المتهم الرئيسي في مقتل المواطن المطيري، رافضا اعطاء المزيد من التفاصيل.
وكشف مدير عام الأدلة الجنائية اللواء الدكتور فهد الدوسري أمام لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية أن أدوات التعذيب في مباحث الأحمدي ساهمت في تفاقم حالة المطيري وأدت الى وفاته.
وكانت اللجنة استمعت الى فريق لجنة الادلة الجنائية بحضور مدير الطب الشرعي العقيد حماد العنزي والأطباء عصام الشيخلي وسيف الدين عبدالرحمن وايمن القمر، حيث شرحوا ترتيب الاجراءات الطبية لدى تسلم الجثة التي تم فحصها وأخذ عينات منها. وقد تم تصوير الجثة وآثار التعذيب.
وتوصلت اللجنة الطبية الى أن الوفاة ناجمة عن التعذيب والضرب المبرح الذي تعرض له المطيري.
واعلن المحامي بشار النصار انسحابه ومحامياً آخر من الدفاع عن المتهمين في قضية المواطن المطيري لاعتراف المتهمين بضرب المجني عليه وتعرضه للتعذيب « احتراما للقانون ولأسرة المجني عليه وللشعب الكويتي، بعدما تبين لي الخيط الابيض من الخيط الاسود، حيث انني لم اقبل هذه القضية الا بعدما جعلت المتهمين يقسمون لي بانهم لم يضربوا المجني عليه بعد الضبط ولم يعذبوه وان الضرب قد تم فقط اثناء عملية الضبط للتغلب على مقاومة المجني عليه وضبطه، ولكنهم بعد ذلك أقروا امام النيابة العامة بالحقيقة مقررين ان المجني عليه ضرب وعذب بعد الضبط.
ولكل ما تقدم اقرر انسحابي من هذه القضية، لانه لا يشرفني الدفاع عن اناس دورهم الحفاظ على القانون واحترامه وهم انفسهم من انتهكه».
من جهتها، استنكرت هيئة الدفاع عن المواطن المطيري والمتمثلة بمجموعة محامين من جمعية المحامين الكويتية «ماتمارسه بعض السلطات من تجاوز للقوانين ومخالفة واضحة وصريحة لآيات القرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية المطهرة ونصوص ومواد الدستور والقانون الكويتي، بتعديها بالضرب والتعذيب المؤدي إلى ازهاق روح إنسان حر. ويأتي هذ الاستنكار سواء ثبتت إدانة المتهم بالجريمة المذكورة في بيان وزار الداخلية أو لم تثبت، لأنه لم يُعط كامل حقوقه في الدفاع عن نفسه».
كما أكدت هيئة الدفاع عن المطيري ضرورة فصل الإدارة العامة للأدلة الجنائية وإدارة الطب الشرعي والإدارة العامة للتحقيقات عن وزارة الداخلية وجعلها تحت مظلة القضاء، «لكونها معاونا اساسيا له ولضمان الحيادية ولحسن سير العدالة».
وأعلنت وزارة الداخلية ان لجنة التحقيق التي شكلتها في قضية وفاة المواطن محمد غزاي هليل الميموني رحمه الله بعد استماعها الى اقوال المتهمين وبمواجهتهم باقوال الشهود وبعد جمع الاستدلالات اللازمة تبين لها ان هناك ادعاءات كاذبة في التحقيق الاولي من جانب من قاموا بضبط المتوفى، كما اتضح ان هناك اطرافا اخرى لها صلة بالقضية.
وأضافت الوزارة في بيان لها ان اللجنة قامت بالتحقيق مع كل من له دور في هذا الشأن وبناء عليه تمت احالة ثلاثة آخرين من رجال الامن الى النيابة العامة الى جانب الثلاثة الذين سبق احالتهم، ومن بينهم ضابطان وضابط صف ليلقى كل من اخطأ او تجاوز او تستر عقابه الرادع وفقا للقوانين المعمول بها في هذا الشأن. ولفتت الى ان اللجنة لا تزال مستمرة في اعمالها للكشف عن اي تجاوزات او اوجه قصور في هذا الصدد ولتعزيز الرقابة الادارية واتخاذ الاجراءات اللازمة في هذا الخصوص للحيلولة دون تكرار ذلك مستقبلا. وأكدت الوزارة على ضرورة ان يلقى كل من يتجاوز او يخالف الاحكام والاجراءات القانونية المقررة الجزاء العادل،ردعا لكل من تسول له نفسه العبث بكرامة الآخرين. وستظل المؤسسة الامنية ملتزمة بسيادة القانون وحفيظة على حقوق المواطنين والمقيمين ودرعا واقية وعينا ساهرة على هذه الارض الطيبة.< p>