هيام الجاسم / في الصميم / الشرطة النسائية في محك الانضباط!
1 يناير 1970
06:25 ص
أنا أعلم يقينا أن الحكومة اذا عزمت على فرض قناعتها ووجدت لها منفذاً قوياً لتسييد ما تؤمن به فلن تتوانى عن المضي به قدماً، سواء كان هذا المضي يشكّل اضافة كبرى أم صغرى، هذه سنّة جرت عليها الحكومات عبر الأزمان، وذلك من الحراك السياسي في تاريخ الأمم، الواقع يقول انه ومنذ أعوام عدة كان هناك ايمان حتمي بضرورة تأسيس قطاع نسوي من الشرطة يأخذن وضعهن المؤسسي في الدولة، وعملت وزارة الداخلية متمثلة في أكاديمية سعد العبدالله بتأسيس معهد لتخريج دفع متعددة من الشرطة النسائية، فكان لها ذلك الواقع الفعلي رغم تصاعد أصوات الرافضين، ورغم تقييم المقيّمين للتجربة!
عزيزي القارئ أنا أعتقد أن الدول التي تحمي نفسها باستراتيجيات كبرى بعيدة المدى عندما تتطلع لايقاع تنشئة لأي قطاع في الدولة ترسم سيناريوات متعددة لاستشراف المستقبل المقبل، وتلك السيناريوات تكون متزامنة مع رصد الواقع... هل هو مما يضيف ويخدم وينفع أم هو مما يضر ويؤخر، هذا الذي نتوقعه... عندما تابعنا قضية الشرطة النسائية بدءاً باعلانها وانتهاء بتخريج الدفعة الأولى منها، الكل يدرك أن هؤلاء الفتيات السبع وعشرين، وغيرهن، هن من رحم هذا المجتمع المحافظ على دينه وأخلاقه لذا نتوقع منهن أن يكنّ على قدر تلك المسؤولية بدءاً بالانضباط بقواعد الشريعة في المظهر والجوهر والخلق، وكذلك في السمت، مروراً بلغة الحوار مع الرجال قبل النساء، ناهيك عن أهمية الالتزام بقواعد المهنة المنوطة بهن، والتي من بينها سلوك مسلك الجدية والاتزان في تصرفاتهن كافة.
عزيزي القارئ نحن نكتب لننبه على مسالك نتنبأ بها تحسباً لمقبل نخاف على بلدنا من خطأ ترتكبه شرطية قبلتها الدولة ثقة بها، فخطؤها بألف خطأ اذ هي صارت شخصية عامة وسلوكها يمثل دولتها، اذاً لا نقبل منها أي كبوة، ولا نستطيع أن نبرر لها أن كبوتها كبوة الجواد، وانما ستجدنا مضطرين لمراقبتها مثلما نراقب سلوك الرجل الشرطي.
عزيزي القارئ نحن مثلما نطبطب على كتف من احترمت شرف هذه المهنة فنحن في السلطة الصحافية الرابعة نراقب عن كثب وننقد عن قرب ونضع كل مستجد تحت مجهر التقييم، لا نريد من أحد أن يلومنا فانما هو وضع جديد مستحدث غير معتاد عليه في بلادنا، فنحن نحب ديننا ولا نقبل بغير أحكام شريعتنا سيادة في حياة العباد والبلاد لذا كلما استجد أمر في ساحة بلادنا ستسمعون تعالي أصواتنا ندعو ونساهم ونشارك في اضفاء الانضباط بدين الدولة الذي هو الاسلام.
عزيزي القارئ انك تؤمن معي أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق أهل العلم والذكر في البلاد بالتواصي والتناصح بالوسائل المتاحة كافة مع مسؤولي الدولة في الداخلية مباشرة، فالوزارة هي المعنية بالدرجة الأولى في ضبط ما يجب ضبطه فهي صاحبة القرار الأكبر في تضبيط وفرملة هؤلاء النساء من الشرطة وفق ضوابط الشريعة وقواعد المهنة، اضافة لذلك فان الذي يهمني كثيراً وأخشى ما أخشاه أن تنقلب هذه المهنة بصويحباتها الى التخلي عنه... روح الأنوثة في ملمحيتهن وأصواتهن وطريقة مشيتهن وحتى في سلوكياتهن اليومية، نريد من النسوة الشرطيات في مجال وظيفتهن أن تحمي كل واحدة منهن جانب الأخلاق والآداب، وهن يلتزمن طابع المرأة المحترمة لطبيعتها النسوية فيها والمرتبطة بقواعد شريعتها، الملتزمة بسمت وأخلاقيات مهنتها.
بصراحة عزيزي القارئ الواقع الذي نعيشه كل يوم في بلادنا لينبؤنا عن توقعات مزعجة بل ومخالفة لشريعة الله في عدد من وظائف النساء، نحن لسنا بمعزل عن الاحتكاك فيمن حولنا من الموظفات في المطار والأسواق، وحتى السجون النسائية قد زرناها، فئة من شريحة الموظفات هنا وهناك تبدو عليهن مسالك لا تمت بصلة بأخلاقيات المهنة التي يمارسنها، فضلاً عن طريقة ارتداء الحجاب الفاتن الذي هو في حد ذاته لافتاً للأنظار، وفضلاً عن افتقاد البعض منهن الاتزان في طريقة التحدث مع الغير، المجتمع ليس غبياً، ولا هو ببعيد عن الشريعة ولن يتقبل أي أعمال لا تتناسب مطلقاً مع كرامة المرأة ولا دينها ولا أنوثتها ولا طبيعتها... بقدر ما نحن في حاجة لشرطة آداب من النساء ليقمن بدور الانكار الأخلاقي على أي فتاة تخل بالآداب العامة في أماكن تجمعات النساء، الا أننا في المقابل ليس عندنا ضمانة أن كل من تتخرج ستمارس دورها الفعّال بطريقة متقنة، نحن لا نريد شرطيات يحتجن لحماية، ولا نرضى ولا نقبل أن نسمع يوماً ما عبارة «حاميها حراميها» عن بعض الشرطيات، كما سمعناها مراراً وتكراراً عن بعض الشرطة من الرجال! سندخل حينها في دوامة... من يحمي من!
هيام الجاسم
كاتبة كويتية