علي محمد الفيروز / إطلالة / مدّعو الإعاقة!

1 يناير 1970 06:07 ص
علينا ألا نلوم الحكومة حينما يتذمر البعض من اهالي المعاقين من تأخير تطبيق قانون المعاقين الاخير، فهناك اكثر من 15 ألف معاق في الكويت لا تنطبق عليهم شروط الاعاقة، وهم يمثلون نسبة 41 في المئة من اجمالي المعاقين يتمتعون بكامل الامتيازات المقررة لذوي الاعاقة، والسؤال هنا: كيف استطاع 14657 شخصا من «مدعي الاعاقة» ان يجتاحوا شروط الاعاقة سواء في وزارة الصحة او وزارة الشؤون؟ انها فعلا كارثة!

لقد قام الدكتور بسام الفودري عضو لجنة الاعاقة السمعية في الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة بإعداد دراسة عن الاعاقة السمعية في دولة الكويت تبين من خلالها انه يصرف معاش شهري بقيمة 100 دينار «على أقل تقدير للمعاق» وتستفيد اعداد كبيرة من هؤلاء من هذه الامتيازات، وهو ما يعني ان الدولة تقوم بصرف ما يقارب من 2.109.300 مليون دينار شهريا «دون وجه حق» والسؤال هنا: كيف يكون الحال عندنا لو صرفت الدولة المنحة المالية للسكن الخاص لجميع المعاقين المسجلين حاليا في الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة على اساس ان لديهم اعاقات بسيطة؟! فإنه بذلك سيصرف 5000 دينار لكل معاق، ما يعني ان الدولة ستقوم بصرف 73285000 دينار تقريبا لمن لا يستحق!

وبالتالي تكون الدولة امام منحى خطير سببه مدعو الاعاقة او ما يسمى بفئة «الأصحاء المعاقين»... نلاحظ ان ما صرح به الدكتور الفودري هو امر خطير، لا يمكن السكوت عنه، ويحتاج التوقف عنده، نظرا لحساسية الاوضاع الدائرة، فالمطلوب الآن اعادة تقييم جميع المعاقين ممن صدرت لهم «شهادة اثبات اعاقة» قبل تاريخ صدور القانون الجديد للمعاقين رقم 2010/8 الصادر من مجلس الامة، وللسادة الاعضاء الفضل في صياغته بالشكل المطلوب، ثم العمل على انشاء قسم للتدقيق، وذلك لحساب نسب العجز الصادرة من اللجان الطبية المختصة لتدارك الاخطاء والتزوير والتلاعب في البيانات، والتي قد يتعرض لها اعضاء اللجنة الطبية... لذلك طالب الدكتور بسام الفودري اختصاصي علاج امراض النطق والبلع بوضع خطة عمل حسب جدول زمني تقوم الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة من خلالها على وقف صرف الامتيازات المالية للمعاقين المسجلين لديها، وذلك لحين اعادة تقييم الحالة، والتأكد من مدى توافر شروط الاعاقة لديها، الامر الذي يساعد على وقف الهدر القائم للمحافظة على المال العام، الى جانب تشكيل لجنة لوضع آلية لصرف الاجهزة التعويضية للتأكد من صرفها واستفادة المعاق منها... بالتأكيد ان ملاحقة «الاصحاء المعاقين» هي واجبة، كما ان محاسبة المتجاوزين على القانون ايضا واجبة، فاللجان المشكلة لفحص الملفات المشبوهة وصلت قرابة 35 ألف ملف يخص المعاقين، لتحديث بياناتها تمهيدا لإدخالها في النظام الآلي، وأكدت وجود شبه تزوير في بعض الملفات المنظورة، لا سيما وجود شطب وتصحيح وقشط في أوراقها اضافة الى وجود ملفات تحتاج الى اعادة الدراسة وتحديث البيانات، خصوصا في الفترة الاخيرة التي شهدت اقبالا شديدا في اعداد المعاقين الجدد والتي تثير حولها الشبهات والشكوك، فنحن لا نختلف عن ان «مدعي الاعاقة» هم العائق الوحيد امام تأخير انجاز القانون الجديد وهم الذين يعتبرون العدد الاول للمعاقين الحقيقيين في واقع الامر.

وعلى ضوء هذه الجهود والانجازات المبذولة نريد ان نشكر مدير عام الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة (د. جاسم التمار) على حرصه الشديد في تلمس جميع المعوقات والصعوبات التي تواجه اخواننا المعاقين في جميع فئاتهم دون تمييز، ونشكر الاخوة اعضاء اللجان المشكلة لفحص وتدقيق ملفات المعاقين، فالضوابط والمعايير والشروط التي يضعها اعضاء اللجنة لكل معاق تصب في صالحه، لا سيما المنح المالية المتعلقة ببنك التسليف، فلن يستفيد منها الا المعاق الحقيقي بناء على شهادة اعاقة حديثة صادرة من الهيئة بعد تحديث جميع البيانات الخاصة به... حقيقة نتمنى ان تزول تلك العقبات والمشكلات التي نراها تقف حائلا امام هيئة المعاقين والشؤون، حتى يتم تحقيق الامنيات والتقدم المنشود، مثل فصل وزارة الشؤون عن معاملات الهيئة، ففي الواقع لا يجوز ان تكون المبالغ المالية التي يتم صرفها من قبل الهيئة بوصاية وزارة الشؤون! فالهيئة بحاجة الى كادر وهيكل تنظيمي ذات ميزانية مستقلة، وبهذه المناسبة نتمنى من الاخ الدكتور جاسم التمار المدير العام لهيئة المعاقين ان يحل مشكلة الزحام المروري عند مراجعة المعاقين للهيئة والتي باتت تشكل معاناة حقيقية لهم بسبب توافد الاعداد الكبيرة من المعاقين التي تراجع الهيئة لإنهاء ملفاتهم ومعاملاتهم، والهيئة بحاجة الى انشاء قاعدة بيانات شاملة لذوي الاعاقة وهو ما يسهل متابعة وتسهيل احتياجات ذوي الاعاقة، وإنشاء خدمات الكترونية يستطيع فيها المعاق تقديم طلب خدمة ومتابعته عن بعد دون الحاجة الى مراجعة مقر الهيئة الرئيسي... نعم يجب ان نعترف بأن هناك الكثير من الامنيات والاحلام، التي من الممكن ان تتحقق لذوي الاعاقة ولكن تحتاج منا المزيد من الوقت والصبر والحكمة... حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.





علي محمد الفيروز

كاتب وناشط سياسي

[email protected]