قد لا تكون النقاط الـ 173 التي كسبها مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية الجدل حول اتجاه السوق في المرحلة المقبلة: هل سيتابع في مسار تصحيحي أم يعود الى مساره بعد زوال المسببات «الاستثنائية- كما يرى البعض- لتراجعه؟
كان الاقفال الأخضر أمس مناسبة ليبرهن المتفائلون صحة توقعهم بالارتداد الصعودي، في وقت لم يجد المتشائمون غضاضة في القول ان أي اتجاه نزولي يمكن أن تتخلله من مكاسب على النحو الذي حدث أمس، خصوصاً بعد تراجع بلغ أكثر من 400 نقطة في يومين فقط.
واذا كانت جرعة الثقة التي كسبها السوق لم تحسم الاتجاه المستقبلي، فانها على الأقل خطت سطوراً تحت بعض الحقائق، التي يمكن ان يسجل منها ما يلي:
- لا شك أن ما بعد الأحد والاثنين ليس كقبلهما، وبالتالي لا مجال للحديث عن استعادة السوق لمساره السابق «بكبسة زر»، حتى على افتراض صحة ما يذهب اليه البعض من أن سبب التراجع يكمن «خارج السوق» في التأزم السياسي. فاستعادة التوازن والثقة تتطلب وقتاً قد يحصى بالأيام، وقد تمتد فترة التذبذب لأسابيع.
- بدا من تداولات الأمس أن صغار المتداولين، وحتى بعض اللاعبين الكبار يقفون موقفاً حذراً من السوق، فمن ينتهز الفرصة للشراء بالأسعار المنخفضة لا يلبث أن يبيع سريعاً عند تحقيق أي مكسب، بمجرد ارتفاع السهم وحدة أو وحدتين. لكن من الواضح جداً أن هناك من هو واثق بوضع السوق، ويقوم بناء على ذلك بعمليات شراء واسعة، يدل عليها حجم التداولات الذي قارب أمس 210 ملايين دينار.
- يبدو من تصريحات مسؤولي الشركات الاستثمارية أن لا قناعة لدى الغالبية منهم بأن ما يحدث هو تصحيح طبيعي. وربما كان الخوف الأكبر حالياً من أن يفقد صغار المساهمين الثقة، أو أن يقتنع عدد معتبر من المحافظ والصناديق أن لحظة «التسييل» حانت. وفي هذه الحالة، قد لا تكون قناعة اللاعبين الآخرين بوضع السوق القوي كافية لمواجهة تيار البيع.
- في المقابل، لا يمكن لمحلل ذو حس سليم أن يزعم أن فقدان السوق للنقاط الـ417 التي كسبها منذ 25 أغسطس الماضي، مجرد حركة تصحيح طبيعية. ولا يمكن لأحد أن يزعم أنه كان يتوقع ذلك. فحتى أشد المتشائمين كانوا يقولون ان معدل العائد على الاستثمار في بورصة الكويت لا يزال الأعلى خليجياً، وأن غالبية الأسهم (ليس النصف زائداً واحداً، بل الثلثين) مغرية للشراء!
على اي حال، يبقى ان سوق الكويت للأوراق المالية حصل على جرعة منشطة بعد مرحلة التراجع، وستظهر الايام المقبلة.
وانطلقت تعاملات الامس تذبذب حاد ما بين الانخفاض للمؤشرات العامة والتردد من قبل المستثمرين في اتخاذ قرارات الدخول ذلك من جانب، والمضاربات الشديدة التي شهدتها عدة شركات خصوصا القيادية منها.
فبعد ان حقق المؤشر العام مكاسب قدرت بنحو 82 نقطة عاد ادراجه مرة اخرى خلال الساعة الاولى ليفقد ما يتجاوز هذا الرقم، إلا ان ظهور القوة الشرائية وانطلاق المحافظ المالية والصناديق الاستثمارية لسيولتها هو ما رجح كفة الصعود كي يغلق السوق مرتفعا مع نهاية التعاملات بنحو 173.2 نقطة مسجلا مكاسب اعادت لوتيرة التداول الحيوية من جديد.
وصدقت توقعات الغالبية من المراقبين ومسؤولي الاستثمار في الشركات المحلية التي تناولت «الراي» آراءهم على مدار الايام الاخيرة حيث سجل السوق ردة جيدة سلك من خلالها المؤشر العام طريقة ليعوض جزءا من خسائره وليقفل عند مستوى 12.767 نقطة.
ويتوقع ان تزداد حدة المضاربة خلال الايام القليلة المقبلة الامر الذي قد يترتب عليه تذبذبا ملحوظا ما بين الارتفاع والانخفاض في مؤشرات السوق ولعل ذلك امر متوقع حتى يستعيد اوساط المتعاملين ثقتهم في السوق مرة اخرى، ولن يحدث ذلك في ساعات حيث جرت العادة ان يعقب التراجع الشديد حذرا واكتفاء بتحقيق عوائد بمقدار وحدة او وحدتين والخروج سريعا ومن ثم معاودة الدخول للشراء... وهكذا.
وتشير اوساط مالية إلى ان مصلحة المستثمرين بمختلف شرائحهم تكمن في توازن السوق وسط احتمالات بان تنتقل اعين الجميع إلى ما ستحويه نتائج الربع الاخير، بعد ان يسدل الستار على ارباح الربع الثالث منوهة إلى ان الارباح التي ستتضمنها الميزانيات السنوية للشركات المدرجة هي التي ستحدد ملامح التوزيعات النقدية والمنحة للمساهمين.
وتستبعد الأوساط المالية تكرار التراجع الذي مني به السوق خلال الايام الأخيرة ذلك لدى التعاملات المقبلة خصوصا وان التراجع الأخير كان له مسبباته الخاصة وكلها من خارج السوق حسب المتابعات الأخيرة... ولكن يبقى مرور وتيرة التداول بجولات تصحيحية من فترة الى اخرى أمرا واردا ونصحت الأوساط صغار المستثمرين بأن يتمعنوا في قراءاتهم للنتائج الدورية للشركات المدرجة قبل اتخاذ قراراتهم الاستثمارية الى جانب عدم الانصياع وراء المضاربات العشوائية.
وكانت تداولات الأمس قد شهدت دخول المحافظ التابعة لكبار الملاك من جديد على أسهمهم بعد هدوء وتيرة التصعيدات حيث لوحظ اهتمام هذه المحافظ بايقاف الخسائر السعرية لاسهم شركاتهم المدرجة.
وعلى صعيد أداء قطاع البنوك، فقد شهد بيت التمويل وبرقان وبوبيان عمليات شراء مكثف باعتبارها من الاسهم الآمنة فيما سجل سهما الوطني والخليج مكاسب محدودة بالنظر الى اسعارهما السوقية. أما قطاع الاستثمار فقد سجلت اسهمه صحوة ملحوظة انتهت بمكاسب واضحة لاسعارها السوقية ومنها على سبيل المثال ايفا والساحل والمدينة ومجموعة الاوراق وعارف واكتتاب وصكوك فيما تفاعلت بعض الشركات العقارية مع القوة الشرائية مثل الوطنية وجيزان وعقارات الكويت والارجان وأبيار وسط احتمالات بمزيد من النشاط خلال المرحلة المقبلة.
ومن ناحية أخرى، بدا اهتمام المحافظ والصناديق واضحا ببعض الاسهم الصناعية ومنها الصناعات الوطنية التي عوضت جزءا من خسائرها السوقية والهلاك والمعدات التي تشهد دخول عدة جهات لاهداف استراتيجية قد تظهر ملامحها خلال الأيام المقبلة وسط احتمالات بتوجه السهم الى مستويات سعرية جديدة.
وفي قطاع الخدمات، نشطت اجيلتي والسينما ومركز سلطان وآبار وميادين بعد التراجع الأخير.
وكان السوق قد أغلق امس عند مستوى 12.767 نقطة مرتفعا بمقدار ح و173 نقطة. فيما حقق المؤشر الوزني مكاسب بلغت 7.8 نقطة كي يقفل عند 737.93 نقطة وبلغت كمية الاسهم المتداولة نحو 474.5 مليون سهم بقيمة تصل إلى 208.06 مليون دينار نفذت من خلال 13.130 صفقة نقدية.