تركي العازمي / دروس من الحياة لمن يتعظ...!

1 يناير 1970 06:31 ص
في نقاش مختصر حول ما يحدث في العالم قال زميل لي: ماذا لو اتسع الأمر وتعدى حدود المجتمع حيث بموجب القانون الدولي يمكن مقاضاة من يتعرض للمدنيين العزل... فقاطعته قائلا: لا يا أخي الدنيا بخير ونحن فقط بحاجة إلى التذكير.

ولهذا وكنوع من التذكير نسوق حادثة الخليفة هارون الرشيد مع بهلول... والحكاية تقول إن الخليفة هارون الرشيد قد خرج في رحلة صيد فمرّ برجل يقال له بُهلول... فقال هارون: عظني يا بُهلول...

قال: يا أمير المؤمنين... أين آباؤك وأجدادك من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيك؟ قال هارون: ماتوا...

قال: فأين قصورهم؟ قال: تلك قصورهم... قال: وأين قبورهم؟ قال: هذه قبورهم...

فقال بُهلول: تلك قصورهم... وهذه قبورهم... فما نفعتهم قصورهم في قبورهم؟ قال: صدقت... زدني يا بهلول... قال:

أما قصورك في الدنيا فواسعة * فليت قبرك بعد الموت يتسع فبكى هارون وقال: زدني... فقال: يا أمير المؤمنين: هب أنك ملكت كنوز كسرى وعمرت السنين، فكان ماذا أليس القبر غاية كل حيّ وتُسأل بعده عن كل هذا؟ قال: بلى... ثم رجع هارون... وانطرح على فراشه مريضاً... ولم تمضِ عليه أيام حتى نزل به الموت... فلما حضرته الوفاة، وعاين السكرات، صاح... بقواده وحجابه: أجمعوا جيوشي... فجاؤوا بهم... بسيوفهم... ودروعهم... لا يكاد يحصي عددهم إلا الله... كلهم تحت قيادته وأمره، فلما رآهم... بكى... ثم قال: يا من لا يزول ملكه... ارحم من قد زال ملكه.

ثم لم يزل يبكي حتى مات ( من موقع islamme.com ).

هذا حكاية من آلاف الحكايات التي سطرتها الأمة الإسلامية بتاريخها العظيم، نذكرها كدروس من الحياة لمن يتعظ فنحن في حياة زائلة والوطن هو الباقي، والتاريخ لا يذكر سوى المواقف الحكيمة التي وإن تذكرها العاقل شاب رأسه من هول ما يرى... نحن بتنا لا نفهم ولا نحاول أن نفهم ما يدور حولنا، وإن عاين البعض بعض المواقف والأحداث، فإنه لا يقرأها بالشكل المطلوب حتى جيل الآباء والأجداد، تركوا لنا فكرا نيرا عاقلا ولكن «ربعنا شخبطوه» وتغيرت المفاهيم وصار كل شيء جائز، حتى على مستوى النقاش فقدنا أبجديات الاحترام فيه ووصلنا إلى حد التشابك بالأيدي والقضايا ترفع كل يوم وليلة!

فهل فهمنا ما نعني بين السطور... أم سنظل نلهث وراء القصور ونترك القبور التي تحتاج إلى عمل مختلف فيه من العدالة والاتزان والحكمة الشيء الكثير... والله المستعان!





تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]