خسر الكثير أمام العملات الرئيسية... والدينار الكويتي
الجنيه المصري يسجل أضعف أداء في تاريخه العام الحالي
1 يناير 1970
11:50 ص
| القاهرة - من محسن محمود |
سجل الجنيه المصري أضعف أداء له في تاريخه مقابل العملات الرئيسية في سوق الصرف المحلية خلال العام 2010 بعد موجة الارتفاعات القياسية للعملات العربية والأجنبية أمام الجنيه، خصوصا على صعيد أسعار اليورو والفرنك السويسري والين الياباني التي سجلت جميعها أعلى مستوياتها على الإطلاق مقابل العملة المصرية.
وقال مصرفيون مصريون لـ «الراي» إن أداء الجنيه المصري تأثر منذ بداية العام بالتداعيات التي خلفتها الأزمة المالية على الاقتصاد العالمي، مشيرين إلى أن علاقة العملة المصرية بالدولار الأميركي كانت محددة في كثير وليس كل الأحيان لأدائه في سوق الصرف المحلية.
وأظهرت تقارير رسمية صادرة عن البنك المركزي المصري ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري فروقا كبيرة في أسعار صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأخرى ما بين الارتفاع والانخفاض، حيث هوت عملات اليورو إلى مستويات 6.90 جنيه، والجنيه الاسترليني 7.75 جنيه مصري، والفرنك السويسري إلى 4.86 حنيه في يونيو الماضي في أعقاب أزمة ديون اليونان.
وأوضحت التقارير أن هذه العملات عادت وسجلت مستويات قياسية لم تحققها من قبل أمام الجنيه المصري، حيث حقق الفرنك السويسري خلال الأسبوع الماضي أعلى مستوى له على الإطلاق مسجلا 5.94 جنيه، واليورو 7.90 جنيه، والاسترليني 9.29 جنيه، وحتى الين الياباني قفز إلى أعلى مستوى له في تاريخه أمام الجنيه لتسجل المئة ين نحو 7 جنيهات مصرية.
وعلى صعيد العملة الأميركية، فقد بدأ الدولار الأميركي العام الحالي عند سعر 5.47 جنيه وواصل صعوده التدريجي ليحقق نحو 35 قرشا ارتفاعا منذ بداية العام، ليسجل 5.82 قبل نحو أسبوعين، وهو أعلى مستوى له في 4 سنوات مقابل الجنيه المصري قبل أن يتراجع قليلا عند مستوى 5.76 جنيه نهاية الأسبوع الماضي.
ورصدت التقارير أداء مماثلا وإن كان أقل حدة في الحركة للعملات العربية مقابل الجنيه المصري، حيث ارتفع الريال السعودي من 1.45 جنيه في مطلع 2010 ليصل حاليا إلى 1.54، كما ارتفع الدينار الكويتي من 19.20 جنيه إلى 20.85 جنيه، والدرهم الاماراتي من 1.44 جنيه إلى 1.57 جنيه.
وقال رئيس البنك المركزي المصري الأسبق إسماعيل حسن إن أسعار العملات الرئيسية- بخلاف الدولار- مقابل الجنيه تتحدد من خلال علاقة الجنية المصري بالدولار الأميركي، أي أنها تتأثر بعاملين الأول علاقة خارجية وهي العلاقة بالدولار، والثاني علاقة الدولار بالجنيه المصري، حيث تحدد علاقة العملات بالجنيه بحاصل ضرب علاقتها بالدولار لا علاقة الدولار بالجنيه.
وأشار إلى أن التغيرات والتذبذبات الكبيرة تتلافاها الاقتصاديات الخارجية من خلال ما تتمتع به بعض الاقتصادات من مرونة تتيح لها التحرك في عمليات التجارة الخارجية لتلافي الآثار السلبية لتغير قيمة العملات.
وأوضح حسن ان مصر يمكنها تلافي آثار تذبذب العملات العالمية من خلال تحقيق درجة عالية والاكتفاء الذاتي لبعض السلع الاستراتيجية، حيث نتأثر بمدفوعات وارداتنا وحصائل صادراتنا بالأسعار العالمية للسلع دون أن نكون قادرين على التأثير في هذه الأسعار.
وأضاف اننا لا نستطيع التحرك بين الأسواق أيضا ومن ثم نتأثر بشكل مباشر بتغير الأسعار وتغير قيمة العملات، ومثال على ذلك بعض السلع مثل السكر والقمح والزيت.
ودعا حسن إلى ضرورة العمل على زيادة إنتاج السلع، خصوصا الاستراتيجية، ومن شأن ذلك ليس فقط مواجهة تغير العملات وإنما زيادة الإنتاج والدخل وتوفير فرص العمل.
وقال ان من الضروري أن يتحرك الاقتصاد بديناميكية بحيث إنه في حالة ارتفاع اليورو يجب تشجيع التصـدير لدول اليورو للاستفادة من السعر المرتفع، وفي المقابل تحويل الواردات إلى الدول المصدرة بالدولار لتحقيق ميزة أيضا في الأسعار.
وأوضح صاحب شركة صرافة في مصر علي سعيد أن المضاربة على العملات باتت غير موجودة حاليا، مشيرا إلى أن سياسة البنك المركزي في الرقابة على سوق الصرف نجحت في استقرار السوق وترك الأسعار للقوى العالمية وما يراه البنك المركزي.
وأشار إلى أن البنك المركزي المصري يقوم بالتدخل من خلال ضخ سيولة دولارية بالسوق في حال سجل الدولار تحركات مرتفعة عنيفة، والعكس، حيث يقوم بسحب سيولة من السوق في حال الهبوط، وهو ما يجعل الدولار يتحرك في نطاقات ضيقة لا تتجاوز «5» في المئة منذ بداية العام.
وعلَّق الخبير المصرفي حسن رضوان على ذلك بقوله إن سياسة البنك المركزي تجاه سوق الصرف تراعي عدة عوامل، أهمها أسعار العملات في الأسواق العالمية، خصوصا الدولار، كما تراعي أيضا عدم الإضرار بالصادرات المصرية بما يجعله يميل إلى تفضيل بقاء الدولار عند معدلات متقاربة.
وبالنسبة للعملات العربية، قال صاحب إحدى شركات الصرافة سيد رشدي إن فترة الاعياد تشهد تدفقا كبيرا للعملات العربية للسوق المصرية نظرا لقدوم المصريين العاملين بالخارج لقضاء العيد في مصر، مشيرا إلى أن موسم الحج لم يعد مشكلة حاليا في سوق الريال السعودي.
وحول ما يثار حاليا من وجود حرب عملات في العالم وتداعيات ذلك على مصر والعملة المصرية، قال الخبير المصرفي محمود الكردي إن هذا الصراع يتركز بين 5 مناطق في العالم، وهي: الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والصين واليابان مضافا إليها الهند، وهذه المناطق تمثل أكثر من 80 في المئة من التجارة العالمية.
وأضاف ان صادرات الصين ووارداتها للولايات المتحدة الأميركية 3.6 تريليون دولار سنويا بمعدل 300 مليار دولار شهريا، وكل طرف يعمل جاهدا على تخفيض عملته أمام الآخر لكسب جولة التصدير للآخر، وهي حرب حامية الوطيس.
وأوضح أن تجارة اليابان الخارجية تصديرا واستيرادا تمثل نحو 15 في المئة من التجارة العالمية، كما أن منطقة اليورو عامة وألمانيا خاصة تعمل جاهدة على خفض اليورو أيضا، إلا أن واقع الحال يشير إلى ارتفاع اليورو أمام الدولار ليسجل 1.4 دولار مقابل 1.2 لكل يورو منذ عدة أشهر.
وأشار إلى أنه وسط كل ذلك فإن مصر لا علاقة لها بحرب العملات بين هذه المجموعات من الدول المتنافسة على الأسواق العالمية لأن حجم تجارتنا الخارجية لا يتعدى واحدا في العشرة آلاف من التجارة العالمية البينية، وكل القوى الاقتصادية الكبرى تعمل على تخفيض عملاتها لكسب أكبر مكاسب في هذه الحرب الدائرة، ومجموعة العشرين الاقتصادية تبحث في كيفية الوصول لحل يتناسب مع جميع الأطراف.
ولفت إلى أن مجموعة العشرين تعهدت في اجتماعاتها أخيرا بتجنب حرب العملات، وأقرت تشديد القواعد المنظمة للنظام المالي العالمي، كما تعهد قادة المجموعة في البيان الختامي لقمتهم بالمضي قدما نحو توفير أنظمة لأسعار الصرف تحددها قوى السوق، كما أعلنوا التزامهم عدم خفض أسعار صرف العملات بهدف تعزيز القدرة التنافسية.