د. وائل الحساوي / نسمات / كيف ستقضي الحكومة على الفتنة؟!

1 يناير 1970 01:31 ص
تكلم سمو أمير البلاد في بداية العشر الأواخر من رمضان إلى شعبه بحرقة عن كل من يحاول الاساءة للوطن العزيز بإثارة النعرات الطائفية أو القبلية أو الفئوية وبث روح الفرقة والتعصب والتحزب وشق وحدة الصف، وطالب بالارتقاء بإعلامنا المقروء والمسموع والمرئي وممارسة دوره المنشود في تكوين ودعم الرأي العام المستنير.

لم يمض على كلمات سموه إلا أيام قليلة، حتى تفجرت أزمة في الكويت بسبب كلام مسموم تلفظ به إنسان حاقد في آخر الدنيا، وراح مجتمعنا في الأخذ والرد وتبادل الاتهامات، بالرغم من تفاهة القائل والمقولة، وقبلها تفاعل مجتمعنا حول أشرطة الشيخ الفالي الذي لم يكن مقيما في الكويت، وكذلك حول تصريح للشيخ العريفي من السعودية بحق الشيخ السيستاني في العراق.

ولم تكن التصريحات الخارجية فقط هي مصدر التوتر في الكويت، بل فتح علينا البعض الباب على مصراعيه بالتشكيك في مناهجنا والمطالبة بتعديلها بعد اتهامها بتكفير المجتمع، وقبلها دار جدل حول شبكة التجسس التي تم ضبطها.

إذاً، فيجب ألا نخادع أنفسنا بالقول إن الإجراءات الحكومية المتخذة لوأد الفتن في البلاد تكفي لإطفاء تلك النار، إن كل ما تفعله الحكومة لا يزيد على سكب جردل من ماء على حريق كبير، ثم تركه إلى أن يزداد ضراوة قبل سكب جردل آخر عليه.

لا شك أن كلمات الشيخ جابر المبارك لجريدة «الراي» قبل يومين: «أقول للاعبين بنار الفتن الطائفية لا تختبروا صبرنا... الوحدة والأمن والاستقرار خط أحمر»، هذه الكلمات مهمة وضرورية لوأد الفتنة، ولكن حتى الآن لم أعلم ما الاجراءات التي ستتخذها الحكومة لوأد الفتنة، لاسيما وأن الحكومة قد اعترفت بأن نوابا هم من يؤججون الفتنة، والحكومة أمام النواب كـ «جلمود صخر حطّه السيلُ من علٍ»، كما قال امرؤ القيس، والنواب هم ضحية ناخبيهم الذين يطالبونهم باتخاذ مواقف صارمة، لذا فنحن نتعامل مع «كور مخلبص»، ومسألة معقدة والحل لابد له من:

أولا: تدخل العقلاء من جميع التوجهات والانتماءات وأخذهم زمام المبادرة في رأب الصدع ومنع انتشار الفتنة، فما دام الهدف واضحا، وهو المحافظة على كيان دولتنا الصغيرة ومنع الانزلاق باتجاه الفتن فإن تحقيقه ممكن إذا خلصت النيات.

وها نحن نشاهد كيف عصفت التعصبات الدينية والطائفية والعرقية بدول ودمرتها عن بكرة أبيها، مثلما حدث بين قبيلتي الهوتو والتوتسي، أو ما حدث في لبنان من حرب أهلية مدمرة، أو ما نراه اليوم بوضوح عند جارتنا الكبرى العراق!!

ثانيا: لابد من تقييد حرية نواب المجلس في الخوض في جميع القضايا وتأجيج الشارع في الصغيرة والكبيرة، وذلك عن طريق تطبيق اللائحة الداخلية للمجلس ومحاسبة المتجاوزين، أو عن طريق تعديل اللائحة بما يضمن الحد من الاندفاع غير المدروس لبعض النواب، فلا يوجد مجلس تشريعي في العالم يعطي أعضاءه صلاحيات مطلقة، من دون أن يحاسبهم إلا في الكويت.

ثالثا: إعادة تنظيم قوانين المرئي والمسموع، بحيث تحد من تمادي القائمين عليها في تأجيج الفتن من أجل الكسب الرخيص وطلب الشهرة.





د. وائل الحساوي

[email protected]