الرئيس المخلوع يمضي يومه الأول بالمنفى في السعودية وسط تكتم... وعشرات القتلى في سجون المنستير والمهدية وقرمبالية

«ثورة الياسمين» تقصي بن علي نهائيا من السلطة ورئيس البرلمان يتولى الرئاسة في تونس بالوكالة

1 يناير 1970 06:54 ص
عواصم - وكالات -اقصي زين العابدين بن علي نهائيا من السلطة في تونس، حيث اعلن المجلس الدستوري امس، «شغور السلطة» وعين رئيس البرلمان فؤاد المبزع رئيسا بالوكالة، كما ينص عليه الدستور.

ميدانيا، قتل عشرات السجناء في عدد من السجون التونسية، فيما تمكن العشرات من الفرار من السجون المتواجدة في تونس العاصمة ومحافظات المنستير والمهدية ونابل الواقعة شرق البلاد.

وغادر بن علي، تونس، اول من امس، بعد شهر من حركة احتجاج شعبية اطلق عليها التونسيون اسم «ثورة الياسمين»، وقمعت بشراسة مما ادى الى سقوط عشرات القتلى.

وافادت «وكالة الانباء التونسية» الرسمية، بان المجلس الدستوري اعلن «شغور منصب رئيس الجمهورية» وان «الشروط الدستورية توفرت لتولي رئيس مجلس النواب (فؤاد المبزع) فورا مهام رئيس الدولة بصفة موقتة».

واستند هذا التغيير المفاجئ الى الفصل 57 من الدستور، وذلك بناء على طلب من رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد الغنوشي الذي اعلن الجمعة، توليه الرئاسة بالوكالة، بعد فرار بن علي نزولا عند ضغط الشارع.

وتم تعيين الغنوشي بناء على الفصل 56 من الدستور والذي يترك الباب مفتوحا لعودة بن علي، لكن طعن فيه القانونيون وقسم من المعارضة والشارع.

ويحدد الفصل 57 من الدستور في شكل دقيق الاجراءات الانتقالية على قمة هرم الدولة، وينص على انتخابات تشريعية في مدة اقصاها ستون يوما، بينما لا ينص الفصل 56 على انتخابات ولا يعطي الرئيس بالوكالة صلاحيات الترشح الى الرئاسة.

وبالفعل لم يتطرق الغنوشي الى انتخابات في اعلانه بعد تعيين واقتصر على الوعد «بتطبيق القرارات» التي اتخذها بن علي لا سيما انتخابات مبكرة في غضون ستة اشهر.

وادى المبزع اليمين الدستورية في مكتبه في مقر البرلمان، امام رئيس مجلس المستشارين عبد الله القلال ونواب مجلسي البرلمان، مؤكدا انه سيحترم الدستور.

من ناحيته، امضى بن علي، يومه الاول امس، في المنفى في السعودية، وسط تكتم شديد، واجرى محادثة هاتفية مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي.

وامتنعت السلطات السعودية عن الادلاء بأي معلومات عن مكان اقامة الرئيس المخلوع او مدة اقامته.

وأكد شهود لـ «فرانس برس» انهم رأوا موكبا رسميا يتجه بعيد وصول طائرة بن علي في الساعة 00،48 (21،48 ت غ) نحو قصر الضيوف في حي الحمرا الراقي القريب من الشاطئ.

وكان بن علي وصل ليل الجمعة - السبت الى مطار مدينة جدة (غرب) على البحر الاحمر، يرافقه ستة من افراد عائلته بينهم زوجته ليلى، كما ذكرت مصادر متطابقة.

وكانت طائرته حلقت في البداية مساء الجمعة في المجال الجوي المالطي «متجهة نحو الشمال»، كما قال ناطق باسم الحكومة المالطية.

لكن مصدرا قريبا من الحكومة الفرنسية ذكر ان باريس «لم تكن ترغب» في استقبال الرئيس المخلوع، مبررة هذا الموقف بالاستياء الذي يمكن ان تعرب عنه الجالية التونسية في فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.

وفي اطار متصل، أفاد شهود برؤيتهم سيارات في جدة، أكدوا أنها تقل بن علي وأفراد أسرته، في طريقها إلى مكة المكرمة، امس.

وابلغ الشهود «وكالة الأنباء الألمانية»، انهم شاهدوا مجموعة من السيارات التي تحمل أسرة بن علي في طريق الاندلس في جدة، حيث يوجد قصر المؤتمرات، ترافقها سيارات من الشرطة وهي في الطريق إلى مكة، «ربما لاداء العمرة».

وفي باريس، افاد مصدر امني، طالبا عدم كشف هويته، امس، بان عددا من اقارب بن علي، قرب العاصمة الفرنسة.

واضاف ان هؤلاء الاشخاص الذين لم يحدد عددهم يقيمون في حي فخم في «فندق ديسنيلاند» في مارن لا فاليه وترافقهم طواقمهم الامنية الشخصية، وقد وصلوا منذ بضعة ايام.

ميدانيا، قال ثلاثة من الشهود ومصادر حقوقية، امس، ان عشرات السجناء قتلوا في فرار جماعي من سجن في بلدة المهدية.

وقال شاهد يدعى عماد ويقيم على بعد 200 متر من السجن، «حاولوا الفرار وأطلقت الشرطة النيران عليهم. الان هناك عشرات القتلى وفر الجميع».

وأضاف أن السجن في المهدية الواقعة على بعد 140 كيلومترا جنوب تونس العاصمة، كان يضم 1200 سجين.

وقال شاهدان اخران ان عشرات القتلى سقطوا أثناء الفرار من السجن.

كما قتل ما لا يقل عن 42 سجينا في حريق شب امس، في سجن المنستير.

وصرح الطبيب علي الشتلي، رئيس قسم الطب الشرعي في مستشفى فطومة بورقيبة في المنستير (جنوب تونس) «نقلت 31 جثة الى المشرحة وتلتها 11 اخرى».

وجرت اضطرابات مماثلة في سجن قرمبالية في محافظة نابل.

وتأتي هذه التوترات، فيما دوت ظهر امس، طلقات نارية متفرقة في ضاحية الكرم شمال تونس العاصمة، حيث تبين أن وراءها أفرادا من «العصابات الملثمة» بهدف ترويع المواطنين.

وقال مراسل «يونايتد برس انترناشونال»، إن مواطنين تسلحوا بالعصي وقضبان الحديد خرجوا إلى الشارع الرئيسي في ضاحية الكرم وسدوا أبرز مداخله بالحجارة وبقايا السيارات المتفحمة فيما يشبه المتاريس، استعدادا للتصدي لهذه المجموعات وللدفاع عن حرمة مساكنهم.

وتجري هذه الأحداث في ظل غياب تام للجيش الذي سير فجر امس، دورية مشتركة مع عدد من قوات الأمن في الشارع المذكور.

وعاشت احياء قريبة من وسط العاصمة، ليلة من الرعب بسبب اعمال تخريب ونهب قامت بها عصابات ملثمين، حسب شهادات سكان مذعورين نقلتها القنوات المحلية طوال الليل.

واطلقت نداءات الى الجيش، الذي يحمي بموجب حالة الطوارئ المعلنة، الجمعة، المباني العامة للتدخل العاجل ضد هذه العصابات، بينما حلقت مروحيات للجيش ليلا فوق العاصمة.

وتعددت الروايات في شأن هوية المسؤولين عن اعمال العنف والنهب.

واشار بعض السكان الى عناصر ميليشيات سابقة على علاقة بمقربين من بن علي، بينما قال آخرون انها من فعل سجناء حق عام فروا من مراكز اعتقالهم، واتهم البعض الاخر عناصر من الشرطة.

وقال الغنوشي لقناة «تونس7» العامة، ردا على سؤال لقناة «الجزيرة» عن هوية المخربين، ان كل السيناريوات ممكنة في ما يتعلق بانتماء تلك العصابات.

وقال زكي العائدي مدير الابحاث في معهد الدراسات السياسية في باريس لمحطة فرانس-24 «انه اول رئيس عربي يدفع الى الهرب من السلطة تحت الضغط الشعبي».

وأكد «انه حدث كبير في منطقة في العالم تتسم بطول امد انظمة غير ديموقراطية».

واندلعت الثورة الاجتماعية في 17 ديسمبر ضد غلاء المعيشة والبطالة والفساد اثر انتحار الشاب التونسي محمد البوعزيزي (26 عاما) باضرام النار في نفسه في سيدي بوزيد (جنوب تونس) احتجاجا على مصادرة عربته لبيع الخضار.

وقال شقيقه سالم البوعزيزي بعد الاعلان عن مغادرة بن علي، «الحمد لله ظهر حق اخي، ولم يذهب دمه هدرا».

وحكم بن علي تونس منذ الانقلاب الابيض الذي قام به في 1987 واطاح سلفه الحبيب بورقيبة. واعيد انتخابه في العام 2009 لولاية رئاسية خامسة.



فتح كل المطارات التونسية أمام الملاحة الجوية



الطيار بن كيلاني رفض الإقلاع

بطائرة تحمل من «سفك دماء» التونسيين



 دبي - «العربية. نت»



قال الطيار محمد بن كيلاني، انه رفض الإقلاع بطائرة تونسية، بعدما علم أن خمسة أو ستة من أقارب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، كانوا سيستقلونها للفرار الى الخارج.

وأوضح في حديث مع قناة «العربية»، أنه اتفق مع مساعده بلغة العيون على عدم إقلاع الطائرة، مشيرا إلى أنه تلقى اتصالا الجمعة، نحو الساعة الثانية والنصف عصرا بتوقيت تونس، يطلب منه فيه نقل أشخاص مهمين توقع أن يكونوا من عائلة الرئيس المتنحي، مشددا على أن قراره وطاقم الطائرة برفض الإقلاع بها كان نابعا من موقفه الشخصي، لأن ما رآه من مشاهد قتل ودماء، فرض عليه مسؤولية وطنية، وقال «ليس في ما فعلت أي بطولة، وإنما هو واجب».

وأضاف: «رفضت الإقلاع بالقتلة وسفاكي الدماء». وتابع: «كانوا خمسة أو ستة من القتلة»، وكان يفترض أن يكونوا على متن الطائرة المتوجهة إلى ليون وكان على متنها 103 من الركاب، وطُلب مني الانتظار لحين وصول خمسة من أقارب الرئيس، فنظرت بعيني إلى مساعدي، واتخذنا القرار، كما أنني علمت أن بقية زملائي من الطيارين، الذين طلب منهم المجيء والإقلاع بالطائرة، رفضوا أيضا تلك المهمة». ووجه الكابتن طيار، شكره إلى رجال الأمن والجيش، الذين ساعدوه في اتخاذ قراره بعدم الإقلاع، مع من وصفهم أكثر من مرة بأنهم «سفاكو دماء ومجرمو حرب».

أضاف الكيلاني: «أثناء اتخاذ قرار عدم الإقلاع مرت مشاهد القتلى والدماء والثكلى وأمهات الذين قتلوا في ذهني».

من ناحية ثانية (ا ف ب)، اعلنت الوكالة التونسية للطيران المدني في بيان، امس، اعادة فتح جميع المطارات التونسية امام الملاحة الجوية، غداة اعلان اغلاق المجال الجوي.

ودعت المسافرين الى ضرورة «التأكد من حجوزاتهم تفاديا لاكتظاظ قد يحصل جراء تأخير او الغاء بعض الرحلات».



محمد فؤاد المبزع



تونس - ا ف ب - يعتبر محمد فؤاد المبزع (78 عاما)، رئيس البرلمان التونسي الذي تولى امس، منصب رئيس البلاد بالانابة بعد تنحي الرئيس السابق زين العابدين بن علي اثر موجة من احتجاجات عارمة، من رموز الطبقة السياسية الحاكمة.

ولد في 13 يوليو 1933 ودرس القانون والاقتصاد في باريس، وبدأ التدرج في المناصب منذ 1965 في مديرية الامن الوطني حيث عين مديرا للامن الوطني حتى العام 1967.

ترأس بلدية تونس العاصمة في الفترة ما بين 1969 و1973 وكلف في نوفمبر 1973 لفترة خمسة اعوام بوزارة الشباب والرياضة. كما تولى في 13 سبتمبر 1978 وزارة الصحة لفترة وجيزة.

وفي 7 نوفمبر 1979 تم تكليفه بوزارتي الشؤون الثقافية والاعلام، ثم اعيد تكليفه مرة اخرى بمنصب وزير الشباب والرياضة في 27 اكتوبر 1987 في اخر حكومات الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة واستمر في هذا المنصب الى العام 1988 ضمن حكومة بن علي.

وشغل المبزع منصب مندوب تونس في الامم المتحدة بين 1981 و1986، وعين سفيرا لتونس في المغرب بين 1986/1987.

ولاحقا انتخب رئيسا لمجلس النواب لفترات نيابية متعددة اخرها اثر انتخابات العام 2009.

وسبق ان ترأس بلدية قرطاج في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس بين 1995 و1998. وهو عضو الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي من 1974الى 1981 ثم منذ 1997.