حميد المالكي / الأحد اللبناني الأسود والنقابات

1 يناير 1970 06:25 ص



في ظل الأزمة السياسية والإنسانية المتفاقمة التي يشهدها لبنان الشقيق واستحواذ البيوتات والاقطاعيات السياسية والاقتصادية والمالية والروحية نفسها على مقدراته منذ الاستقلال، والتي تتوارث وتتناسل الحكم والتحكم والاستحواذ على السلطة والثروة، خرجت مجاميع من اللبنانيين في تظاهرات سلمية بعد أن عضها الجوع وانقطاع الخدمات وأزمات الكهرباء والبطالة والسكن والغلاء الفاحش، وهي نتائج وأسباب مباشرة،  أما الاسباب الحقيقية للأزمة العامة فهي تلك التي تحدثنا عنها من امتلاك تلك النخبة الطفيلية للبنان سلطة وثروة.

خرج المتظاهرون وغالبهم من الشبيبة لا يملكون غير حناجرهم وليسوا مسلحين وليسوا مجنَّدين لأحد أو مدفوعين من أي جهة وهذا ما أجمع عليه غالبية المحللين والمراقبين ويمارسون حقاً كفله لهم الدستور وطرحوا مطالب حياتية مشروعة طالما طالبوا بها وعملوا من أجل تحقيقها، لكنهم لم يستطيعوا ذلك بسبب الهيمنة والجبروت وقد جوبهوا بوابل من الرصاص أسقط منهم ثمانية قتلى وعددا من الجرحى.

إن المسؤول عن حماية هؤلاء الفقراء قانونياً وأخلاقياً السلطة الحاكمة ما دامت تظاهراتهم سلمية خالصة ومهنية مشروعة وتعبر عن مطالب الشعب اللبناني بأسره، ما عدا أقليَّة الهيمنة والاستحواذ.

الآن ينبغي توحيد الاتحادات والنقابات العمالية اللبنانية كافة، اذ ليس من المعقول وجود أكثر من 700 اتحاد ونقابة مبعثرة هنا وهناك وغالبها مسيس تابع لأحزاب وقوى سياسية متصارعة في عملية انتهاك مفضوحة لمهنية تلك الاتحادات والنقابات ولطابعها الاجتماعي الطبقي وإطارها المطلبي.

المطلوب عقد مؤتمر وطني فوري وشامل للاتحادات ونقابات العمال كافة لبحث شؤون الحركة النقابية وانقاذها من تآمر السياسيين وسد الثغرات والاختراقات في جسدها واستلهام مآثرها وأمجادها ودماء شهدائها وبطولات قادتها التاريخيين المؤسسين لها.

لبنان على مفترق طرق خطير واذا استمر هذا الوضع فإنه سيخلوا من أبنائه، اذ تشير المصادر الى ان أكثر من عشرين ألفاً هاجروا منه في عام 2007 فقط، بينهم كفاءات مرموقة وعالية. والمشكلة اللبنانية لا تحل إلا بوحدة الشعب اللبناني وقوة تماسكه ووحدته وقطع الطريق على التدخلات الخارجية.

إن تنظيف الساحة  اللبنانية من صراع الارادات والمصالح والأجندات والملفات المدمرة الداخلية والخارجية لنسيج لبنان لا يمكن تحقيقه الا بوحدة الشعب، فهو المتضرر والضحية الحقيقي، وحينها ستكون آحاد لبنان وجميع أيامه بيضاء بياض ثلجه وساطعة ومفعمة بالأنوار الساطعة والسعادة والازدهار وانتاج المعرفة، وهذا لا يتحقق الا بالعمل الفعلي لا بالتمنيات والاحلام والخيال المجنح، فليهب اللبنانيون لانقاذ بلدهم هم لوحدهم وليس الآخرون.


حميد المالكي


كاتب عراقي

[email protected]