ممدوح إسماعيل / البهائية... تعود للواجهة

1 يناير 1970 06:20 ص

في مصر بين الحين والآخر يبرز على وسائل الإعلام اسم «البهائية»، ومنذ عامين في مصر شهد الإعلام المصري ظهوراً مكثفاً لمن يسمون «البهائيين» عبر حصولهم على حكم يتيح لهم تسجيلهم في خانة بطاقة الرقم القومي كديانة.

وهنا انتبه المسؤولون كلهم إلى خطورتهم، فانبرى علماء الأزهر والمهتمون يفندون حقيقة ضلال البهائية، وطعنت الدولة في الحكم. وتابع الشعب المصري بشغف المحكمة الإدارية العليا التي انعقدت في جلسة مطولة استمرت سبع ساعات لتصدر حكماً رائعاً ببطلان الحكم السابق.

وتفنيد بطلانه من ناحية أن البهائية ليست ديناً، إنما فكر ضال خارج تماماً عن المعروف من الأديان التي يقرها الدستور، وهي الإسلام، المسيحية، واليهودية. وتنهد الناس في مصر الصعداء وسكتت الأصوات الشاذة، ولكن فجأة صدر حكم قضائي في نهاية يناير الماضي للبهائيين أعادهم إلى واجهة الأحداث، وهو حكم يتيح لهم بطاقة الرقم القومي من دون أن تدون في خانة الديانة أي ديانة. وهذه كانت خطوة من أجل إثبات ضلالهم كديانة في المجتمع المصري المسلم، وهو حكم مخالف للدستور والدين والهوية والعرف، وما يدعو إلى الريبة أن الحكم صدر على أثر قرار البرلمان الأوروبي عن اضطهاد البهائيين في مصر.

وكان سبق وأصدر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في ديسمبر العام 2003 فتوى تعلن أن «الإسلام لا يقر أي ديانة أخرى غير ما أمرنا القرآن باحترامه، فلا ينبغي، بل يمتنع أن تكون في مصر ديانة غير الإسلام والمسيحية واليهودية، لأن كل ديانة أخرى غير مشروعة ومخالفة للنظام العام».

وطلبت الفتوى من السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية إعمال شؤونها في هذا الأمر. وهذه ليست الفتوى الوحيدة، فقد أصدر الأزهر الشريف فتاوى عدة في شأن البهائية وكفرها، ومنها فتوى للشيخ جاد الحق، شيخ الأزهر السابق رحمة الله عليه. وكثير من الهيئات والعلماء في العالم الإسلامي أصدروا فتاوى واضحة في كفر وردّة البهائيين. ومن عنده أدنى علم في دين الله لا يحتاج إلى فتوى لمعرفة ضلالهم وكفرهم، وهو حكم أرى أن فيه مخالفة للدستور الذي ينص على أن دين الدولة الرسمي الإسلام، وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.

وليس معقولاً مع إعمال هذه النصوص الدستورية ذلك الحكم، ثم إن الدستور عندما تحدث عن حرية الأديان فإن حديثه واضح في الأديان التي يقرها الإسلام كالمسيحية واليهودية. أما البهائية فهي ليست ديناً إنما مجموعة أفكار منتقاة من وساوس الشيطان، وخليط من كل مكفرات الإنسان برب العالمين.

ويبدو أن الحكم يتعلق بطوفان الاستجابة لكل ما يريده الغرب سواء من المنظمات المدنية أو الدولية أياً كان المسمى، سواء في ما يتعلق بدعواهم في حق البهائيين أو غيرهم، وهذا ما نشهد إرهاصاته الآن، ويتم ذلك بأساليب الضغط مستغلين حالة الاستكبار والطغيان الأميركي والغربي وحالة الضعف العربي العام تحت دعاوى الحرية والعولمة.

تعريف البهائية، لمن لا يعرفهم، أنهم يرفضون خاتمية الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) للأنبياء، ويعتقدون في نبوة، بل ألوهية علي محمد الشيرازي، رأس البابية وبهاء الله وعباس ابنه، وقبلتهم في حيفا أو حيث يكون قبر الباب أو البهاء، وغرضهم الأول هو ضرب الإسلام وزعزعة الاستقرار السياسي والديني في المجتمعات الإسلامية، وهم يتعاونون مع إرساليات التبشير والتنصير، وقد حرّف الداعي البهائي رشاد خليفة في ولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأميركية القرآن الكريم في ترجمته للقرآن. وقد كان هذا الأفَّاق ينادي بهدم الكعبة، وتوزيع حطامها على بلاد العالم، وإبطال الحج والشعائر الإسلامية كلها. والغريب أن هذه الجماعة أسقطت التكاليف وأنكرت على الله أسماءه الحسنى وصفاته الإلهية، سبحان الله عما يصفون، وقالوا إن الجنة هي الإيمان بالبهاء، وأن النار هي في عدم اتباعه وعدم الإيمان به. وبذلك أنكروا البعث والحساب ويوم القيامة، ويزعمون أن هناك رسالات سماوية ستظهر تباعاً، وأن البهائية ليست خاتمة الرسالات، وأن هناك رسالات ستظهر بعد ألف عام على الأقل.

وهم يحجون إلى فلسطين وتركيا والعراق وإيران وإسرائيل، لأنها من وجهة نظرهم مناطق مقدسة، إذ حيث قامت السلطات العثمانية والإيرانية بنفي بهاء الله أكثر من مرة إلى تلك الدول، فهم في صلواتهم يتوجهون إلى إحدى هذه المدن شيراز، حيفا، وعكا.

والتقويم البهائي عندهم السنة 19 شهراً، والشهر 19 يوماً لتكون السنة 361 يوماً. ويبدأ من 2مارس، وهم يتزوجون من أصحاب الديانات الأخرى، ولكن بشرط عدم نكران البهائية، كما أن مفهوم البعث عندهم بعث روحي فقط وليس إعادة الروح للجسد، كما تدعو جميع الأديان السماوية.

ما قدمناه نذر يسير من معتقد البهائية الضال، وهم لا يملون مطلقاً من استخدام الطرق والوسائل كلها لإثبات وجودهم، وهم مدعومون من منظمات كبيرة ترعاهم. وإنني على ثقة أن القضاء سوف يبطل هذا الحكم، كما أبطل غيره، ولكن الخوف أن تتدرج هذه المحاولات حتى نشهد في البلاد العربية والإسلامية أحكاماً قضائية تقر ضلالات لا يقرها الإسلام مطلقاً، كعبدة الأصنام وغيرهم تحت مظلة الليبرالية والحريات الدينية.

وأخيراً، إن فرض كل ما يخالف عقيدة المسلمين عبر وسائل خبيثة معروفة مخطط لطمس هوية المسلمين، وإنني في عجب أن ترفض فرنسا الحجاب، وهو حرية شخصية في المقام الأول، وهو ما يتسق مع العلمانية، ومع ذلك فرنسا ترفض الحجاب، لأنه يتنافى مع هويتها العلمانية، ونحن في بلاد المسلمين أجدر أن نحافظ على هويتنا ونصمد أمام الضغوط كلها.


ممدوح إسماعيل


محام وكاتب مصري

[email protected]