ستيفن كوفي صاحب كتاب العادات الثمان لأكثر الناس تأثيراً ذكر عادة الاستماع وصورها كمثلث من ثلاثة أركان وهي:
- فهم الموضوع الذي تتم مناقشته.
- تميز المستمع بقدرة الاستماع.
- ورغبة المستمع في الاستماع.
وكي يكون الإنسان وخاصة القيادي، وهو ما يهمنا عرضه في هذا المقال، ناجحا ومؤثرا في عمله فيجب أن تتوافر فيه أركان المثلث أعلاه بمعنى أنه حتى وإن كان القيادي مستمعا جيدا ولديه الرغبة في الاستماع للموضوع ولكنه غير ملم بالموضوع وجوانبه فهو غير مؤثر ويعيش حالة التيه.
عندنا في الكويت خصوصية لا تتوافر في أي مجتمع آخر، نحن «نركض» تجاه صناديق الاقتراع لننتخب نواباً لا يفهمون الآثار المترتبة على مواقفهم مما ينتج عنه ضياع عادة الاستماع لديهم، وبالتالي يصبحون غير مؤثرين، وتظهر سلوكياتهم ردود فعل سلبية، والدليل على ذلك تغيبهم عن جلسة مجلس الأمة الأخيرة التي فقد معها النائب الدكتور فيصل المسلم الحصانة.
غياب النواب لا يمكن تبريره تحت أي ظرف أو دافع...!
عندنا في الكويت كما أشرنا خصوصية فنحن نطبق القانون، ونسيس الإجراءات، ونطيح بمفاهيم راسخة لأجل وجهة نظر زائفة... وتسير مجموعة «الانبطاح» في نفق الغياب، وقلة الفهم والفجور في الخصومة... وأدب في الحوار تدنت مفاهيمه إلى مستوى «الخراب»!
عندنا في الكويت أموال طائلة تتبعثر يمنة وشمالاً، فلا تعليم جيدا، ولا صحة تمنح العلاج السليم، ولا مرور سالكا، ولا بلدية، ولا أمن مستتبا... ولا شيء من الإبداع نلمسه على أرض الواقع إلا ما ندر.
فاز المنتخب وفرحنا بفوزه بكأس خليجي 20 وخسرنا الكثير... حتى حريتنا خسرناها ليس لأننا لا نسمع أو نرغب بالاستماع، بل لأننا لا نفهم الواقع المر الذي تمر فيه البلاد، ولا نفهم الجوانب الإدارية والقيادية كما هو حاصل في دول مجاورة سبقتنا في حيز الإنجاز.
الفلوس ليست كل شيء... إنه العقل الإداري القيادي الذي نفتقد إليه حتى صار الحديث عن الآمال أشبه بالخط الأحمر الذي لا نستطيع تغييره إلى أخضر يفسح المجال للقانون المغتصب... القانون يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي هو ملاذنا الوحيد، طبقوه علينا جميعاً ومارسوه بشكل يضمن النواحي الدستورية له.
إنها «شخبطة سلوكية» من منظور قيادي صرف ولا نرى فيما يحصل بريق أمل يريح البلاد والعباد، وكل يوم تظهر لنا كارثة، و«الطامة» الكبرى اننا أصبحنا مع بالغ الأسف مستمعين سيئين، وضياع عادة الاستماع كما صورها ستيفن كوفي إنما هي مؤشر لضياع هويتنا.
صرنا في حلبة «المصارعة» متماسكين... فك هذا عن ذاك تجد ذاك ممسكاً بآخر، وهكذا الحال بين اللاعبين الرئيسيين في معترك الحياة السياسية فلم نعد نفسر ونحلل ما يحدث بالطريقة الصحيحة التي تحافظ على هوية مجتمع جيل السبعينات وما قبله، ولو أن قياديي ذلك العصر بيننا لـ «وبخوا» كل متطاول على المسلمات التي جبل عليها مجتمعنا. خلاصة الحديث... سامح الله المتسبب في ضياع قدراتنا بما فيها عادة الاستماع، ولا نملك سوى التوجه للمولى عز وجل بالدعاء لمن ضل الطريق أن يعود لرشده، وأن يهبنا قياديين مؤثرين يعيدون لنا الهوية الضائعة. والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]