ما حدث يوم الثلاثاء الماضي هو عرس ديموقراطي شارك فيه الشعب ونوابه وحكومته برضاء وتوافق، لم يشوّهه إلا وجود القوات الخاصة وبايديها- أعزكم الله- الكلاب البوليسية، لفرض هيبة لم نرها، واستعراض للقوة لم يكن له داعٍ، صورة بشعة نقلها الإعلام الودود واللدود.
بدأت المشكلة عندما أصرّت الحكومة على رفع الحصانة عن النائب الدكتور فيصل المسلم، بطلب من النيابة تلبية لطلب من أحد البنوك التجارية، ولكن إصرار الحكومة على رفع الحصانة بأسلوب- وإن كان قانونياً- إلا أنه مكروه، فلو أنها حضرت إحدى الجلسات الثلاث السابقة لما خرج المعارضون إلى الدواوين، وكانت بداية لسلسلة من الخطايا، أولها ردة فعل الحكومة على اعتداء تم على مرشحٍ مثيرٍ للجدل، فصوّرت الأمر كأنه جريمةٌ سياسيةٌ كبرى، واعتداءٌ على رمزٍ من رموز البلد.
وكانت الحلقة الثانية من هذا المسلسل ما تم في ندوة الدكتور جمعان الحربش في الصليبخات، إذ تعسفت قوات الأمن بتنفيذ الأوامر الصادرة إليها بشكلٍ وحّد معارضي الحكومة، وهو أمرٌ لو أُنفق ما في الكويت جميعاً من أموال وتوحدت كل الجهود فيها لما توافقوا.
ولكن بمعجزة حكومية تم ذلك، وتقدمت الكتل الثلاث «العمل الوطني- التكتل الشعبي- التنمية والإصلاح»، باستجواب لاقى قبولاً من الشارع السياسي، وبدلاً من أن تعتذر الحكومة ويتحمل وزير الداخلية المسؤولية، ويشكل لجنة تحقيق في ذلك، أصرّت على العناد والمكابرة وأغلقت أبواب الإعلام الرسمي عن المعارضين، فلجأوا إلى الإعلام الخارجي، ليزداد الضغط على نواب الحكومة قبل النواب الآخرين.
ولجأ مؤيدو الحكومة- وأغلبهم من المنادين بوأْدِ الديموقراطية وحلِّ مجلس الأمة حلا غير دستوري- إلى قنوات أقل ما يُقال عنها إنها على خصومة مع معظم الكتل السياسية البرلمانية، تهاجم النواب وتشوّه العمل البرلماني، وتحرض الشارع على كل من يعارض الحكومة.
وبعناد عجيب تخلت الحكومة عن خياراتها بتأجيل الاستجواب لمدة شهر، لعل التوتر والاحتقان السياسي يقل، وتقوم بجهودٍ لتصليح ما قامت به من أخطاء، أو تبييض وجوه مؤيديها في بعض القرارات مثل إطلاق سراح المعتقلين في الأحداث الأخيرة، والسعي إلى التهدئة والصلح أو أحالت الأمر إلى المحكمة الدستورية، لعلها تجد لديها حلاً للمأزق الذي وضعت نفسها فيه.
وكان يوم الاستجواب ووافق المجلس على سرية الجلسة لعله يسمع ردود الحكومة على اتهامات المستجوبين، وكما قيل لنا- ولأن الجلسة كانت سرية- لم تكن ردود الحكومة موفقة، ووضعت نفسها ومؤيديها في موقف حرج، وهي وإن اجتازت هذه الأزمة، فستكون أضعف كثيراً مما كانت، وستضطر إلى تقديم المزيد والمزيد من التنازلات، وستزداد شهوة معارضيها للمزيد والمزيد من الاستجوابات، حتى يتم لهم الهدف.
فهل ستصمد الحكومة حتى الثلاثاء؟... لست أدري!
مبارك المعوشرجي
[email protected]