وليد الرجيب / اصبوحة / مهرجان القرين الثقافي

1 يناير 1970 07:24 م
يسألني الأصدقاء كلما حل موعد إقامة مهرجان القرين الثقافي عن ظروف تأسيسه وتنظيمه، وبالطبع أول ما أقول إنها من التجارب الثرية التي مرت بحياتي رغم انها كانت متعبة ومرهقة واستغرقت وقتاً وجهداً، لن أنساه ما حييت، لكنها في الوقت نفسه كانت تجربة ممتعة للغاية لأنها تخص الكويت وسمعتها الثقافية، وأنا شخصياً أؤمن بأن الكويت والثقافة لا ينفصلان.

بدأ الأمر عندما كنت مسؤول اللجنة الثقافية في مجلس إدارة رابطة الأدباء في الكويت عام 1993، وأقمت ضمن النشاطات مهرجان جمعيات النفع العام الثقافي في جمعية الخريجين، اشتمل على أنشطة أدبية وموسيقية ومسرحية وتشكيلية متنوعة وكانت مدته أسبوعين، وهذا لفت نظر الدكتور الصديق سليمان العسكري فاستدعاني وطلب مني إقامة أنشطة مماثلة ومصاحبة لمعرض الكتاب، كان وقتها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بعد التحرير، مثخن الجراح ومتوقف النشاط تقريباً، وهذا ألقى على كاهل الدكتور سليمان عبء إعادة استئناف النشاط المرموق للمجلس، فخططت ونفذت أنشطة شبيهة بأنشطة مهرجان الجمعيات في أرض المعارض، ونجح نجاحا باهراً، وكان حضوره كثيفاً، وأنشطته كانت تناسب مكانة الكويت الثقافية.

كنت وقتها أعمل في جامعة الكويت فطلب الدكتور سليمان العسكري انتدابي إلى المجلس الوطني كمستشار لشؤون الثقافة والفنون واقترح علي تأسيس مهرجان ثقافي يليق بمكانة الكويت، فوضعت مخططاً لمهرجان يمتد شهراً كاملاً واقترحت أن يكون اسمه مهرجان القرين الثقافي وكان رأي الدكتور سليمان أن يكون اسمه مهرجان الكويت ورأي الدكتور خليفة أن يكون اسمه مهرجان كاظمة، لكني أصررت على القرين، لأنها أهم ميناء تاريخي ولأن المهرجانات الثقافية تحتفي بالمدن القديمة، ثم صممت شعاره الحالي ونفذه شاب موهوب من وكالة الأنباء - كونا، وكان لوجود الشيخ سعود الناصر على رأس وزارة الإعلام دفع ودعم كبيران لاعتماد ميزانية المهرجان من مجلس الوزراء وكنت محظوظاً بوجود أمين عام منحاز إلى الثقافة الرفيعة ووزير مستنير ومتفهم لدور الكويت الثقافي ومستشارين رائعين مثل الدكتور خليفة الوقيان والدكتور سليمان الشطي وموظفين وموظفات مخلصين للثقافة والوطن.

في البداية عملت وحدي ولكن لضخامة العمل طلبت مساعدا، فتطوعت زميلة، ثم قدم لنا مدير «كونا» في ذلك الوقت وزير الإعلام لاحقاً الأستاذ السميط ثلاثة شبان للمساعدة في التخطيط والتنفيذ.

وجرى العمل ليلاً ونهاراً على إعداد أماكن ووسائل ومطبوعات ودعوات أكثر من ثلاثمئة ضيف من خارج الكويت ووسائل إعلام وغيرها ليكون مهرجان القرين الثقافي الأول يليق بمكانة الكويت الثقافية ونجح نجاحاً مدوياً، وكتبت عنه بانبهار وسائل الإعلام العربية والأجنبية.

أتذكر أننا لم نكن ننام في بيوتنا بل كنت أغير ملابسي في المسارح والفنادق وكنت أحلق ذقني في الحمامات العمومية وكان برفقتي شبان وشابات رائعون مؤمنون بالثقافة وحريصون على رفعة الوطن، وتشرفت بأن أكون المسؤول والمخطط ومشرفاً عاما لمهرجان القرين حتى دورته الثامنة وكان الناس ينتظرونه بشغف وكنا نحرج لأن الأمكنة لا تكفي لكل الضيوف وكانت الأنشطة مميزة.

نعم كانت ذكريات وطنية جميلة.





وليد الرجيب

[email protected]