منى فهد الوهيب / رأي قلمي / فوضى العناصر السياسية المعقدة

1 يناير 1970 08:16 م
هناك عناصر سياسية معقدة ليس بفهمها واستيعابها، ولكن بتنظيمها وتكتيكها،وهي قد تكون جلية وبينة وواضحة، ولكن التعقيد يكمن في الفوضى والتخبط بالعمليات السياسية ذاتها، قد يخطئ السياسي «سواء كان من عناصر الحكومة أو من عناصر البرلمان» في كثير من الأحيان عند تعديل أو تعطيل أو إلغاء أو تفعيل أو تطبيق أحد القوانين واللوائح التنظيمية الساكنة الراكدة، ويكون المقصد والمطلب المرجو من هذه العمليات حلول سياسية نقية خالية من الشوائب تصلح للإجراءات السياسية في معمل قبة البرلمان لتسيير الأمور، كما ينبغي عليه ولتصب في مصلحة المواطن الكويتي ومصلحة البلد. ورصدنا هذا التعقيد من خلال الأحداث الأخيرة التخبطية التي تشهدها البلاد وأصبحت التركيبات والعناصر السياسية تعاني الوهن والضعف والهزل لعلة من يدير هذه التركيبات والعناصر وكعاقبة ارتفاع سقف الحريات والتمتع بمزيد من الديموقراطية من دون ضوابط،نحن لسنا ضد الديموقراطية، ولكن! ليس على إطلاقها ولا بد من تقييدها بما يتوافق مع مبادئنا وقناعتنا المستقاة من الشريعة، ولسنا ضد ارتفاع سقف الحريات لأننا لا نريد التخلف السياسي والرجوع إلى الوراء خطوة تلو الخطوة.

ولكن! أين نحن من المفاهيم العقلية التي توجه العمل السياسي وتبلور معالم المبادرة والممارسة السياسية؟. أين الثقافة التي تلخّص تجربة المجتمع ووعيه بذاته وبمحيطه؟، فالثقافة تشكل نافذة يطل منها السياسي المثقف على كل نواحي الحياة للمجتمع وهي سجل للقيم الأساسية التي تحكم الممارسة العلمية والسياسية والإنتاجية، وتشكّل أيضا لحمة الجماعة الأساسية ونقصد هنا بالثقافة هي كسب العقلانية، التي من شأنها توفير القيم والمفاهيم المساعدة على التغيير الفكري والعلمي والسياسي والتكنولوجي وليس النهضة الثقافية.

إن الثقافة السياسية قد تمحورت حول دور السياسيين وممارساتهم التخبطية الفوضوية، لا على الوظيفة الأساسية للسياسي وكيفية ممارسته لهذه الوظيفة، ومن هذا المنظور أصبحت المشكلة السياسية هي صراع الحاضر والمستقبل بتعدد المواقف والآراء المتضاربة غير المتزنة واختلطت وامتزجت التحليلات الصائبة بالخاطئة وكانت النتيجة تفشي الفساد السياسي والإداري في البلد.ولماذا لا تكون السياسة قاعدة للتقدم والتطور ودوران عجلة التنمية والارتقاء بالبلد في شتى المجالات؟، لا بالتطاول على الأعضاء، وغيرهم بالضرب والقذف والسب والتعسف بتطبيق القوانين وأصبحت التجمعات السياسية شغبا وتعديا وانسلالا على القوانين والضابط لهذه التجمعات داخل أو خارج الديوانيات. باعتقادي علينا النظر للقضايا السياسية بنظرة موضوعية حيادية، وعلينا أن نبحر ونتعمق بتحليل الأحداث والمواقف ويكون الهدف والروم الأساسي من بحثنا وتحليلنا وتفكيكنا للقضايا والأحداث التي تتعرض لها البلاد هو الإصلاح لا الإفساد. ولا بد من النظر للأحداث بنظرة موضوعية متجردة ومحايدة بما يخدم الشارع ويفيد ولا يضر بالحركة السياسية الكويتية، ويضيف ولا ينتقص ويشوه من شأن الحراك السياسي، ويكون بمثابة وسيلة ومنهج لوضع أهداف ومطالب ترتقي بنا للصعود إلى تنمية البلد وبالأخص بالشأن السياسي.

برأيي فكل مقصد من المقاصد التي يتم تحليلها والتعليق عليها لفهمها وإدراكها بالشكل المناسب والموائم لأوضاع وأحوال البلد يكون فيه جانب مظلم لتعتيم الحقائق وتضليل الشارع الكويتي، خصوصا في قنوات الفساد وإشعال الفتن، التي تكيل الأمور بمكيالين مكيال باطنه السوء والدهاء وخارجه الانتماء والولاء، وبقدر فهلوة ونباهة من يقدم البرامج لن ولم يكن بذكاء ونباهة المواطن الكويتي، ولن تنطلي عليه هذه الأكاذيب والأقاويل المبطنة بعكس المقاصد الخالصة والمحضة والمجردة من الأهواء والمصالح.

إن المقصد الرئيسي والأساسي من التحليل والتوضيح، هو فتح آفاق جديدة لممارسة ومبادرة سياسية برؤية واقعية موضوعية ترصد نقاط الضعف والهزل السياسي، الذي نعيشه ونعاني منه. فلنرتق بالحركة السياسية بعدم تضليل الشارع وإخفاء الحقائق والتستر على المواقف والأحداث، وبما يرفع من همم قادة الرأي والسياسيين إلى الممارسة السياسية البعيدة عن الأهواء والرغبات السيئة وتصفية الحسابات.





منى فهد الوهيب

[email protected]