عبدالله زمان / وبناءً عليه / إدارة التسجيل العقاري... وركام المقنعات

1 يناير 1970 06:56 ص
يبدو أن أوقات مراجعي إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل لا تعني لبعض العاملين بتلك الإدارة أي قيمة أو احترام تجاه المواعيد التي يعطونها للمراجعين بعد استيفاء كل متطلبات المعاملة وإتمام الإجراءات اللازمة في الدورة المستندية. وما يغفل عنه بعض موظفي تلك الإدارة، بأن السواد الأعظم من مراجعيهم ربما يكونون تحت ضغط الظروف وارتباطات اجتماعية أو أسرية أو حتى مالية، ويترقبون بفارغ الصبر الانتهاء من معاملاتهم في تلك الإدارة البائسة. وفي ظل ذلك، يفاجأ المراجع بأن الموعد المحدد له يتحول لعمل سلبي إضافي، فقط لأن التقاعس والبطالة المقنعة يملآن صالات وأقسام تلك الإدارة.

المهم يا سادة، ما حصل معي شخصياً هو مصداق لما أقول، وربما يحصل ذات الموقف تماماً مع الكثير من المراجعين ممن لا صوت لهم ولا قوة لصعود سلالم الطابق العلوي وإيصال صوتهم للوكيل الذي يتمتع بإجازة فلا أحد يحل محله، أو مديرة الإدارة المنشغلة باجتماع مكوكي، أو مراقبة الإدارة غير المتواجدة بمكتبها، أو رئيسة القسم التي لا تعلم من هو رئيسها الحالي بالعمل.

فما حصل معي، هو أنني راجعت الإدارة لإتمام معاملة خاصة بي، إذ أفاجأ بأنه منذ أسبوعين سابقين والملف مرمي خلف المكتب وأنا من أرشدت الموظفة عليه وهي لا تعلم أصلاً عن وجوده. المهم منذ تلك الفترة لم تتحرك المعاملة قدماً أو يتخذ فيها إجراء واحد. وما كان من الموظفة، وأنا الذي تسببت لها بمضايقة لأني أخرجتها من جو «سوالف شاي الضحى» مع صديقاتها، كي تستكمل معاملتي، إذ توجهت للباحثة القانونية بقصد إعطائي موعداً جديداً بعد أسبوعين، وكأن الأسبوعين الماضيين قضيتهما في مصايف الريف اللبناني، أو عليّ أن أقبل بالإذعان الذي تريد ممارسته عليّ.

هنا أيها السادة، أوصلت لها رسالتي بقوة، بأن وقتي هو ملكي أنا وليس ملكاً لأي إنسان آخر، ولن أسمح بهدر وقتي من دون مبرر. فإذا أتممت كل متطلبات معاملتي وقدمت كل الأوراق الرسمية خلال الفترة الماضية، وانتظرت دوري ولم أتعد على حق أحد، واتبعت النظم واللوائح كما طلبتموها... لأتساءل على أي أساس أتحمل انتظار جديداً مفروضاً عليّ وأن يهدر وقتي الذي أحترمه أنا، ويبدو أن إدارة التسجيل العقاري لا تحترم ذلك ولا تريد أن تتحمل مسؤولية العمل.

الموظفة انزعجت من كلامي، وعلى الفور حولتني لرئيسة القسم، والتي لم تحضر للعمل، والساعة تشير الآن إلى الحادية عشرة صباحاً. فقمت بالتدرج بطرق أبواب المسؤولين حتى وصلت لمكتب الوزير، وهدفي إتمام المعاملة اليوم مهما كلف ذلك من متاعب لتلك البطالة المقنعة وظيفياً والمقنعة شكلياً وما أكثرهم.

وحتى أشارك الأخوة القراء المناشدة لوزير العدل، أقول يا معالي الوزير، عليك بزيارة مفاجئة لتلك الإدارة بالوقت ما بعد صلاة الظهر، لتسمع دوي صوت النساء العالي وكأنك بسوق الحريم أو شبرة الخضار. فيا معالي الوزير، أن تكون بوزارة وقورة وذات طبيعة تتمثل في العدالة وتطبيقاتها، وترى تكدس موظفات في مساحة صغيرة وأصواتهن عالية، وأخلاق بعضهن جلفة وصلفة، وإنجازهن أبطأ من السلحفاة، والاستهتار على أشده، بالتأكيد لن تقبل بذلك في وزارتك يا معالي المستشار، ولن تقبل بهذه الصورة غير الحضارية نهائياً.

بالوقت ذاته ولو خليت خربت، فإن لديك موظفات مبدعات بأخلاقهن، وإنجازهن، ومسؤولياتهن، كالأخت الفاضلة المستشارة إقبال المشعل، والأخت إيمان الحشاش. فعليك يا معالي الوزير تفحص الباقي من الموظفين لتخرج النفائس البشرية السامية من تحت ركام شندويشات البطاط والباذنجان في قسم التحرير والتدقيق أو المقنعات المنشغلات بآي فون والبي بي.





عبدالله زمان

كاتب كويتي

[email protected]