عندما تقترب ليلة الزفاف، فإن المئات من النصائح تقدم للشاب، وكثيراً منها تأتي من قبل أصحاب تجارب سابقة، بعضها سعيد وأكثرها حزين، ومن طريف ما سمعت أنه تتم توصية المقبل على الزواج أن يختار بين أمرين، بين أن يكون أسداً حزيناً أو خروفاً سعيداً، ولتوضيح الصورة فالمقصود أن الرجل إذا أراد أن يفرض شخصيته، ويحكم السيطرة على زوجته، فإنه سيتعرض لصعوبة كبيرة من قبل شريكة حياته، والتي بلا شك قد استمعت إلى الكثير من النصائح والتي في مقدمتها المثل القائل (ابنك على ما ربيتيه وزوجك على ما عودتيه) كما أنها ربما تعودت في بيت أهلها على حياة الحرية والانطلاق وكما يقولون كانت (free) فكيف لهذا الغريب أن يتحكم في حياتها، لذلك نجد الفتاة مصممة على ألا تترك له زمام القيادة، وإنما ستعلن عصيانها وستحاول بكل ما أوتيت من مكر ودهاء أن تحوله من أسد إلى خروف، لا يملك إلا تلبية طلباتها، وعدم الاعتراض على تصرفاتها، ومن هنا يصبح الزوج بين خيارين كلاهما مر إما أن يتحمل المشاكل ويواجهها ويقوم بدور القوامة ويكون بذلك أسداً حزيناً، وإما أن يسلم الراية ويبحث عن راحة البال ويردد للزوجة «بااااع... بااااع».
وقد طرحت سؤالاً على صفحة الفيس بوك حول أيهما تختار أيها الزوج: الأسد الحزين أم الخروف السعيد؟ واكتشفت أن الخرفان عندنا كثير! وقد تساءل أحد الأصدقاء: ألا يمكن أن يكون الزوج أسداً سعيداً؟ فقلت الأمر صعب إلا أن يرزقك الله تعالى بامرأة صالحة تعرف حقوق الزوجية وتؤديها، وهي تؤمن بمقولة الأعرابية التي أوصت ابنتها ليلة زفافها فقالت لها (كوني له أمة يكن لك عبداً).
ما دفعني إلى كتابة الموضوع هو كثرة المشاكل التي أصبحنا نسمعها بين المتزوجين وخاصة الجدد منهم، وقد أتاني مجموعة منهم يستشيرون في أفضل الطرق التي يمكن اتباعها في التعامل مع تمرد الزوجات، وكان البعض يذكر الطلاق كأحد الخيارات المطروحة، وكنت أشير عليه بأن يجعل آخر الدواء الكي، وألا يلجأ إليه إلا بعد استنفاد كل الوسائل المتاحة للإصلاح.
انني أود في هذا المقام أن أصحح مفهوماً ربما التبس على البعض في ثنايا هذه المقالة، ألا وهو أن دعوتنا للزوج ليكون أسداً، فإنما نعني أن يكون لديه الغيرة على أهله، وأن يبذل كل السبل الممكنة لحمايتهم، وتوفير سبل العيش الرغيد لشريكة حياته، وأن يجعل بين عينيه حديث النبي عليه الصلاة والسلام القائل «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» ولا نعني أن يكون أسداً في بطشه وقسوته وجبروته. كما أود أن أهمس في آذان أخواتنا الزوجات قائلاً: لا تكوني سبباً في هجر الزوج للبيت والهروب منه، لا تدفعي الزوج للبحث عن الراحة والسكينة عند امرأة أخرى، فمن يخاف الله ربما لجأ إلى التعدد، وغيره ربما يلجأ إلى الحرام، ومن لا يملك لا هذا ولا ذاك فسيظل شقياً في حياته، وربما لعن الساعة التي اقترن بها بمثل هذه المرأة (مع أن اللعنة لا تجوز).
وأما أهل الزوجة فأتمنى أن يكونوا خير معين في حل مشكلتها مع زوجها، وألا يكونوا ممن يصب الزيت على النار،ومن جميل ما قرأت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جاء يوماً الى بيت فاطمة رضي الله عنها فلم يجد علياً رضي الله عنه فقال أين ابن عمك؟ فقالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال لرجل: انظرأين هو؟ فقال: هو في المسجد راقد، فجاءه عليه الصلاة والسلام وهو مضطجع وقد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب، فجعل يقول: قم يا أبا تراب، قم يا أبا تراب، ثم أصلح بينهما.
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
[email protected]