تركي العازمي / القيادي واستخدام «الفتوّة»!

1 يناير 1970 06:31 ص
سبعة أعوام تقريباً قضيتها في دهاليز القيادة... علم جميل، قواعده فصلت بين مفهوم المدير والقيادي، ولو نظرت لأغلبية قياديينا لوجدتهم في خانة المدير ولا يتصفون بأي من الصفات القيادية... إنهم يعملون على توفير الإجابة للقيادي السياسي، سواء الوزير أو بطريقة غير مباشرة للنائب، بينما مركزهم القيادي يحتم عليهم توفير رؤية سليمة وتخطيط استراتيجي، ووظيفتهم الحقيقية تكمن في توفير مناخ عمل سليم لجميع العاملين من خلال حثهم وتشجيعهم لفهم احتياجات المؤسسة وعرضها عليه لترجمتها إلى أهداف ممكن تحقيقها وبالتالي يعمل المديرون على تحقيقها... وجميل جداً أن يتصف المدير بالصفات القيادية فهي تحسن مستوى فاعلية وظيفة المدير!

نعرض هذه المعلومة بشكل مبسط كي نوصل المعلومة المراد فهمها، فالقيادي يجب أن يكون محل احترام التابعين له ومحل ثقة وإلا فإن رؤيته لن تبلغ غايتها!

نفهم من هذا ان السلوك القيادي لا يفرض من خلال استخدام «الفتوة»، والفتوة نعني بها هنا ذلك القيادي الذي يحاول بسط نفوذه بالقوة من خلال عناصر «الفتوة» التي يبطش بها، ويفكك من خلالها كل القيود التي من البدهي أن تحيط بعمله، فهو، أي القيادي، ينبغي أن تكون له رؤية خاصة فيه لا رؤية تفرض عليه من قبل راعي «الفتوة»!

إنها فلسفة مستقاة من واقع الحال، وهذا المقال موجه لكل من يبحث عن سر مفهوم مقالين سابقين تحت عنوان «القيادة الخفية» و«الغباء القيادي» وهو موضوع نرسله لأصحاب العقول النيرة ممن يستطيعون ربط المجريات بعضها ببعض!

تظهر قضايا كثيرة تؤثر في العلاقة بين السلطتين وتنعكس سلباً على البلاد والعباد، بعضها مثبت في تقارير ديوان المحاسبة، وبعضها واضح من خلال تخبط القرارات... يرتفع سعر الطماطم، ويتأخر العمل في سوق الصليبية والسبب معروف... فمن أمن العقوبة أساء الأدب، ولعل الوزير الدكتور فاضل صفر يجيبنا عن سبب التأخير... إن القيادة تعني صفة اتخاذ القرار فكم من القرارات صعب اتخاذها!

يتحدثون عن الغرفة، وقانون الغرفة، والمسألة تنظيمية لا تحتاج إلى التجريح، وحلها في قرار من حكيم وقد يكون للـ «الفتوة» أثر في اتساع الفجوة بين متخذي القرار والأطراف المعنية بالأمر! وكذلك الحال في تدهور الأوضاع الرياضية ونتوجه للمحاكم و«هذا داخل وذاك خارج» و«هذا مع وذاك ضد»، والمؤثرات نفسها نجدها مرتبطة بالملف الرياضي!

ماذا أضاف لنا المختلفون؟ لا شيء سوى الفرقة وألفاظ ما كنت أرغب أن يتفوه بها البعض، ورغم انني متفائل بالمقبل من الأيام لسبب واحد وهو أن «دوام الحال من المحال»... فـ « الفتوة» حتى هذه الساعة غير مكشوفة للعلن ولكن المعلوم منها بدأ في التحرر من قيود الأمس وانها في طريقها نحو الانكشاف!

من قرأ حديث الشيخ ثامر الجابر في «الراي» عدد الإثنين 18 أكتوبر يلمس نمط التحرر والشفافية، حتى وإن كانت متحفظة نوعاً ما فسيأتي اليوم الذي توضع فيه النقاط على الحروف ويقال للعابث « كفاية لعب وتسييس»!

امنحونا الفرصة للتعبير... اتركوا لنا المجال للتحرك نحو الفكر الاستراتيجي المنبثق من عقلية قيادية سليمة فالغاية التي ننشدها أكبر بكثير من المصالح الضيقة: إنها غاية الكويت في التحول إلى مركز مالي، وهذا المركز لن نصل إلى حدوده من دون العمل بالفكر الاستراتيجي، ومن دون إدخال رموز قيادية تأخذ من الشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص والاحترام مبدأ لاخلاقيات عملها في إطار قانوني محكم وحوكمة صارمة... والله المستعان!



تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]