تقرير / «المركز»: 27 مليار دولار الإنفاق على مشاريع الإنتاج النفطي في الكويت

1 يناير 1970 04:15 م
أصدرت إدارة النفط والغاز في شركة المركز المالي الكويتي (المركز) تقريرا حول انتعاش الاستثمار في مجال الاستكشاف والتنقيب وإنتاج النفط في دول المنطقة أخيرا في ظل ازدهار أسعار النفط عن مستوياتها في العام السابق، بما أن النفط مازال يشكل مصدر الدخل الأساسي لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. الامر الذي أثار انتباه المهتمين في مجال الاستثمار في قطاع البترول.

واوضح التقرير أنه بنظرة سريعة على تاريخ الاستثمار في هذا المجال نجد انه كان حكرا في السابق، خصوصا مع بداية الطفرة النفطية في المنطقة قبل السبعينات، على الشركات العالمية المعروفة مثل بي بي، وشل، واكسون موبل، وتوتال. وخلال موجة التأميم التي سادت في المنطقة في فترة السبعينات، سيطرت الشركات الوطنية التابعة للحكومات على عمليات الاستكشاف وإنتاج النفط في أغلبية دول الخليج والذي حظر الدستور في بعض الدول فيها حق الاستكشاف والتنقيب على الشركات العالمية والخاصة باعتبار ان النفط ثروة قومية لا يحق لغير الدولة الانتفاع به خصوصا في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت. فيما سمحت بعض الدول الخليجية لشركات محلية وأجنبية سواء كانت مستقلة أم عالمية للاستمرار في العمل فيها وبالأخص في دولة الإمارات العربية المتحدة وعمان. أما في بقية الدول الافريقية والاسيوية، فقد كانت مصر وسورية وتونس من أوليات الدول التي فتحت حق التنقيب والاستكشاف للشركات الأجنبية العالمية. فقد عملت الشركات الاجنبية العالمية على الدخول في هذه الدول عن طريق تكوين شراكة مع الشركات الوطنية التابعة للحكومات وذلك لعدم قدرة حكومات هذه الدول على تمويل المشاريع الخاصة بالإنتاج وتطوير الحقول، بالإضافة إلى حاجة هذه الحقول للخبرات التي تمتلكها الشركات العالمية خصوصا التقنيات اللازمة لإنتاج النفط.

وأشار التقرير الى انه في فترة الثمانينات والتسعينات والتي أثرت فيها الحرب العراقية - الإيرانية على إنتاج النفط في دول الخليج والتي تحظى بأكبر احتياطي بين دول العالم، بالإضافة إلى حرب الخليج على دولة الكويت على أسعار النفط بشكل عام، استمرت الشركات الوطنية القيام بدورها في عمليات التنقيب وإنتاج النفط. ولكن بدأت بوادر الانفتاح في عرض حق الانتفاع بالتنقيب والإنتاج لبعض الشركات المحلية والأجنبية المستقلة وكذلك الشركات الأجنبية العالمية خصوصا في سلطنة عمان وباكستان والسودان واليمن والجزائر.

وفي بداية الألفية ومع ازدهار أسعار النفط في المنطقة تأسست بعض الشركات المحلية والأجنبية المستقلة للمشاركة في عمليات التنقيب وإنتاج النفط خصيصا في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وبلغ عددها أكثر من11 شركة ( باستثناء الشركات الأجنبية المستقلة التي تم تأسيسها للعمل خصيصا في كردستان العراق) في الفترة من 2002-2007، وتركزت اعمال هذه الشركات في مصر، وعمان، وباكستان، واليمن، وتونس، والإمارات، وسورية، والسودان والعراق والتي تم تأسيسها تزامنا مع ارتفاع أسعار النفط التي وصلت إلى مستويات مشجعة تضمن لهذه الشركات تحقيق عوائد مادية.

وحققت هذه الشركات نجاحا في عملياتها في مجال التنقيب والاستكشاف، ليكون عدد الشركات العاملة في مجال الاستكشاف والتنقيب وإنتاج النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا أكثر من 87 شركة، تشكل الشركات العالمية الأجنبية منها نسبة 30 في المئة والشركات الحكومية نسبة 27 في المئة والشركات التي تعتبر شراكة بين الشركات العالمية والحكومية نسبة 21 في المئة والشركات المستقلة 21 في المئة فيما تشكل نسبة الشركات التي تدخل فيها الحكومة مع شريك محلي نسبة 1 في المئة.

وقال التقرير ان من المفارقة أن معظم الشركات المستقلة تم تأسيسها في دولة الكويت والتي يحظر الدستور فيها الاستثمار في مجال التنقيب والإنتاج ولكنها وجهت نشاطاتها إلى الدول التي فتحت أبوابها للشركات المستقلة. والتي نأمل في المستقبل القريب أن يتم فتح الباب لها في دولة الكويت للقيام ببعض العمليات التشغيلية بما لا يتعارض مع الدستور خصوصا أن هذه الشركات قد كونت خبرة لا بأس بها في هذا المجال والتي يمكن الاستفادة منها في هذه الدول وتساهم في خلق فرص عمل جديدة للمواطنين، خصوصا أن حجم الإنفاق على سبيل المثال لا الحصر في دولة الكويت في مجال تطوير خدمات الحقول والمشاريع المتعلقة بالإنتاج يقارب 27 مليار دولار ما يتماشى مع استراتيجية الكويت لإنتاج 4 ملايين برميل في 2020.

وأضاف التقرير ان هذه الشركات واجهت تحديات في بداية مشوارها لكونها تفتقر للخبرة والتقنية اللازمة لتشغيل الحقول النفطية بالإضافة إلى شح التمويل لهذا القطاع من البنوك المحلية التي قد لا تتفهم طبيعة عمل الشركات وتقبل المخاطر التي تتعلق بالعمل في هذه الدول والأداء التشغيلي. وحاولت هذه الشركات التغلب على هذه المعضلة عن طريق الشراكة في امتياز الحقول النفطية مع الشركات الحكومية العاملة أو الشركات الجانبية العالمية التي تمتلك الخبرة في هذا المجال. أما بالنسبة لتمويل نشاط هذه الشركات التي تحتاج إلى رؤوس أموال طائلة، فقد قامت الشركات الخاصة المستقلة بالاتجاه إلى البنوك العالمية لتمويل مشاريعها. كما حاولت بعض الشركات الاستناد على أن عملياتها التشغيلية تتركز في الدول النامية وبالتالي قامت بتأمين التمويل عن طريق البنك الدولي الذي قام بتمويل عمليات الشركات في بعض الدول مثل مصر واليمن وعمان وباكستان. فعلى سبيل المثال لا الحصر حصلت شركتا كويت انرجي ودليل بتروليوم التابعة لشركة محمد البرواني على تمويل البنك الدولي لمشاريع الاستكشاف والتطوير. كما نجحت بعض الشركات في تأمين الناحية التشغيلية واستطاعت أن تصدر صكوكا إسلامية لتمويل عملياتها التشغيلية مثل شركة دانا غاز التي استطاعت بفضل عمليات الاستكشاف والتطوير في مجال الغاز في مصر أن تجذب اهتمام المستثمرين في الأسواق المالية خصوصا أنها شركة مدرجة، وكذلك اهتمام المستثمرين في مجال السندات والصكوك. اما بالنسبة للشركات المستقلة غير المدرجة والتي تمثل نسبة كبيرة من هذه الشركات العاملة فلا زالت تحتاج إلى رؤوس أموال تتدفق من القطاع الخاص لتمويل عمليتها التشغيلية والتوسع إلى مناطق جغرافية جديدة. ويتزامن ذلك مع توقعات بأن تحافظ أسعار النفط على مستوياتها التي تفوق 90 دولارا للبرميل وبالتي تمكن الشركات المستقلة من تحقيق ربحية جيدة.

واختتم «المركز» «من المتوقع أن يشهد هذا القطاع إقبالا كبيرا من المستثمرين في القطاع الخاص إما للاستحواذ على حصص في الشركات القائمة أو لإنشاء شركات جديدة في هذا المجال. ولذلك نحن نتوقع نجاحا باهرا لهذه الشركات هذا إذا استطاعت أن تثبت جدارتها التشغيلية والإدارية في المستقبل القريب».