قضية / «الراي»... سألت خبراء الإعلام عما يدور في أذهان الناس

اقتحام رجال الأعمال عالم الإعلام ... خطوة لتوسيع هامش الحريات أم خدمة لمصالح خاصة؟

1 يناير 1970 06:08 م
| القاهرة - من هبة خالد |
انتشرت في مصر والدول العربية أخيرا ظاهرة امتلاك رجال الأعمال لفضائيات خاصة بهم، تعبر عن مصالحهم وتبرز وجهات نظرهم، وتتبنى الأفكار التي يؤمنون بها، وتهاجم من لا يتفق معهم في الرأي.
البعض يرى أن هذه الفضائيات وجرأتها في تناول بعض القضايا تعد دليلا قويا على ازدياد مساحة الحرية، وتطور المناخ الديموقراطي في مصر، فيما يرى آخرون أن دخول رجال الأعمال إلى مجال الإعلام من شأنه الإضرار بالرسالة الإعلامية ذاتها، لأن مصالح أصحاب الفضائيات ستتحكم إلى حد بعيد في طريقة معالجة القضايا التي تتناولها.
«الراي» التقت عددا من أساتذة الإعلام في مصر وتحدثت معهم عن تأثير دخول رأس المال في مجال الإعلام، وسألتهم عن فضائيات رجال الأعمال، وهل هي إعلام حقيقي أم مجرد بيزنس؟
رئيس قسم الصحافة في كلية الإعلام في جامعة القاهرة الدكتور محمود علم الدين، أشار إلى وجود بيئة إعلامية جديدة في مصر وعدد من الدول العربية تتسم بقدر كبير من الحرية والانفتاح، وهو ما أدى إلى ظهور وسائل إعلام، سواء صحف أو فضائيات، مملوكة لرجال الأعمال.
وقال لـ «الراي»: دخول رجال الأعمال في مجال الإعلام أثار حالة من الجدل، خصوصا أن البعض يرى أنهم يعملون لمصالحهم فقط بغض النظر عن الرسالة الإعلامية التي يقدمونها.
وأضاف: وسائل الإعلام الخاصة في النهاية تخدم مصالح ملاكها، وتدعيم مواقفهم وتعمل على إبراز الجوانب الإيجابية فيهم وتغض الطرف عن السلبيات، وبالطبع تسعى لتحقيق المكاسب المادية.
وقال: « عندما يحدث تزاوج بين رأس المال والإعلام فإن ذلك يعطي قوة لا حدود لها لرجال الأعمال ومن ثم تمكنه من الدخول إلى السياسة بسهولة».
علم الدين أوضح أن مثل هذه الوسائل الخاصة من الممكن أن تفقد مصداقيتها لدى المتلقي بسهولة، لأنها تعمل في اتجاه واحد فقط هو خدمة مصالح أصحابها، بغض النظر عن المعايير الإعلامية الصحيحة.
أستاذ الإعلام المصري الدكتور عصام فرج قال: إن وسائل الإعلام المختلفة منذ نشأتها كانت خاصة، فمحطات الإذاعة بدأت أهلية، وكذلك عدد كبير من الصحف كانت مملوكة لأشخاص، أو هيئات وأحزاب، غير أننا في العالم الثالث اعتدنا على إعلام الدولة لذلك نشعر بالدهشة عندما تظهر فضائيات أو صحف جديدة خاصة.
وأضاف لـ «الراي»: دخول رجال الأعمال في مجال الإعلام أمر طبيعي جدا، فالكثير منهم يسعى إلى الاستثمار في مشاريع تدر مكاسب كبيرة، والفضائيات تحقق هذا الهدف، ولكن الحقيقة المؤكدة هي أن الإعلام الجيد يطرد الرديء، وإذا اعتمدت القناة الخاصة على المعايير والأخلاقيات الإعلامية الصحيحة فإنها تنجح وتحقق فوائد كبيرة لأصحابها والمجتمع كله، أما إذا تجاهلت هذه المعايير وركزت على تحقيق المكاسب المادية فقط وتنفيذ رغبات أصحابها، فإنها غالبا ما تفشل.
وأشار إلى أن مناخ الحرية في مصر وعدد من الدول العربية حاليا أتاح الفرصة لانطلاق كل هذا الكمّ من الفضائيات الخاصة، فلم تعد هناك قيود على حرية الرأي أو التعبير بأي صورة، ولكن هذه الحرية مسؤولة، بمعنى أنه على الإعلام مراعاة ظروف المجتمع والعمل على خدمته.
من جانبه، شبه الأستاذ بقسم الإذاعة والتلفزيون بجامعة 6 أكتوبر الدكتور محمد كمال تزاوج الثروة والسلطة والإعلام «الثالوث المقدس».
وأوضح لـ «الراي»: حال اجتماع هذه الأضلاع الثلاثة لدى شخص واحد فإنه يمتلك من القوة ما يمكنه من فعل أي شيء، فلديه الأموال التي تشتري أي شيء، والسلطة التي تذلل جميع العقبات، ولديه الإعلام الذي يحسن صورته أمام الرأي العام.
وأضاف: ان دخول رجال الأعمال في مجال الإعلام وامتلاكهم للفضائيات الخاصة أمر طبيعي، لأنهم يمثلون القوة المسيطرة على المجتمع المصري حاليا، وهم يسعون إلى ذلك للدفاع عن مصالحهم الخاصة، وتدعيم سيطرتهم وفرض ما يرونه صحيحا.
وأشار إلى أن دخول رجال الأعمال للاستثمار في الإعلام خطأ فادح إذا لم يلتزموا بالمعايير والأخلاقيات الإعلامية الصحيحة.
ويرى الأستاذ المساعد بكلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الدكتور عمرو محمد أن ظاهرة اقتحام رجال الأعمال للإعلام وسعيهم لامتلاك صحف وفضائيات خاصة، ليست مقصورة على مصر فقط، فهي ظاهرة عالمية موجودة في كل مكان، وأصبح الإعلام الخاص. ينافس بقوة إعلام الحكومات والدول.