دلال علي الحمد / تطبيق القانون
1 يناير 1970
04:46 م
بعد أن أصبح العالم كالقرية الصغيرة، في ظل وسائل النقل وسهولة انتقال الاشخاص من مكان الى آخر ومع تطور الدولة وانتقالها الى مرحلة التنظيم التشريعي وسن القوانين الواجبة التطبيق على الفرد، اذا كان خارج الوطن سيطبق عليه القانون الوطني حتى لو كان خارج الاقليم الوطني، ام تطبق عليه قوانين بلد الاقامة؟
من هنا برز مبدأ «اقليمية القوانين» والمقصود فيه تطبيق قانون الدولة على جميع الاشخاص الموجودين على اقليمها، سواء كانوا مواطنين او اجانب وبغض النظر عما اذا كانت اقامتهم موقتة ام مستديمة كما يسري تطبيق القانون وفقاً لمبدأ اقليمية القوانين على جميع ما يوجد من اموال او اشياء على الاقليم.
كما لا يعتبر اخلالاً بمبدأ اقليمية التمييز بين المواطنين والمقيمين في الحقوق والواجبات او المعاملات، طالما هذا التميز صادر من قوانين اقليم الدولة نفسها باعتبار ان مبدأ اقليمية القوانين، لا يوجب ضرورة مساواة المواطنين مع المقيمين فهناك بعض الحقوق والواجبات مقصورة فقط على مواطني الاقليم كحق الانتخاب والترشيح في المجالس النيابية وواجب الخدمة العسكرية.
الا ان مبدأ اقليمية القوانين يتقيد بحدود اقليم الدولة ولا يطبق القانون على من هم خارج اقليم الدولة، حتى ولو كانوا تابعين له بصفة المواطنة ويستنتج من مبدأ اقليمية القوانين الى حق كل دولة في ممارسة سيادتها الكاملة، قبل قانون اي دولة اخرى.
باعتبار ان مبدأ اقليمية القوانين يعكس وجود الدولة بفرضها النظام الذي تريده على جميع من في اقليمها، ويعتبر حق الدولة في السيادة على اقليمها نتيجة طبيعية لوجودها فليس للدولة وجود، الا على اقليم معين باعتباره احد اهم اركان قيم الدولة وهو مكان وجودها.
الا انه تبين للواقع العملي ان تطبيق مبدأ اقليمية القوانين على اطلاقه، لا يتماشى مع ما هو عليه العالم الدولي، في العصر الحديث، ان هناك بعض المسائل اللصيقة بكيان الانسان وذاته على سبيل المثال المسائل المتعلقة بالاحوال الشخصية والاجتماعية والدينية ومن هنا برز مبدأ «شخصية القوانين او امتداد القوانين».
ويقصد بمبدأ «شخصية القوانين او امتداد القوانين»، هي القوانين التي تطبق على مواطني الدولة سواء اكانوا على اقليم الدولة او خارجها، ولا يعتمد تطبيق تلك القوانين على الاجانب المقيمين بالاقليم الوطني، ويكون مبدأ السريان الشخصي للقوانين على اساس ما للدولة من سيادة على رعاياها اينما وجدوا، حيث ان قوانين الدولة سنت لتطبق على المواطنين وليس على بقعة الارض فقط، باعتبار حق الدولة في ممارسة السيادة على رعاياها نتيجة طبيعية لكون هؤلاء الرعايا يمثلون عنصر الشعب في الدولة، التي لا تقوم لها قائمة بغيره، فالدولة، فالدولة كيان بشري ليس مجرد كيان اقليمي، غير ان مبدأ شخصية القوانين او ما يطلق عليه امتداد القوانين يجب الا يؤخذ على اطلاقه من ناحية التطبيق، باعتباره مساساً لسيادة الدول على اقليمها وحقها في تنظيم المجتمع بالوسائل القانونية التي تراها.
وعليه فان مبدأ اقليمية القوانين يعتب والاصل في التطبيق، كقاعدة عامة بحيث لا يسمح بتطبيق مبدأ شخصية القوانين، الا في حالات استثنائية باعتباره قانوناً اجنبياً يطبق داخل اقليم الدولة الا ان تطبيق مبدأ شخصية القوانين او امتداد القوانين مقيد بشروط... بشرط مهم وهو الا يتعارض القانون الاجنبي، الواجب التطبيق مع النظام العام والاداب في دولة الاقليم وقد اورد المشرع الكويتي نصاً تشريعياً بعد السماح بتطبيق القانون الاجنبي على اقليم دولة الكويت، في حالة تعارضه مع النظام العام والاداب الكويتي وفقا للمادة 73 من القانون الكويتي رقم 5 لسنة 1961 والخاص بتحديد القانون الواجب التطبيق في العلاقات القانونية ذات العنصر الاجنبي كما ان المشروع الكويتي اخذ بمبدأ شخصية القوانين او امتداد القوانين على المواطن الكويتي على الجرائم، التي ترتكب في الخارج من قبل مواطن وتمس امن الكويت.
وقد تكفل القانون الدولي الخاص بوضع الحلول في حالة نشوء اختلاف بين تطبيق مبدأ اقليمية القوانين ومبدأ شخصية قوانين في مختلف مسائل القانون، على سبيل المثال خضوع النزاعات المتعلقة بأهلية الشخص لقانون الدولة، التي ينتمي اليها بجنسيته وخضوع المنازعات المتعلقة بالعقار لقانون موقع العقار.
وبما ان مبدأ اقليمية القوانين يعتبر القاعدة العامة في تطبيق القانون اقليمياً، غير ان لهذه القاعدة استثناءات، بسبب ما يتم منحه للاجانب من امتيازات قانونية وحصانات قضائية وديبلوماسية والتي تمنح بالتطبيق لقواعد القانون الدولي العام الذي جرى عرفه على منع حصانة الديبلوماسية او قضائية لرؤساء الدول الاجنبية واعضاء البعثات الديبلوماسية وتحصينهم قضائياً عن طريق عدم خضوعهم للقضاء الوطني في حدود معينة مع اعفائهم من الضرائب والرسوم.
دلال علي الحمد