|ابتسام السيار|
ماذا يعني لنا شهر رمضان؟ هل هو شهر نكون فيه من عباد الله الصائمين القائمين العابدين والمقبلين بشغف ولهف على الطاعات، وفي النهاية ينتهي كل شيء؟ ام انه شهر النوم في النهار والسهر حتى الفجر في متابعة المسلسلات والجلوس في المقاهي؟!
ان رمضان دورة تدريبية على الاستقامة اي يثبت لنا اننا نمتلك القوة في التحكم في اقوالنا وسلوكياتنا بحيث نستطيع بها دوام الاستقامة على اوامر الله تعالى بعد رمضان... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذا جاء رمضان فتحت ابواب الجنة وغلقت ابواب النار وصفدت الشياطين» رواه البخاري.
ان البعض يستعد لهذا الشهر منذ عام لما فيه من خيرات فأوله رحمة واوسطه مغفرة واخره عتق من النار، فالمسلمون يتسابقون فيه لفعل الخيرات من مساعدة المحتاجين واخراج الزكاة والصدقة وايضا العبادة من صلاة الفرض والنافلة والاذكار وتلاوة القرآن.
وهناك فريق من المسلمين «العابدين» يتفرغون من اعمالهم ليتأهبوا ويستعدوا للعبادة فقط، ولامكان عندهم للعمل في هذا الشهر فهو شهر العبادة فقط وهو فرصة تتضاعف فيها الاعمال وتشحن فيها الهمم ويزداد الايمان، ويتزود المسلم لبقية العام «وتزودوا فإن خير الزاد التقوى».
وفريق آخر «الربادة» يتخفف عن عمله لا ليعبد الله، بل يصرف وقته في النوم طوال النهار حتى لا يشعر بالجوع ولا العطش، وهناك من يمارس رياضة المشي بملابس فاضحة في النهار وبرفقة كلب! ومنهم من يستيقظ قبل الافطار بخمس دقائق تقريبا وبمجرد ان يسمع مدفع الافطار وكلمة «الله اكبر» يشعل السيجارة بدلا عن التمر والدعاء، ويقضي طوال الليل بين حرب القنوات الفضائية امام المسلسلات والمسابقات واللهو وبين المقاهي الرمضانية بدلا من العبادة.
فشهر رمضان يجتهد فيه المسلمون وهم فريق «العبادة» فلماذا لا نخطط في هذا الشهر مثلا بتخصيص ساعة بعد كل صلاة لتلاوة القرآن ونصف ساعة للاذكار وللاستغفار بعد الافطار نصلي التراويح جماعة في المنزل للنساء، والرجال في المسجد، وساعة يوميا بين الاسرة للدروس الدينية والحرص على قيام الليل، فكل هذه الاعمال اجرها كبير ومضاعف كما لا ننسى الاعتكاف في العشر الاواخر صلة الأرحام.
فالعمل هنا يكون بين الشمول والعمق، ويمزج بين العلم والعبادة فهو منهج يجمع بين العقل والروح وبين الدعوة وبين الثقافة والجهاد وبين الدنيا والاخرة، ويوازن بين مصلحة الفرد والجماعة.
هنا اود ان اتكلم قليلا عن فريق «الربادة» واخص بعض الموظفات في هذا الشهر خصوصا من المفترض ان تكون محتشمة بلباس فضفاض، لكونها صائمة وان تكف عن الغيبة والنميمة، الا اننا نجد عكس ذلك، فبعضهن يرتدي ملابس ضيقة وشفافة وكأن شهر رمضان مثل بقية الاشهر ومنهمن من تضع المكياج والعطورات وتجلس بلا عمل، تتكلم عن فلانة وفلانة وعن وصفات مختلفة للاكل فكيف يحتسب ذلك صياما لك، وانت تفتنين وتتكلمين في الغير، وايضا تقضي وقتها بين المعارض تبحث عن الملابس والاحتياجات وفي الجلوس في المقاهي طوال هذا الشهر الفضيل الذي «اوله رحمة واوسطه مغفرة واخره عتق من النار» الا اننا للاسف نجد بعضا من النساء في اوله تنشغل بزيارة الاصدقاء والاقارب، وفي أوسطه تجدها بين الغبقات وحفلات القرقيعان، وفي العشر الاواخر تلهو بشراء ملابس العيد والصالونات، ولا تتعبد الا في الليلة السابعة والعشرين، وقد انتهى الشهر دون عبادة!
اعزائي في كل سنة نستقبل ضيفا عزيزا على قلوبنا، وهذا الضيف لا يأتي في العام الا مرة واحدة فهو الشهر الذي انزل فيه القرآن، وشهر تفتح فيه ابواب الجنان وتغلق فيه ابواب النيران وتصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة عظيمة ليلة خير من الف شهر وهي ليلة القدر، فلنبادر باستثمار هذا الشهر الكريم في الطاعات.
اللهم بارك لنا في رمضان واعنا فيه على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان واجعلنا من عتقائه يا ارحم الراحمين وتقبل الله طاعتكم.
[email protected]