مداواة الحالات النفسية في المراكز الصحية هل تحدّ من خطورتها؟
العيادات النفسية ... أبواب مشرعة للعلاج والتجارة
1 يناير 1970
04:53 م
| كتبت أمل عاطف |
فيما تتجه وزارة الصحة قريبا إلى إنشاء عيادات للصحة النفسية في المراكز الطبية، تعج شوارع الكويت بالعيادات النفسية، وللتغلب على التجارة الرائجة والتي استغلت من استبد بهم** المرض أعلن وكيل وزارة الصحة خالد السهلاوي أن الوزارة بصدد توفير العلاج لأصحاب الحالات النفسية في المراكز الصحية
من جهتها، أكدت أخصائية طب العائلة وعضوة الكلية الملكية للممارسين العامين الدكتورة ياسمين عبدالغفور: «إن التوجه العالمي ينصب على الاهتمام بالصحة النفسية، وسيتم تدريب أطباء طب العائلة على دمج الصحة النفسية بالرعاية الصحية».
أما بخصوص تجارة العيادات النفسية فإن الدكتور عويد المشعان استاذ علم النفس في جامعة الكويت كلية العلوم الاجتماعية واستشاري نفس في مركز مشعان للاستشارات النفسية يقول ان بعض المكاتب النفسية لابد ان تغلق لان ليس لها علاقة من قريب ولا بعيد بالطب النفسي فكل من «هب ودب» فتح له مكتب.
ويؤكد ان معظم هذه العيادات ومكاتب الخدمة النفسية يعمل بها اشخاص غير مؤهلين ولايحملون أي مؤهل علمي مناسب لمهنة العلاج النفسي فهناك اشخاص منحوا الرخصة التجارية لممارسة العلاج النفسي لكونهم اجتازوا دورة في احدى الدول الاوروبية او الاميركية وللاسف هناك تساهل من قبل وزارة الصحة ووزارة التجارة.
ويضيف ان هناك مكاتب نفسية تمارس الشعوذة والطاقة والتنويم وغير ذلك فهي عيادات مغتصبة للمهنة ما أدى ذلك لوقوع الشبهات على العيادات النفسية مما يحدث فيها من تجاوزات لاتغتفر فلا بد من الرقابة من قبل وزارة الصحة لتحد من تلك المكاتب.
ودعا الجهات المعنية الى التدخل من اجل ايجاد حل سريع قبل ان تستفحل هذه الفوضي فيجب ان يحقق في شهادة كل شخص يدعي بانه مجاز من قبل جامعات اجنبية منحته رخصة المعالجة النفسية مطالبا بضرورة تفعيل دور مستشفى الطب النفسي والسعي بالاستفادة من الكوادر الاكاديمية المعتمدة الموجودة في جامعة الكويت او من خارج البلاد.
ويتابع «وعلى كل شخص ان يتوخى الحذر حين ذهابه الى عيادة نفسية ويختار المعالج المناسب خصوصا ان الخجل الذي كان يصاحب المرضى لم يعد له وجود في المجتمع حاليا».
ويبين «ان الخلط بين مفهوم الاضطراب النفسي والعقلي يسود بشكل كبير فالأول لا يتضمن أعراضا ذهنية او تهيؤات عقلية وأنما يتمحور حول الاكتئاب والتوتر اللذين لايؤثران على استبصار الشخص وقدرته على التعايش مع الواقع».
وافاد بان الكثيرين من افراد المجتمع يتعرضون الى ضغوط نفسية وحياتية مختلفة تستدعي استشارة عن مرض احد افرادها ما يضطرها الى اللجوء للعيادات النفسية وهذه العيادات تستجيب لرغبة الاسرة دون ان تدفعها الى استكمال العلاج المناسب فهناك الكثير من المرضي يأتون الى الطب النفسي وحالاتهم متأخرة جدا بعدما يكونون استنفدوا كل المحاولات وارهقوا انفسهم بالذهاب الى عيادات غير المتخصصين ولم يحضروا الى المكان الصحيح الذي كان من المفترض ان يكون قبلتهم الاولى في رحلة العلاج.
الدكتور حسن الموسوي استشاري نفسي واجتماعي يقول «ان العيادات النفسية يفترض بها أن تكون علاجية ولكن للاسف تحول الكثير منها الى تجارية ومن يقم بالعمل التجاري فهو ليس من اهل الاختصاص في تلك المهنة».
ويشير الى ان العلاج النفسي يحتاج الى طرق منهجية وعلمية وخبرة فلابد ان تخضع تلك المراكز النفسية الى رقابة من قبل الجهات المختصة كما يجب عدم اعطاء أي شخص رخصة لعيادة نفسية من قبل وزارة التجارة الا بشروط وضوابط مدروسة فهناك فوضى بشكل كبير في هذا المجال.
وتساءل هل العلاج بالبخور والعطور والطاقة وماشابه ذلك علاج نفسي؟
بالطبع لا فالعلاج النفسي علاج سلوكي ومعرفي ودوائي فلابد من الترابط بينها ولكن علاج المساج والرقية كلها من المشعوذات ولاتمت بصلة للعلاج النفسي.
ويؤكد ان هناك 25 مركزا نفسيا في الكويت وكل مركز يحوي اكثر من 6 اشخاص وهذا الكم الكبير من المسؤول عن تنظيمه في سوق صغير مثل الكويت فالمتضرر الاول والاخير هو المريض نفسه.
ويضيف ان «هناك اعلانا لبعض المراكز تقول بعلو صوتها نعالج بالشعوذة ولا احد يبالي من الجهات الرقابية المختصة والمريض مسكين يدور العلاج السريع وبدون عناء الدواء وهناك اعلان اخر لدكتورة لم تأخذ الدكتوراه حتى الان وعندما نسألها تقول فسوف احصل عليها قريبا فكيف تعلن بانها دكتورة وهي غير حاصلة على الدكتوراه فهذه من الكوارث البشرية التي نتعايش معها يوميا ولايوجد رقيب ولا حسيب».
ويوضح انه تناقش في هذا الموضوع من احد اعضاء مجلس الامة لطرح القضية بشكل فاعل حتى نبعد الطارئيــــــن على المهنة، فيجب ان تخضع المراكز النفسية لمعايير ومقايـــــــيس معينة وتعين من لهم باع كبــــير ودراســـــة وعمق في هــــــذا المـــــجال دون غـــــيره.
ويشير الى ان بعض المدارس غير المتخصصة تعالج أيضا المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، والغرض من انشائها تجاري بحت، ولا ريب أن تدخل الجانب المادي والرغبة في التجارة تفسد أي موضوع انساني.
مرضى نفسيون
وفي مركز الدكتور حسن الموسوي التقت «الراي» عددا من المرضى النفسيين حصة «مريضة نفسية»: ذهبت لعدة مراكز نفسية ولم احصل على العلاج المناسب حتى الآن وتقول «حكايتي بدأت منذ 7 أشهر عندما تزوجت فلدي خوف كبير من الزواج، فذهبت لعيادة نفسية وطلب مني المعالج ان اذهب الى اعلى سطح البناية وذهبت معه وكان يريد ان اذهب لحافة السطح حتى اخرج الخوف من داخلي ولكني ترددت ورفضت لان يحدث لي في بعض الاحيان اغماء فماذا لو تم ذلك ووقعت من البناية فمن المسؤول عن ذلك فرفضت وذهبت لمعالج اخر حيث قال لي ان عدم اتمام تلك العملية بيني وبين زوجي يرجع لنقص في المعلومات لدي او فهمها بشكل خاطئ ما ادئ الى تضخم الخوف لدي من تلك العملية ويرجع ذلك للمعلومات الحياتية لدي ولابد من العلاج عن طريق تصحيح تلك المعلومات بشكل تدريجي دون اللجوء لاساليب الرعب التي يمارسها البعض من المعالجين غير المؤهلين».
وتقول مني «مريضة نفسية»: «اعاني من القلق القاهر حتى وصل بي الحال لعدم النوم والتفكير بشكل مستمر وذهبت لمعالج نفسي حيث قال حتي تكوني قوية لابد من الذهاب الى المقابر والنوم هناك من الساعة 10 مساء حتى 10 صباحا حتى يخرج القلق والخوف من عندي ولكن رفضت ذلك لانه غير منطقي ولا يستوعبه أي عقل بشري وتأكدت انه علاج خاطئ عندما ذهبت لمتخصص واكد لي انها اجتهادات سلبية من بعض المعالجين غير المختصين بتلك المهنة».< p>< p>