سلطان حمود المتروك / حروف باسمة / من دريشة الشهر الفضيل
1 يناير 1970
07:58 ص
شهر كريم أقبل علينا، ترى الناس فيه قياما وقعودا وركوعا وسجودا، يبتهلون للكريم العزيز ان يتقبل صيامهم وقيامهم وأن يحقق أمانيهم ويثيبهم الحسنات في الاخرة، ويسدد ما يهدفون اليه من غايات طيبة في صفاء النفوس وبياض القلوب ونقاء الألسن في هذه الحياة الدنيا حتى يكونوا وهم يقطنون على هذه الأرض الممتلئة بالخير نسيجا واحدا، ورأيا واحدا، ولسانا واحدا، وكذلك أذنا واحدة وصاغية لما ينفع الوطن ويعمل على تقدم الأمة.
عزيزي القارئ، رمضان الكريم في الايام الماضية وفي العقود التي تصرمت كانت له رائحة ونكهة على قلة ما في اليد وضنك الحياة. فقبل ان تثور الواردة ترى الناس يهرعون إلى بائع الثلج لكي يشتروا قطعة منه يضعونها في مائهم وما أعدوا من أشربة حتى تطفئ عنهم حرارة الظمأ لله درهم.
أين نحن الآن؟ والجميع يزحفون إلى الجمعيات التعاونية زحفا كي يأخذوا ما يريدون وما لا يحتاجون اليه، والخير ينزل متدفقا، ولكن البعض كلما اغتنى من مأكولات ومشروبات التي تزخر بها الجمعيات التعاونية والاسواق، الا انه ظن بأنها ستنضب فيهرول إلى الاغتناء لمزيد منها رغم عدم الحاجة اليها.
لماذا والله لست أدري!
كنا قديما وقبل ان تثور الواردة تتداول اطباق المأكولات من هريس ولقيمات وحلوى بين بيوتات الفريج وكلها أطباق بسيطة ومقننة من صنع الامهات والبنات. فهل الآن تتداول هذه الاطباق نفسها بين الفرجان، في الوقت نفسه كما كنا قديما أم ذهبت نفحات أطعمة بيبي وحصة ومريم وفاطمة وعزيزة وأمينة أدراج الرياح وأخذت الافاق قبيل الفطور تجللها عبق أطعمة كومار وماري وجاكوب، شتان بين النفسين.
السلام على أنفاس أمهاتنا واخواتنا وعماتنا وخالاتنا التي ذهبت معهن يرحمهن الله، ونسأل السلامة للباقات كي ينشرن عبق اغذية رمضان بين أوساط الأسر.
عزيزي القارئ تأملات كثيرة عندما نطل من دريشة رمضان، فللغبقة نكهتها قديما وللقرقيعان سمته وخصائصه وطريقة ادائه، وكثير من العادات الرمضانية القديمة كادت ان تفقد صبغتها الماضية.
عزيزي القارئ نسأل الله ان يجعل في هذا الشهر الكريم صيامك فيه مقبولا، ونومك فيه عبادة، وأنفاسك فيه تسبيحا، ودعوتك فيه مجابة، إنه هو ولي ذلك والقادر عليه.
عساكم من عواده
سلطان حمود المتروك
كاتب كويتي